ما أن يسأل أحدهم عن افضل حقيبة ظهر في سوق الخجا وسط دمشق حتى يعرف صاحب المتجر مباشرة ان السائل قرر الهجرة عبر البحر الى المانيا التي باتت ارض الاحلام بالنسبة لآلاف الفارين من الصراع الدامي في البلاد. وبالنسبة للعديد من الدمشقيين المتعبين من الحرب، يكمن الامل اليوم بالفرار الى الخارج عبر تأشيرات دخول نظامية او عبر رحلات التهريب المضنية. ويشرح البائع وليد لزوجين شابين ميزات احدى حقائب الظهر في محله اذ انها "مريحة" لرحلة طويلة على الاقدام، ويمكن نزعها بسهولة في حال حصول طارئ، والاهم انها تطفو على الماء. ويخاطر الفارون الى اوروبا بحياتهم عبر السفر بحرا على متن قوارب مكتظة بالركاب بعد دفع مبالغ باهظة للمهربين. ويقول وليد "ابيع 20 حقيبة يوميا الى زبائن من كل الاعمار. حتى العائلات باتوا يقومون بشرائها"، ويضيف "ليس هناك ضرورة للسؤال، انها حقيبة لاجئين". وفي سوق الخجا المتخصص ببيع حقائب السفر، يؤكد التاجر ابو محمد ان حوالي ألف حقيبة ظهر تباع يوميا. وازداد الطلب مؤخرا بشكل كبير على تلك الحقائب حتى اصبحت ورش العمل في السوق منكبة على تصنيعها. وفيما يختار المسافرون عن طريق البحر حقائب الظهر، فإن حقائب السفر التقليدية تقع من نصيب الحاصلين على تأشيرات دخول. ويقول وليد "اطلق عليها حقائب التأشيرات اي انها مخصصة لهؤلاء الذي اختاروا السفر الشرعي"، مشيرا الى انه لم يعد يبيع منها سوى "اثنتين او ثلاث في اليوم". اختار أصحاب المهن الخاصة أو الطلاب الحصول على تأشيرات دخول الى المانيا، ومن اجل بلوغ هذا الهدف يكرسون وقتهم لتعلم اللغة الالمانية. وبدأت 25 مدرسة على الاقل بتعليم اللغة الألمانية لتلبية الطلب المتزايد بعد إغلاق معهد "جوته" الالماني أبوابه في بداية الازمة في العام 2011، ويبلغ عدد طلاب اللغة الالمانية في هذه المدارس اليوم حوالي ألف شخص. ودفع "الاقبال القوي جدا" معهد "ابن سينا" للغات في دمشق الى استبدال صفوف تعليم اللغة الانكليزية بالالمانية، بحسب ما قال مدير المعهد محمد العمري. واكتست جدران المعهد بخرائط المدن الالمانية لتظهر الاهتمام الخاص الذي يوليه المعهد للغة الالمانية. ويرغب احد طلاب المعهد مؤمن زرزور (26 سنة) وهو طبيب يختص بالامراض الباطنية بإكمال اختصاصه في المانيا "بسبب التسهيلات التي تقدمها". ويقول زرزور إن طلب تأشيرة دراسية الى السفارة الالمانية في بيروت "يتطلب التسجيل في إحدى الدورات اللغوية وتقديم كفالات مادية او فتح حساب مصرفي بقيمة 8200 يورو، مشيرا الى ان الحصول عليها "يستغرق نحو شهرين". ويحلم السوريون بمدن المانيا وبحياة افضل فيها، ونشروا صورا للمستشارة الالمانية انغيلا ميركل بلباس سوري تقليدي وكتبوا عليها "ماما ميركل" التي اعلنت عن تسهيلات للاجئين السورين. واستقبلت المانيا حتى الان اكبر عدد من اللاجئين مقارنة مع اي دولة أوروبية أخرى.