المستثمرون في جميع أنحاء العالم سوف يتطلعون إلى هذا الأسبوع بنوع من القلق، في الوقت الذي يلعقون فيه جراحهم. هذا الأسبوع الشرس من الخسائر تعمق بفعل الإقفال الكئيب في أسواق الأسهم الأمريكية، حيث أقفل مؤشر داو جونز المركب للشركات الصناعية وهو يهوي بأكثر من 500 نقطة (3%) على مدى اليوم، بحيث أخذ المؤشر إلى منطقة التصحيح، مسجلا هبوطا بأكثر من 10% عن أعلى مستوياته الأخيرة. هذه الخسائر على مدى الأسبوع صاحبتها خسائر أكبر حتى في مجالات أخرى، بما في ذلك عملات الأسواق الناشئة والنفط. عند تقييم ما سيحدث في المرحلة القادمة، يَحْسُن بالمستثمرين اعتبار 6 عوامل رئيسية أحضرت السوق إلى هذه النقطة غير المريحة: 1. على خلاف الفصول السابقة - بما في ذلك الأزمة المالية العالمية لعام 2008 ونوبة الغضب التي نشأت عن إعلان الاحتياطي الفدرالي رغبته في الانسحاب التدريجي من برنامج التسهيل الكمي في عام 2013، إلى جانب ما صاحب ذلك من مخاوف على منطقة اليورو - فإن العامل المحفز لهذا التراجع في السوق جاء من خارج البلدان المتقدمة. وهو إلى حد كبير علامة على مشاعر القلق بخصوص النمو المتباطئ في بلدان الأسواق الناشئة، (الصين على وجه الخصوص، لكن هناك أيضا البرازيل وروسيا وتركيا)، الأمر الذي فاقم من التباطؤ الاقتصادي المتمركز في أوروبا واليابان. 2. تعمقت المخاوف حول النمو العالمي بفعل المتاعب التي يعانيها صناع السياسة في الأسواق الناشئة في محاولاتهم لتثبيت الاستقرار في عملاتهم المحلية، والحد من وقوع المزيد من الأضرار لاقتصاداتهم. مرة أخرى تسلَّط الأضواء على الصين، بالنظر إلى الأسئلة المتعلقة بما إذا كانت تدخلات الحكومة قد عملت على تعزيز استقرار سوق الأسهم المحلية. 3. أثر النمو العالمي المنخفض كان مؤلما بصورة خاصة على الأسواق التي كانت أصلا واقعة تحت الضغط نتيجة التطورات على جانب العرض. من هذا الباب، عمل الانهيار في أسعار النفط على إبراز المدى الذي أخفق فيه اللاعب الجديد الذي يغير التوازنات في سوق النفط - وهو الولاياتالمتحدة - في لعب نفس الدور الذي كانت تلعبه أوبك حين كانت في أوج قوتها. 4. الصادرات من الأسواق الناشئة، خصوصا منتجي المواد الخام، هي المعرضة لأكبر المخاطر نتيجة اقتران النمو المتباطئ بالانخفاض العالمي لأسعار السلع الأساسية. بالتالي المذبحة التي تعرضت لها السوق كانت أكبر ما يمكن في عملات الأسواق الناشئة، حيث دفعت الخسائر لتصل إلى مستويات تتجاوز ما عانته هذه البلدان أثناء الأزمة المالية العالمية لعام 2008. كما أن هذه الأسواق هي، من الناحية الفنية، الأكثر عرضة لتتجاوز حدودها، نتيجة التداعيات السلبية التي لا يستهان بها على الأسواق الأخرى. 5. حيث إن بعض المحافظ مصممة للتفكك أثناء الجيَشان واشتداد التقلب، تراجعت الأسواق المالية إلى قبضة العدوى، التي تُزعزِع الاستقرار - مع خطر تجاوز الحدود. مؤشر فيكس VIX، الذي يشار إليه بصورة عامة على أنه مؤشر الخوف لدى وول ستريت، حلَّق عاليا. الأسهم ذات التقييمات العالية تلقت عدة ضربات، خصوصا في صناعة التكنولوجيا. وهذا يعمل حُكماً على تقويض عقلية الشراء أثناء فترات الانخفاض، ما يدفع بالمستثمرين أصحاب الأوراق المالية ذات السيولة العالية الشبيهة بالنقدية إلى الانتظار على الهامش خلال الفترة الحالية. 6. لم تعد هناك ثقة كبيرة في قدرة البنوك المركزية - التي كانت مرارا وتكرارا أخلص صديق للأسواق - على التصرف باعتبارها عوامل تثبيت الاستقرار الفوري والفعال. فضلا عن ذلك، محاضر اجتماع الاحتياطي الفدرالي التي نشرت يوم الأربعاء الماضي - والتي لم يكن فيها خيار أمام البنك المركزي الأمريكي سوى أن يظهر بمظهر من يفتقر إلى العزم والتصميم - تبرز تحديات السياسة النقدية في عالم أصبح يعتمد فوق الحد على البنوك المركزية. لا شك أن البنوك المركزية دقت إسفينا بين أسعار الأصول والأساسيات الاقتصادية. صحيح أن بإمكان بنك الشعب الصيني، تخفيف السياسة النقدية، وصحيح أن باستطاعة الاحتياطي الفدرالي تعليق رفع أسعار الفائدة في سبتمبر. لكن أثر ذلك على النمو العالمي سيكون محدودا، ما لم تقترن هذه الخطوات باستجابة أكثر شمولية من السياسة الاقتصادية. بخلاف ذلك، تحتاج الأسعار إلى الهبوط بمقادير أكثر بكثير مما حدث قبل أن يخرج المستثمرون الحذرون من الجوانب ويدخلوا إلى الحلبة.