في تفاعل سريع مع قصيدة الشاعر حسن الزهراني التي وجهها كخطاب رسمي لمدير تعليم الباحة طالبا فيها إحالته للتقاعد بعد خدمة ثلاثة عقود في سلك التعليم كان ختامها مديرا لمركز الإبداعات الأدبية بالباحة، جاء تفاعل الشاعر صالح جريبيع والذي كتب رائعة أخرى على لسان مدير التعليم وهي بمثابة (شرح لخطاب / قصيدة التقاعد) موجهة لمدير شؤون الموظفين جاء فيها: رأينا كتاباً بالجلالةِ أُمهرا .. وفي طيِّهِ نهرُ البلاغةِ قد جرى ويا ليتَنا لمّا أتانا رسولُهُ .. رَدَدْناهُ حتّى لا نُصَابَ بما نرى كتاب ُ وداعٍ من رفيقِ نضالِنا .. يذكّر أنَّ العمرَ ولّى وأدبرا وأنَّ نهار َالبذلِ حانَ رحيلُه .. وأنَّ ربيعَ الصبرِ ما عادَ مزهرا وأنّا جميعاً سائرون بإثرِهِ .. تقدّمَ منّا بعضُنا أو تأخرّا وأنَّ شتات العمرِ قد حانَ جمعُهُ .. لننعمَ بالباقي ونحيا ونفخرا بأنّا البناة ُ الأولون وأنّنا .. زرعنا لنا غرساً فطاب َوأثمرا فيا صاحب َ الديوانِ خُذْ بكتابِهِ .. ولا تخبروهُ أنَّ دمعيَ أَمْطَرا وقولوا لهُ ما دام هذا قرارُهُ .. وداعاً فإنّا قد أمرنا بما جرى وكان حسن الزهراني قد خرج عن الخطابات التقليدية المعتادة واستبدلها شعرا من خلال قصيدته الشهيرة التي لقيت صدى واسعا، حيث كانت بمثابة طلب التقاعد ولكنها بشكل أدبي مختلف -حيث شرح فيها لمدير التعليم بموافقته على التقاعد المبكر- والتي جاء فيها: ثلاثون لن أنسى ولن أتذكّرا .. ولن أخبر العمر الشريد بما جرى ثلاثون أنفاس الثواني تعدّني .. وتنثرني قمحاً على سَغَبِ القُرى وتكتب ما يُملي نُهى الشمس في دمي .. شهيقا زفيرا في مدى النور أبحرا وتعزف آمالي (كمانات) صبرها .. وتزرع آلامي على وجع الثرى وتحملني أنوَاؤها طَيفَ غيمةٍ .. وأُمطرُ في الأرواح عشقا معطرا ثلاثون مصباحي يقيني ودفتري .. خيالٌ فسيح فوق ما تحلم الذرا ثلاثون تصطفّ الوجوه حمائما .. بذاكرتي تتلو هديلا مُبِشرا يراعي (عصا) موسي، وَجَنبَايّ (ناره ) .. وفي كفّيَ البيضاء ما يُبهج السُّرى أبي غرس الإخلاص في النبض نخلةً .. وعاهدته ألاّ يُباع ويُشترى وأمّي على نهر الدّعاء تصبّني .. وفاءً بما ترجو الصباحات أثمرا وعامٌ أتى بعد الثلاثين فائحا .. بِمسك ختامٍ بالنجاح تأزّرا وتعد هذه الأدبيات أمرا جديدا حيث لم نتعود إلا على الخطابات التقليدية وكونها تصدر من شاعرين مرموقين وينتميان لسلك التعليم فذلك يعد شهادة لمخرجات التعليم وأنها تسير في الاتجاه الصحيح، كما انها تدلل أن الشعر باق بمكانته ووهجه وأنه يتربع على قمة فنون الأدب عامة.