تمت الموافقة على فتح نشاطي التجزئة والجملة بملكية كاملة (100%) للشركات الأجنبية لبيع منتجاتها في السوق السعودي، والقرار يعتبر كأي قرار له إيجابيات على بعض الأطراف وسلبيات على أطراف أخرى، وباستثناء أهمية دخول استثمارات أجنبية جديدة وقوية للمملكة، يعتبر المستفيد الأول من هذا القرار هو المستهلك، والطرف الذي يتخوف من هذا القرار هو «مالك أو وكيل العلامة التجارية في أحد أنشطة التجارة أو الجملة في المملكة». تجب التفرقة بين أنشطة شركات التجزئة والجملة العالمية، فهذا القرار لن يشمل متاجر التجزئة التي تبيع منتجات غيرها، ولا أتوقع أن تستفيد منه جميع الشركات؛ لأن أغلب شركات العلامات التجارية العالمية تفضل الدخول عن طريق الامتياز التجاري، ووجهة نظري بالتأكيد أن القرار إيجابي وخاصة في سوق عمل يعاني من وجود فجوة كبيرة بين مهارات الباحثين عن العمل فيه وبين تطلعات أصحاب العمل، فهناك إيجابيات عديدة من هذا القرار ولها تأثير على التراكم المعرفي داخل سوق العمل السعودي وسيكون لها تأثير أكبر على ثقافة المجتمع بالعمل في مثل هذه الأنشطة وخاصةً اذا كان العمل في شركات عالمية لها سياسات داخلية واضحة ومؤمنة في تدريب وتطوير وتحفيز موظفيها. أغلب منشآت نشاطي التجزئة والجملة في المملكة أحجامها صغيرة ومتوسطة، وتعاني تلك المنشآت من صعوبات في توظيف أيدٍ عاملة محلية لعدة أسباب، فعلى سبيل المثال يصعب على تلك المنشآت تدريب موظفيها بسبب تكاليف التدريب التي قد ترهق ميزانيتها، وإضافة إلى ذلك تعاني تلك المنشآت من توفير التأمين الطبي لمنسوبيها وعوائلهم بسبب اشتراطات شركات التأمين والتي تمادت في تطفيش أصحاب المنشآت الصغيرة والمتوسطة، وتلك الأسباب كافية لارتفاع الدوران الوظيفي (خروج الموظفين) في هذين القطاعين. من إيجابيات دخول شركات عالمية بملكية كاملة في السوق السعودي هو دخول تكنولوجيا متقدمة في هذا المجال للسوق، واتساع فرص التوظيف للجنسين في المملكة (في المناطق الرئيسية)؛ لأنها ستكون مستهدفة من تلك الشركات لارتفاع القوة الشرائية فيها، وإضافة لذلك ستزداد المنافسة في هذين القطاعين مما يجعل تدريب وتطوير الموظفين فيها من الأساسيات وسينعكس ذلك على زيادة ثقافة التعامل مع العملاء، وأيضاً لا ننسى الاستفادة المادية التي ستجنيها الدولة عن طريق هيئة الاستثمار من تلك الشركات. حتى ننجح في هذا القرار على المدى القريب والبعيد فمن المهم أن تكون أنظمة وزارة العمل مرنة، وبما أن تلك الشركات العالمية تعتمد بشكل كبير على موظفي العمل الجزئي فيعتبر هذا القرار فرصة لوزارة العمل لتقليص عدد المستفيدين من برنامج حافز وذلك بتغيير آليته بربط التوظيف الجزئي باستحقاق الإعانة؛ مما يؤدي الى تحقيق أهداف عديدة من أهمها التدريب العملي للمسجلين في البرنامج واكتساب خبرات عملية. لو نجحنا في هذا التوجه فلا أستبعد أن يكون التحدي التالي هو جذب تلك الشركات لإنشاء مصانعهم في المملكة، فتلك المرحلة لن تنجح إلا بعد فصل وزارة التجارة عن الصناعة واستقلال كل منهما لتحقيق أهدافهما.