لم تكن فكرة إقامة مباراة كأس السوبر السعودي في العاصمة البريطانية (لندن) بالأمر العادي بالنسبة لكافة الرياضيين في المملكة، بل إن الاقتصاديين والاجتماعيين تحدثوا عما يخص نهائي السوبر الذي جمع بين الهلال والنصر على ملعب «لوفتس رود» يوم الأربعاء الماضي، حيث يعتبر الحدث تاريخياً لرياضة الوطن واختباراً لاتحاد الكرة الذي كان يراه البعض انه بعيد جداً عن النجاح. وما بين مؤيد ومعارض أهمل الجميع الاهتمام بآخر تجهيزات الفريقين، واتجهت الأنظار نحو عاصمة الضباب، وتكاثرت الأسئلة، ما الذي سيحدث في لندن بدون ضمان حضور جماهيري، وبدون التيفو المعتاد؟ وهل كل طبقات المجتمع تستطيع الحضور؟ أم أن صدفة وجود الأثرياء في لندن ستكتفي بها المدرجات؟!!. آراء كثيرة طرحها النقاد الرياضيون داخل وخارج المملكة، و(الميدان) كعادته كانت له وقفة مع هذه الآراء من اشخاص لهم باع طويل في الرياضية السعودية وكذلك في الجانب الاداري في الرياضة. حافظ المدلج: إيجابية واحدة فقط والسلبيات كثيرة في البداية عبر الدكتور حافظ المدلج عضو اللجنة التنفيذية ورئيس لجنة التسويق في الاتحاد الآسيوي لكرة القدم السابق عن رأيه في اقامة السوبر في لندن، مؤكداً انه كان من المؤيدين لإقامة المباراة في إحدى دول الخليج المجاورة وخصوصاً في دبي أو قطر، بحيث يكون التسويق للكرة السعودية في مكان معروف لدى أصحاب الأرض بجانب ان يكون المكان قريباً من المشجع السعودي ولا يصعب عليه الوصول لمشاهدة اللقاء وتكون التكلفة معتدلة. وبين المدلج انه ضد اقامة اللقاء في لندن؛ لأن التكلفة على المشجع السعودي ستصل لما يقارب ال6 آلاف ريال كحد أدنى وليس جميع الجماهير السعودية قادرة على دفع تلك التكلفة. وتابع المدلج: الإيجابية الوحيدة التي تذكر في اللقاء هي ما حدث على أرض الملعب فقط بتقديم الفريقين اداء مميزاً بجانب الانضباط والمثالية والابتعاد عن الشد العصبي، مشيراً في الوقت ذاته الى ان قرار حكم اللقاء في الدقائق الأولى وإشهار البطاقة الصفراء كان له أثر كبير في انضباط اللاعبين، كما أكد ان غياب اللاعبين (المشاكسين) الذين يساهمون كالعادة في رفع وتيرة الشد العصبي ساهم كثيراً في خروج المباراة بصورة مميزة وخالية من أي مشادات، وهذا ما لم نشاهده منذ فترة في ملاعبنا، بحيث تبدأ المباراة وتنتهي بالابتسامة المتبادلة والعناق بين لاعبي الفريقين. وكشف المدلج ان الاتحاد السعودي لكرة القدم حرم المشجع الحقيقي من الحضور، اذ ان اتحاد القدم كان يتغنى بعودة الجماهير للملاعب خلال الموسمين السابقين، فكيف له ان يبعدهم عن أول لقاء في الموسم الجديد، وانتقد ايضاً الملعب، وقال: أعتقد ان الملعب هو أسوأ ملعب في البريميرليج، حيث يعتبر قديماً جداً بجانب المدرجات السيئة وكذلك مواقع الكاميرات التي لم تساعد على اخراج اللقاء بصورة مميزة وحرمت الرعاة من حقهم وإظهار إعلاناتهم للمشاهد. وختم المدلج حديثه بالقول: الاتحاد السعودي لكرة القدم لم يف بوعوده من ناحية التسويق للكرة السعودية ونجومها (ما حد درى عنا) في لندن وكأنما فقط ذهبنا بجماهيرنا ووأنديتنا ونقلنا اللقاء من بلادنا الى بلاد غريبة، وشبه نقل اللقاء للندن بإقامة حفلة خاصة خارج المملكة. شراكة بين اتحاد الكرة وهيئة السياحة أما المدرب الوطني والناقد الرياضي حمود السلوة فقال: كونه أول سوبر سعودي يلعب خارج الوطن فمن الطبيعي جدا أن يكون مشروعا فيه نواقص وأخطاء عديدة في الجوانب الادارية والتنظيمية والفنية. واختصر السلوة السوبر في لندن بقوله: رياضة الفقراء اختطفها الاغنياء. وأكد السلوة أن الجوانب الفنية والاعلامية والتسويقية كانت جيدة جداً نوعاً ما، وأن السلبية الواضحة هي التنظيم في المدرجات وحالة الفوضى التي صاحبت مراسم التتويج. وشدد السلوة على وجوب تأسيس شراكة سياحية بين اتحاد كرة القدم السعودي والهيئة العامه للسياحة والتراث الوطني بإقامة السوبر السعودي سنويا محليا في أبها او الطائف او الباحة او حائل او القصيم؛ ليكون السوبر جزءا رئيسيا من برامج التنشيط