واصل اليوان ارتفاعه لليوم الرابع على التوالي أمام الدولار في دلالة على تدخل البنك المركزي في سوق العملات لوقف تراجع العملة المحلية لإحداث توازن في تحركها. وسجل اليوان ارتفاعا بنسبة 0.16% إلى 6.3781 أمام الدولار في تعاملات ما بعد الظهيرة في شنغهاى، وهو ما يعني تحقيق مكاسب خلال الجلسات الأربع الأخيرة بحوالي 0.5%، وبالتالي تتقلص خسائره خلال الشهر الحالي إلى 2.7% ، وتدخلت الصين بتخفيض قيمة عملتها في الحادي عشر من أغسطس/آب في محاولة لدعم الصادرات التي تضررت من ضعف النمو. إنقاذ سياسي لليوان ويحاول صناع السياسة في بكين الموازنة بين متطلبات الاستقرار المالي والحاجة إلى دعم الصادرات، فيما تسعى الحكومة لإدراج اليوان ضمن سلة عملات الاحتياطي لصندوق النقد الدولي حيث كلف احتياطي النقد الأجنبي للصين حوالي 315 مليار دولار خلال العام حتى يوليو/تموز، فيما خفض البنك المركزي الفائدة خمس مرات منذ نوفمبر/تشرين الثاني. وتشير توقعات المحللين من خلال مسح أجرته وكالة «بلومبيرج» إلى أن اليوان سوف يتراجع بنسبة 6.5% أمام الدولار هذا العام، حيث عانت سوق الأسهم الصينية من أسوأ الكوارث التي عصفت بها على الإطلاق منذ الأزمة المالية العالمية، نظراً لنمط الاستثمار المكثف الذي انتهجه المستثمرون في سوق الأسهم الصينية خلال العام الماضي على الرغم من الضعف الواضح الذي عانى منه النمو الاقتصادي وأرباح الشركات. الإصلاحات المالية الحذرة وقالت الأستاذ المساعد في الاقتصاد في كلية لندن لإدارة الأعمال ليندا يو: «كشفت هذه الأزمة أهمية الصين بالنسبة للاقتصاد العالمي، حيث راقب المستثمرون تلك السوق بشكل وثيق على الرغم من كونها مغلقة في الغالب وتخدم إلى حد كبير المستثمرين المحليين. وأثارت الإجراءات الحكومية المتخذة لكبح جماح هبوط السوق التساؤلات بشأن ما إذا كانت الإصلاحات المالية قد حققت تقدماً يكفي الصين للعب دور مركزي في النظام العالمي، كاتخاذ اليوان الصيني عملةً احتياطية، كما لا يعد التدخل الحكومي المكثف لدعم السوق أمراً طبيعياً في بلدان أخرى». وأضافت يو: «سينتهج المستثمرون الأجانب سياسة حذرة بينما تواصل الصين العمل وفق برنامج الإصلاحات. ولكن يجدر بنا الأخذ بعين الاعتبار أن التباطؤ يمثل أيضاً جزءا من عملية التحول الهيكلي للاقتصاد إلى اقتصاد مدفوع بالطبقة الوسطى لا الصادرات، الأمر الذي يتيح فرصاً هائلةً للمستثمرين الأجانب على المدى الطويل». واختتمت يو: «سيمر بعض الوقت قبل أن تتمكن الصين من اعتماد منحىً أكثر استقراراً للنمو، وهو أمر متوقع من اقتصاد أصبح للتو طبقًة وسطى. ولذلك، ستستمر هذه التقلبات لبعض الوقت، وربما أسوأ. ومن ناحية أخرى، من المعروف عن الصين قدرتها على المفاجأة من خلال تكيفها واستيعابها السريع لإصلاحات السوق». تورط الإعلام الصيني وفي ذات السياق كشفت قالت وسائل الإعلام الرسمية الصينية يوم الاحد الماضي ان صحافيا صينيا متخصصا في الشؤون المالية «اعترف» بأنه تسبب «في البلبلة والفوضى» في اسواق المال الصينية وكبد «البلاد خسائر كبيرة». وتم توقيف وانغ شايولو الصحافي في مجلة كايجينغ بعد العاصفة التي شهدتها اسواق المال مؤخرا في الصين وذلك بداعي بث اخبار زائفة حول السندات واسواق العقود الآجلة، بحسب ما اوردت وكالة انباء الصين الجديدة الرسمية. وكان وانغ أكد في مقال نشر في تموز/يوليو ان سلطة تعديل الاوراق المالية تدرس امكانية خروج الرساميل العامة من السوق، ونفت الهيئة الصينية لتعديل الاسواق المالية سريعا ما نشره الصحافي ووصفت المقال بأنه «غير مسؤول». وبحسب الوكالة الصينية فان الصحافي «اعترف» بأن «المعلومات الخاطئة» قد «تسببت في بلبلة وفوضى بالبورصة وخربت جديا الثقة في الاسواق وتسببت في خسائر كبيرة للبلاد