على رغم انه لم يكمل تعليمه الابتدائي ولم يدرس لغات أجنبية، أصبح الخطاط زهير زرزور (80 عاماً) «شيخ الخطاطين» السوريين باعتراف زملائه وهو يكتب باللغتين العربية والانكليزية ولا يتقنهما. يرفض زرزور الذي يترأس «جمعية الخطاطين» في سورية ادخال التقنيات الحديثة في عمله ويصر على رغم ضعف بصره على انجاز طلبات زبائنه من لوحات خط واعلانات بريشته الخاصة «التي تحتاج الى معلمية» على حد قوله. ويضيف: «زبائني من اميركا واليابان وفرنسا وانكلترا وايطاليا وكان عندي قبل أيام تلاميذ من ماليزيا وسنغافورة درستهم فن الخط وعادوا الى بلادهم خطاطين محترفين». ويعترف زرزور الذي ما زال يزاول عمله في دكانه الصغير بالقرب من سوق الصالحية الشهير (وسط دمشق) والذي افتتحه قبل 60 سنة بوجود «خطاطين سوريين على مستوى عالٍ من الحرفية وبعض تلامذته تفوقوا عليه، لكنه يعتقد بأن «التزوير» دخل الى هذه المهنة من طريق الكومبيوتر عبر البرامج التي جلبها خطاطون ايرانيون الى البلد، ويصر على الكتابة بريشته الخاصة التي تحتاج الى «معلمية»، ويرفض رفضاً قاطعاً التعامل مع الكومبيوتر لأنه ما زال يعتبر أن الخط «فن وابداع». ويعتقد زرزور الذي يملك أكثر من موهبة منها الرسم والموسيقى والغناء اضافة الى الخط أن تربيته المنزلية أثّرت فيه حيث كانت والدته اللبنانية الاصل تسمعه الموسيقى منذ ولادته فأصبح متذوقاً لها وعازفاً على العود وبات لاحقاً عضواً في «فرقة الدراويش» للموشحات الدينية الشامية. اكتشف زرزور موهبته في الرسم والخط عندما كان في السابعة من عمره اذ تعلم رسم «خيال الظل» الذي يثيره مرور أحدهم من أمام السراج «لأن الكهرباء كانت قليلة في ذلك الوقت» بقلم الرصاص على الجدران، وهنا بدأ برسم فن «السيلوويت» الذي أصبح رائداً فيه ونشره في سورية ومصر. ويقول زرزور: «أحببت أن أتقن هذا الفن فدرسته في مدرسة فرنسية (ABS) من طريق المراسلة وأدخلته الى سورية للمرة الاولى حيث كان رسم الصورة يستغرق نصف دقيقة». ويشير الى انه بعد ان ترك المدرسة الابتدائية عمل مع والده دهاناً في ترميم البيوت الدمشقية القديمة وتعرف هناك على جمالية الخطوط وأنواعها في زخارف هذه البيوت قبل ان ينتقل الى العمل في الجيش الانكليزي عند دخوله الى سورية في أربعينات القرن العشرين وبات يخط نقلاً باللغة الانكليزية التي لا يتقنها. وفي عام 1947 انتسب زرزور الى القوى الجوية وهناك بدأ العمل في جناح الطيران في «معرض دمشق الدولي» بعدما أثبت لأحد مسؤوليه مهارته في رسم «السيلوويت» واستطاع رسم قائد الجيش حينها جمال فيصل عند زيارته للمعرض، كما صوّر فرقة «ساعة لقلبك» وفرقة «الهارموني» في القاهرة وكبار الفنانين السوريين والمصريين قبل ان ينقل هذا الفن الى مصر من طريق بعض أصدقائه من الفنانين. ويؤكد زرزور أن عمله في «شركة الطيران السورية» حيث كان يخط على الطائرات ويرسم الأعلام لإعطائها هويتها، ساهم كثيراً في خدمة فنه إذ استطاع المشاركة في معارض خارج سورية في ألمانيا ومصر والاردن وإيران وايطاليا وغيرها من البلدان. شارك زرزور بلوحاته في ثلاثين معرضاً جماعياً للخط العربي وأقام معارض فردية داخل سورية وخارجها، ويفتخر بأنه خطّ أول خلفية لوحة للملاعب «اسبارتكاديا» من 11 كلمة وينتقد لجوء بعض الجهات الرياضية الى الصين لكتابة اللوحة ذاتها، كما شارك في كتابة الصفحة الأولى لأكبر مصحف في العالم والذي بلغ وزنه 150 كيلوغراماً وشارك في كتابته كبار الخطاطين من 18 دولة دولة إسلامية.