التزام العادات السلبية أمر مضر بالفرد والمجتمع خصوصا إذا أعاقت عن التفكير السليم للتطور والتغير نحو الأفضل، حينها سيؤثر هذا الخلل على المصالح العامة في ذلك المجتمع المتمسك بتلك العادات السلبية، التي تزيد المجتمع تخلفا وتراجعا. إن كثيرا من العادات السلبية تضخمت حتى أصبحت خطا احمرا لا يمكن تجاوزه مع تعصب الناس لها، والواجب أن ينظر للدين فإن ردها فلا يجوز اتباعها وإن سكت عنها فلا يجوز لنا فرضها أو إلزام أحد بها أو الغضب لعدم تطبيقها بل تبقى مباحة. إن أكثر الناس يؤمن بهذا ويقرره، لكنه لا يملك الشجاعة بالتخلي عن العادات السلبية لدرجة يعسر على أكثر الناس تركها خوفا من المجتمع وسطوته. إن العادات تشكل جزءا كبيرا من حياة الناس وشخصياتهم وأسلوب تفكيرهم وسلوكهم، ووقعها مؤثر في المجتمع وتشكل خللا كبيرا في تقدم وتأخر الأمم دينيا ودنيويا، والواجب أن تكسر مهابة مخالفة العادات السلبية بأن نعمل بما نقرره ولا نكتفي بالتحدث به فقط، فتطور المجتمع وتقدمه يجب أن يكون هدفا للجميع يشاركون فعليا في تحقيقه. إن كثيرا من العادات السلبية تسببت في الكثير من التخلف والخلل والتراجع والآلام فترك كثير من الشباب مثلا الأعمال المهنية والحرف بأنواعها، حتى يظل الشاب بغير عمل مع حاجته تعايبا من المهن وخوفا من نظرة المجتمع، ورفض الفتيات الدراسة والعمل في الطب والتمريض مع كونهما علما وعملا مباحا وفيه كسب رزق وإعانة لغيرهن من النساء خوفا من العيب المزعوم أو خوفا من ألا يتقدم لخطبتها الرجل المناسب، كل ذلك خلل تسببت فيه العادات؛ فالمهن عمل فيها الأنبياء. وهذا الخلل يظهر تناقضا عجيبا في المجتمع، ألسنا نطالب دوماً بطبيبات وممرضات من أجل نسائنا؟ أم أننا نتكلم ولا نطبق! ولماذا يتراجع ويقل خطاب الفتاة الطبيبة أو الممرضة ومع ذلك نطالب بها في مجتمعنا. إننا يجب أن نتخلى عن هذه العادات التي ما أنزل الله بها من سلطان، إنه مازال وللأسف يعاب في بعض مجتمعاتنا ذكر اسم المرأة في مجتمع الذكور، ويعاب كتابة اسمها في دعوات الزواج فيكتب (كريمة فلان)، ويعاب تسجيل اسمها في الهاتف المحمول خوفا من أن يراه أحد! وهناك من يخجل من الرد عليها بين أصحابه، فهل هذا من الدين؟ أعتقد أن الجميع يعرف أسماء زوجات رسول صلى الله عليه وسلم، وقد كان رسول الله يتحدث عن زوجاته ويذكرهن بأسمائهن، وأسماء كثير من الصحابيات تذكر بين يديه عليه السلام من غير نكير، فالمرأة مكملة للرجل وليس من الدين إخفاء اسمها أو تحاشي وجودها بكل مكان عام فالنساء شقائق الرجال، وإذا كنا نريد للمرأة قيمة فاعلة في المجتمع فعلينا أن نتيح وجودها بالشكل الفاعل المناسب لتبني المجتمع بشكل ايجابي وليكون لديها إنتاج وعمل حقيقي ومؤثر، ولنحفظ حقوقها بالابتعاد عن هذه العادات السلبية التي تندمج لدينا كثيرا مع الدين فتحرم المرأة كثيرا من فرص العلم والعمل والعبادة ويتربى الأجيال والناشئة على التعصب لعادات سلبية قبلية أو اجتماعية مضرة بهم أولا ثم بذويهم من الذكور والإناث ثم بالمجتمع. إننا إذا تعلمنا أحكام الدين بالبرهان الصحيح ودرسنا سيرة رسول صلى الله عليه وسلم وتأملناها بحياد فسنستطيع أن نفرق بين العادات والتقاليد التي أصبحت دينا وأضرت بالفرد وبالمجتمع وبين الدين الذي هو بريء منها. إن هناك الكثير من العادات التي كانت محل تعصب ومع الوقت وزيادة الوعي تخلى عنها المجتمع ولله الحمد، فعلينا ألا نتعجل في الحكم على الأشياء والتعصب لها أو عليها لمجرد تعودنا عليها، ويكفينا عظة قوله تعالى: «وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول قالوا حسبنا ما وجدنا عليه آباءنا أولو كان آباؤهم لا يعلمون شيئا ولا يهتدون».