والمستثمرين»، لكن مجلة كايجينغ قالت في بيان نشرته على موقعها على الانترنت انها «تدافع عن حق الصحافيين في القيام بواجبهم وفق القانون». كما أشارت وكالة انباء الصين الجديدة الى اعتقال مسؤول في هيئة مراقبة الاسواق الصينية و4 من كبار المسؤولين في اهم شركة وساطة بسبب «مخالفات» في البورصة. ويشتبه في ارتكاب المسؤول ليو شوفان جرائم تسريب معلومات وفساد وتزوير اختام رسمية. ويبدو انه «اعترف» بما ارتكب، وتورد وسائل الاعلام الحكومية الصينية بانتظام ما تقول انها اعترافات مشبوهين في قضايا مهمة. معاقبة 197 مروجا للشائعات كما عاقبت السلطات الصينية 197 شخصا لنشرهم شائعات عبر موقع الانترنت، عن انهيار سوق الأوراق المالية، والانفجارات التي وقعت في إقليم تيانجين، وذلك بحسب وكالة الأنباء الصينية الرسمية، شينخوا. وتضمنت هذه الشائعات أنباء عن قفز رجل في بكين من أحد الطوابق العليا بسبب تراجع سوق الأوراق المالية، وأن عدد ضحايا انفجار إقليم تيانجين بلغ 1300 شخصا، وأوردت الوكالة أن الشائعات تعرضت إلى «احتفالات الصين القادمة بالذكرى السبعين لنهاية الحرب العالمية الثانية». ومن بين المتهمين، صحفي ومسؤولون بالبورصة. وكانت جريدة فاينانشال تايمز الانجليزية قد أوردت أن القادة الصينيين يشعرون أنهم ضللوا جهود إنقاذ سوق الأوراق المالية في بلادهم ، وتحكم السلطات الصينية سيطرتها على المعلومات المتاحة عبر شبكة الإنترنت، وحاكمت من قبل مستخدمين بتهمة نشر الشائعات. وفي عام 2013، اقترحت السلطات احتمال معاقبة مروجي الشائعات بالحبس لمدة 3 سنوات، ويُطبق على أي شخص ينشر شائعة يُعاد نشرها 500 مرة، أو يصل عدد متابعيها إلى 5 آلاف شخص. المنتجات الصينية وفي سياق متصل تعد الصين أكبر مستورد للنفط الذي تنتجه الدول العربية الخليجية بمعدل يومي يصل إلى 3 ملايين طن يوميًا، حيث كشف تقرير اقتصادي أن المنتج الصيني يهيمن على الأسواق العربية بنسب تتراوح بين 20 إلى 35 % وبأسعار منافسة الامر الذى أدى الى اختفاء كثير من الصناعات التقليدية والحرفية العربية لا سيما في قطاع الأنسجة والألبسة والمنتجات الجلدية، وقال إن تراجع الصادرات الصينية في الوقت الحالي في ظل أزمة الاسهم يعد فرصة لانعاش الصناعات التقليدية في الدول العربية. وبحسب دراسة لجامعة بكين للتجارة والاقتصاد الدولي ،فإن حجم التبادل التجاري العربي الصيني ارتفع إلى أكثر من خمسة أمثاله بين عامي 2004 و2011 إذ ارتفع من 36 إلى 190 مليار دولار، حيث تعول الدول العربية على تعزيز التعاون مع الشركات الصينية التي تعزز حضورها العالمي على هذا الصعيد، غير أن هذا النمو أسهم في زيادة حدة عجز الموازين التجارية العربية لصالح الجانب الصيني الذي يسجل فوائض تجارية مع غالبية الدول العربية، وكمثال على ذلك فقد بلغ حجم هذا الفائض مع الجزائر أكثر من 6 مليارات دولار في عام 2014، وأكثر من 3 مليارات دولار مع المغرب في عام 2010، ويمكن للصين أن تلعب دورًا أكثر حضورًا بعدما اكتسبت شركاتها شراكات أوروبية وأمريكية وخبرات بناء وتجهيز عالمية في شرق آسيا وأفريقيا والقارة الأوروبية، فالصناعة الصينية لم تعد مقتصرة كما كان عليه الحال سابقًا على المنتج الرخيص متدني الجودة، فقد أضحت هذه الأيام في عداد الصناعات المنافسة عالميًا في السعر والجودة على أكثر من صعيد. ولا تقتصر العلاقات الصينية العربية على النفط، فالدول العربية تستورد من الصين الألبسة والأدوات المنزلية والأحذية والحقائب وألوف السلع الاستهلاكية التي غزت الأسواق العربية كونها تناسب القدرة الشرائية للفئات محدودة الدخل أكثر من مثيلتها المحلية والأوروبية ، وتذهب بعض التقديرات إلى أن المنتج الصيني يهيمن على الأسواق العربية بنسب تتراوح بين 20 إلى 35 %.