أهز بجذع القلم هذا المساء، فلا تتساقط الأحرف التي قفزت بنا، ما بين المدى والريح. ليطل السؤال بفرجة حادة في قوس الزمن.. كيف نرد الجميل لنهر نهلنا منه عذوبة الحرف وجمال المفردة وقوة الطرح. وكيف سنبدأ هذا الموسم، حينما يبزغ اسمك في دفتر الاعتراف لجيل سبح في بحر مدرستك، وتتلمذ على حرفك، وقفز بدعمك في سلم الحياة بدعمك. يباغتنا هذا المساء، فنرسم قمرا ونجمة في كراسة العمر، ويعود بنا الزمن لفصولنا الأولى في مدرسة (بلاط صاحبة الجلالة)، فنتذكر «المعلم» الذي حفظنا دروسه وفهمنا قيمه وعشقنا أسلوبه وطريقته. كلما أتعبناه أكرمنا، وكلما خذلناه سامحنا، وكلما أدخلناه في مصائب (أم المتاعب) فتح لنا آفاقا جديدة ليرفعنا. في العتمة بثق لنا ضوءا، وفي الأرض القاحلة أنبت لنا زرعا، وفي سماء الصحافة أمطر لنا طرازا فريدا في نهجه ومسيرته وحروفه المندسة في أوراقنا قديما، وفي الكيبورد حديثا. في هذا المساء نحاور النبض، فينسحب الحرف ربما لخجله من محاولة رد الجميل، فهو عاجز عن رد قطرة وفاء من بحر جمائله. في هذا المساء نقف بين يدي الصوت الذي أدمنا عليه في الزمن الجميل لمرحلة الإنجازات، وعلو كعب الكرة السعودية في كل المناسبات، بعدما تراقص على موج بحته ملايين البشر فرحا وطربا بالانتماء للأخضر، وإعجابا واحتراما بمن هم على ساحل الخليج العربي، فقد أنسوا صوته الشرقاوي الجديد على المايك في التعليق المحلي. في هذا المساء سيُكتب فصل جديد لم يُكتب من قبل في رواية قلم عصامي وصوت هيامي عشق النجاح وسلاحه الكفاءة والطموح والمثابرة، وتخطى اسمه الحدود، فلا غرابة أن يتسابق الجميع في الوسط الإعلامي والرياضي لتكريمه. محمد البكر اسم (أشهر من نار على علم)، لم يصغ للفشل يوما، وركض مع النجاح في كل باب طرقه، فعلق وأطرب، وكتب فأبدع، وأشعل مواطن راكدة بموضوعية وحنكة. البكر مدرسة إعلامية تخرج على يديه العديد من الأسماء التي تبوأت مناصب في مختلف المجالات في الإعلام؛ سواء المكتوب أو المرئي أو المسموع، وكاتب من طراز فريد ليس في المجال الرياضي الذي بدأ فيه خطواته الأولى في مهنة المتاعب، بل كاتب بارع في الشأن الاجتماعي وخطير جدا، ولا تقلّ خطورته في أحرفه وكلماته ومفرداته عن خطورة (ماجد عبدالله داخل خط ال18) وذكي جدا لا يقل ذكاؤه عن سامي الجابر في مسيرته الكروية. مشكلتنا مع البكر أنه عدو الرتابة والروتين، لذلك كان مصدر إزعاج لنا في كل صباح، يغضب لكنه سريع الرضا، يهدد لكنه يكافئ، فما أحلى غضبه وتهديده، فالنتيجة واحدة هي (الخير). في ليلة تكريم أستاذنا البكر، كلمة شكر لا تكفي ولن تفي، فتاريخك الإعلامي صفحات وومضات مضيئة لمن عمل معك أو من لم يعمل معك. شكرا أبا أريج.