الشاعر العربي العظيم مؤيد الدين الحسين علي بن عبدالصمد الذي اشتهر بالطغرائي، الذي شهدت أصفهان مولده سنة 453ه كما شهدت مقتله سنة 515ه له ديوان ضخم، طبع عدة مرات، لكن لامية العجم على وجه التحديد هي أشهر قصائد هذا الديوان، وقد سميت القصيدة لامية العجم رغم أن صاحبها عربي وإن كان قد ولد في أصفهان تمييزاً لها عن قصيدة رائعة أخرى لكنها أسبق منها زمنياً، وهي قصيدة لامية العرب للشنفرى أحد الشعراء الصعاليك وهؤلاء الشعراء العظماء لم تأت شهرتهم من فراغ فقدرة الشعر على هز النفوس وتحريك القلوب ليست فقط نتيجة تركيبة كلامية منمّقة ولكن الأمر أبعد من ذلك حيث هي قوة العبارات ونظم الكلمات وإيقاع الحروف بطريقة تنعش الحواس وتستجلب مخزون العواطف بما تحتويه من حكمة كل هذا في قالب من التصاوير الذهنية الابتكارية، وهذه الأخيرة التي في رأيي الشخصي تُفرِق بين شاعر من العيار الخفيف وآخر من عيار ابي الطيب وغيره من عمالقة الشعر، والطغرائي في قصيدته العملاقة لامية العجم ابدع أيما إبداع في تصوير مفاتيح الفأل واستشراق الحياة في بيته الرائع: أعلل النفس بالآمال أرقبها ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل وكأني بهذا الشاعر الحكيم يقرأ معي نظريات طب النفس الحديثة التي تؤكد الأهمية القصوى لعملية الفأل بالقادم ومردوداتها الضخمة على النفس والجسد وهي إحدى عجائب الخلق التي زُرِعت في بني البشر زرعاً لتحقيق رسالة إعمار الأرض ومن باب استجلاب الحكمة القديمة والتي ما زادها الزمن الا عبقاً وقوة، وقد رأيت في وسط ركام أخبار الشرق والغرب والبؤس الذي تحتمله كثير من السناريوهات العسكرية والاقتصادية في العالم من حولنا، رأيت تفعيل انقلاب ابيض على ما بداخلي من إحباطات استرشاداً بسيدي رسول الله صلى الله عليه وسلم كما جاء في صحيح البخاري في كِتَاب الطِّبِّ. من باب الْفَأْلِ. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: (لَا طِيَرَةَ وَخَيْرُهَا الْفَأْلُ) قَالَ وَمَا الْفَأْلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ (الْكَلِمَةُ الصَّالِحَةُ يَسْمَعُهَا أَحَدُكُمْ). والفأل شعور داخلي جميل يستجلب الأمل الذي نحن بصدده ولقد أعجبني أيما إعجاب ما قرأته عن تعريف الأمل على أنه رجاء عفو الله ومغفرته للإنسان، فالإنسان دوماً في حال رجاء لله تعالى وهو عز وجل يغفر له ما يحصل منه من أخطاء وذنوب، وهو في الحقيقة بين الخوف منه ورجائه تعالى وبهذه في الموازنة بين الخوف والرجاء ينشط الإنسان للعمل والطاعة ولا يصيبه اليأس أو القنوط إذا أخطأ أو وقع في معصية، لأنه يعرف أنه إذا تاب توبة نصوحا، وأدى حقوق الخلق عليه فإن الله يغفر له ويرحمه. ويمكن أن يُعرَّف الأمل من زاوية أخرى على أنه انتظار الفرج وكشف البلاء، وزوال المصيبة، وتوقع حصول الأفضل. والأمل له مفعول إحياء الموات كما هي الروح للجسد فلولا الأمل ما بنى بان, ولا غرس غارس, ولولا الأمل لما تحققت كل الإنجازات التي وصلت إليها البشرية وذلك لأن المخترع لم يتمكن غالبا من تحقيق انجازه من أول مرة وتراود ذاكرتنا دائماً قصص الاحباط التي قضى عليها الأمل كما هو في قصة أديسون بعدما أخطأ 999 وبصرف النظر عن صحة الرقم الا انه في آخر مرة نجح في صنع أول مصباح كهربائي أما اليأس والعياذ بالله فهو توأم الكفر، لأنه سوء ظن بالله قال الله تعالى: «وَلاَ تَيْأَسُواْ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ» (يوسف:87) وفي معركة أحد يقول المولى عزوجل «وَلِيَبْتَلِيَ اللّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحَّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ» (آل عمران: 154) والابتلاء في الصدور، أما التمحيص ففي القلوب التي في الصدور، والقارئ بعين فاحصة لكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم يستشعر ان الشفرة السرية في الفأل والأمل الذي ينتهي بالسعادة هو -لا محالة- بالقرب من الله سبحانه وتعالى والتعلق به، أما ترك حبل الحياة على قارب التكهنات وخصوصاً في هذه الأيام فهو بلا شك محبط، والحقيقة التي يجب استشعارها من الجميع أن لعبة الإعلام الدولية التي يسيطر عليها اليهود هي المشكِل لمعظم المشهد الإعلامي في هذه الفترة من الزمن وهم يحركون مساعديهم ورموزهم وقت الحاجة ولا أدل على ذلك من ظهور وزير الخارجية الأمريكي العجوز رتشارد نيكسون الذي خرج مؤخراً من بياته الطويل ليعلن أو يرجف قلوب من هم مهيأون لذلك بخطة أمريكا كقطب قوى عالمي أوحد للسيطرة على العالم وهو كما علقت عليه في وسائل الاتصال ادخال للارهاب في نفوس الناس وحديث نيكسون وهو اليهودي الخبيث اعتقد انه موجه استخباراتياً وهو كاذب لانه يتعارض مع احاديث فتن آخر الزمان ودور المسلمين الرائد فيه وهو اغفل حتمية غلبة هذا الدين كما ورد في حديث تميم الداري رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر إلا أدخله الله هذا الدين بعز عزيز أو بذل ذليل عزاً يعز الله به الإسلام وذلاً يذل الله به الكفر» وبمثل هذا نطلق الفأل الذي يقودنا لتحقيق رسالتنا الكونية فقد صدق الله ورسوله وكذب نيكسون وعصابته، والله المستعان على ما يصفون.