السياحي في بعض مدن المملكة بجانب تكريم ودعوة الرواد من القيادات الرياضية في اتحاد القدم وكذلك الاندية من لاعبين ومدربين وحكام ورؤساء اندية؛ ليكون الجميع مشاركا في المحفل، بجانب جلب السياح لمدن المملكة التي هي أولى من غيرها. عمر المهنا: ابتعاد الفريقين عن الإعلام أزال الشد العصبي أما الخبير التحكيمي ورئيس لجنة الحكام الرئيسة في الاتحاد السعودي لكرة القدم عمر المهنا، فقال: أتمنى أن لا تتكرر التجربة مرة أخرى بغض النظر عن نجاحها او فشلها، مشيراً الى ان الحضور الجماهيري بكل تأكيد داخل المملكة سيكون بأعداد مضاعفة وسيضيف الحضور رونقا خاصا للمباراة، فهناك فرق كبير بين ان يحضر 7000 مشجع وأن يحضر 60 ألفاً. وأشاد المهنا بالطاقم التحكيمي الذي ادار اللقاء، كما اكد ان لقاءات الهلال والنصر دائماً تكون من اميز المباريات (داخل الملعب) بعيداً عما يحدث في الاعلام خارج الملعب، وان ابتعاد الفريقين عن الاعلام لفترة طويلة لوجودهما في المعسكرات الخارجية ازال الشد العصبي داخل الملعب قبل وبعد اللقاء. وامتنع المهنا عن الحديث عن الجوانب التسويقية، مشيراً الى ان هناك جهات مختصة يجب ان تفصح وتقدر المكتسبات التي حصل عليها اتحاد الكرة والفريقان. «برستيج» و«شو» إعلامي أما الكاتب والناقد الرياضي صالح الحمادي، فأكد أن "السوبر اللندني" نجح مادياً و"برستيجياً!!" و"شو" إعلامي للبعض.. خاصة رئيس اتحاد الكرة "وربعه"، لكنه خسر كثيراً، على صعيد تغييب السواد الأعظم من الجماهير السعودية قليلة القدرة والامكانات المادية، وهذه الفئة هي الأحرص على التوجد في جميع مدرجات ملاعب العالم. لا الملاعب السعوديه فحسب. وأشار الى ان ابرز ايجابيات السوبر هو حصول المباراة على ضوء إعلامي أكثر مما لو كانت تقام محلياً.. ودخل مادي أكبر.. وربما انضباط ميداني أدق من قبل اللاعبين، الذين غالباً ما يتقيدون بالتعليمات في الخارج أضعاف ما يلتزمون به في الداخل. فضلاً عن التواجد الشرفي الأكبر لتواجدهم في أوروبا، وبالتالي قربهم من موقع الحدث مقارنةً بما لو كانت في السعودية أو في الخليج العربي، ما كان سيحضر إلا (ربما) القليل منهم. ولا نغفل الحدث البارز والفريد منه، عندما حضر رؤساء الهلال الثلاثة الأخيرون، الجديد نواف بن سعد والسابق عبدالرحمن بن مساعد والاسبق محمد بن فيصل. وشدد الحمادي على ان ابرز السلبيات تمثل في التصرفات غير اللائقة من بعض الجماهير (من الجنسين على حدٍ سواء) في الشوارع والطرق قبل وبعد المباراة وبطريقة أزعجت جيران الملعب -وفقاً للإعلام الانجليزي- وأربكت المنظمين كثيراً. كما تركت الجماهير خلفها الكثير من المخلفات واليافطات وغيرها (مما كان يجب عليها الاحتفاظ به كذكريات!) مسببةً أزمة كبيرة لعمال النظافة!!. كذلك حصول سوق سوداء بشعة استغلت حضور العرب، وتداخل الجماهير مع اللاعبين وأشياء أُخرى ليس من المصلحة أن نتطرق إليها الان. وتطرق صالح الحمادي إلى الاعلام الذي احاط باللقاء وقال: الهالة الاعلامية المحلية والإقليمية والقارية (الآسيوية والأوروبية) التي أحاطت بالمباراة جيدة جداً، مثلها مثل المكاسب المادية، وقد تجعل الإقبال الإعلاني ورعاية السوبر ذَا قيمة مادية وبالتالي إعلامية أكبر من أي وقت مضى. فكرة مميزة أما الإعلامي المعروف ومدير القنوات السعودية السابق عبدالله المقحم فأكد أن فكرة إقامة السوبر في لندن مميزة ونجحت بشكل عام، اذ سار الاتحاد السعودي لكرة القدم على خطى الاتحادات الاوروبية بإقامة السوبر خارج البلد، وهذا توجه عالمي استطاع اتحاد القدم ان يتماشى معه. وأشار الى انه من الطبيعي ان لا يخلو العمل من السلبيات وأن يظهر بالمستوى المأمول؛ كون ان التنظيم خارج البلد يخضع لمقاييس ويكون بحوزة هيئات مختصة تتماشى مع نظام البلد. وأكد المقحم أن قبول الفكرة أعطى انطباعاً جيداً وأن الإيجابيات التي ظهرت قبل وأثناء وبعد اللقاء غطت على السلبيات إن وجدت. جماهير النصر في المدرجات جماهير الهلال قبل بدء السوبر جماهير الفريقين يستعدون للدخول إلى «لوفتس رود»