شتان بين من يلعب فوق الطاولة وعلى المكشوف، وبين من يلعب تحت الطاولة "وبالمغشوش". اللعبة مستمرة، لكن البعض يمشي على السيرك، ووقوعه محتمل في أي لحظة، حتى لو لبس دور البطل الذي لا يهزم في الأفلام العربية. لا أعرف كيف يرتضي البعض لأنفسهم لباسا ليس لباسهم في المشهد الرياضي، ونسوا أن خشبة المسرح الرياضي مكشوفة، لا يمكن لأي حركة فيها أن "تتدلس" هنا وهناك. في مشهدنا الرياضي حكايات أقرب إلى الخيال، وفصول أقرب إلى الذهول، والفوضى تعم، والتنظيم يخص، ولكن الأقرب من كل ذلك هو ظهور (الكمبارس) بطلا، والأخير (كمبارس) في معادلة تقديم المؤخر، وتأخير المقدم. لم يعد للمنطق أنصار، ولا للفوضى أعداء، إلا ما رحم ربي، وكرة الثلج تتدحرج لأبعد مدى، وقد يحركها من يتظاهر بالأول (المنطق)، وقد يوقفها تحت مسمى رمية من غير رام من يمنع في الفوضى. والبعض مكبر (الوسادة) تحت المقولة الشهيرة (لا يعجبه العجب ولا الصيام في رجب) فكل شيء في نظره مرفوض وأي عمل غير مقبول إلا إذا كان يوافق هواه وميوله ومصالحه. أما البعض منا، فلا يمكن أن تفهم (مشيته) يحلل لنفسه ما يحرمه على غيره، ويمارس البلطجة في إطار التنظير، ويأخذ على غيره ولو خروجا بسيطا عن النص، وهؤلاء أقرب للتهريج بثوب الثقافة والنقد. وفي المشهد لاعبون فضلوا الاختباء وراء الأسماء، وأحيانا يكون الظاهر في المشهد صورة، واللعبة تدار من خلفهم. أما أولئك الذين يرتضون الظهور في مسرحية (شاهد ما شفش حاجة) فهم (مع القوم ياشقراء) قمة في المدح وقمة في الذم يسيرون مع الموجة، وبعضهم مع الفائز، ولا بأس في الدفاع عن المهزوم في الساحة الرياضية إذا اقتضت المصلحة أو الصداقة. وما يجعلك تسبح في بحيرة (الضحك) ميل بعضنا للمثالية، وهو يمتلئ من رأسه حتى أخمص قدميه حقدا وحسدا لغيره، فما يقوله في الظاهر من أطنان كلمات زائفة يعمل عكسه بشكل مضاعف في ضرب الآخرين حتى وإن كان تاريخه صف أول ابتدائي، وتاريخ غيره شهادة الدكتوارة. ومع ذلك لابد أن نغني مع جورج وسوف (لسه الدنيا بخير) ورياضتنا فيها من الأفذاذ ما يجعلها تعود لساحة النقاء والصفاء وهما العنوان الأبرز لرياضة الأمس التي حققت الإنجازات بدون الخروج عن النص لا في الفضاء ولا في الورق. تبقى الساحة مليئة بالتناقضات، ولكن الأمل أن يتحول ذلك الألم لصرخة تعيدنا لما كنا عليه من لغة تسامحية بعد أن فرطت السبحة في التسابق المقزز نحو لغة الأذى.