في الأسبوع الماضي رفع العراقيون، في مظاهرات الاحتجاج، لافتات واحدة تشير الى مشكلات إنسانية واقتصادية يتلقون جميعا أضرارها وآثارها، والمشهد حفل بصيحات ولافتات وطنية وليست طائفية أو حزبية. حتى في لبنان، الذي عذبته الصراعات السياسية، خرج الناس من مختلف المشارب والطوائف للشكوى من فساد السياسيين واختفاء الحكومة. بالنسبة لنا نرى مشهدا مفرحا في لبنانوالعراق، وما يفرحنا هو اكتشاف العراقيينواللبنانيين من جميع الأطياف والطوائف أنهم يواجهون مصيرًا واحدا. وما نرجوه هو: عودة الوعي بذاتهم، أي أن يتأكدوا أنهم أيضا يواجهون جميعا عدوا واحدا لا تهمه بلادهم، ولا أمنهم، ولا مستقبل أبنائهم. عدوهم جميعا هو التدخل الإيراني الصريح المكشوف في بلادهم. أما في العراق فنقول لإخواننا: الحكومة التي جاءت على ظهر دبابة محتل أجنبي، وتحميها دولة أجنبية محتلة أخرى.. ماذا يتوقع منها الشعب العراقي؟ الإخوة اللبنانيون الذين استسلموا لتدخل إيران في بلادهم وتركوا حزب حسن نصر الله يهيمن على بلادهم، ويعطل عمل الحكومة ويترك البلاد بلا رئيس، هذا الاستسلام. قبول السياسيين، مثل التاجر الجنرال ميتشيل عون، المساومة على مصالح بلادهم هو الذي وضع لبنان في إطار المصالح والمطامع الإيرانية، وشهدنا بكل أسف وفي مناسبات عدة بعض السياسيين اللبنانيين يتكلمون وكأنهم وكلاء لإيران ومدافعون عنها، وحتى مؤسسات الدعاية الإعلامية الإيرانية تجد الرعاية والحماية، وكأنه لا عروبة في لبنان!!. ردة الفعل الإيرانية العنيفة ودعوتهم إلى استخدام السلاح لمقاومة الاحتجاجات، وتدخل قاسم سليماني في المشهد بقوة تؤكد أن إيران لم يعد لديها ما تقدمه لمصلحة البلدين، لديها فقط أدوات العنف والخراب. يبدو أن الحكومتين العراقيةواللبنانية أدركتا ضرورة تحمل مسؤولياتهما الوطنية لمواجهة الأوضاع المتردية. رئيس الوزراء اللبناني وقف إلى جانب أصحاب المطالِب وأيَّد مطالبهم، وقد عانت الحكومة اللبنانية تدخل أنصار إيران وعملهم على تعطيلها. في العراق رئيس الوزراء حيدر العبادي نرجو أن يكون تحرر من هيمنة إيران ومصالح حزب الدعوة، ولعله يستطيع جمع الطبقة السياسية العراقية إلى إنقاذ ما تبقى من العراق. إن الأوضاع القائمة مخزية للسياسيين العراقيين الذين فعلوا بالعراق أسوأ بمراحل مما فعله نظام صدام حسين، لقد أخذهم حقدهم وسوء تكوينهم السياسي والاجتماعي الى سياسات الانتقام، واستدعاء التاريخ، كنّا ننتظرهم بنائين مصلحين يأخذون العراق إلى حقبة التنوير وإقامة دولة القانون ليكون العراق حصنا منيعا للعروبة والإسلام، كما كان في تاريخه الطويل المشرف. المؤسف والمؤلم لنا جميعا أنهم فعلوا عكس ذلك، فقد تحالفوا على سرقة ثروات الشعب العراقي، وتحالفوا مع المحتل الأمريكي والمحتل الإيراني على إلغاء عروبة العراق، وما أنجزوا سوى إدامة حالة العنف التي كنّا نتمنى أن يخرج منها العراق بعد حقبة صدام حسين. إذا ارتفع العلم الوطني العراقي والعلم الوطني اللبناني في جميع المسيرات، وتسامى فوق الشعارات والطائفيات والحزبيات، يومئذ علينا أن نفرح ونتفاءل بالمستقبل.