أحنُ إليك احتاجك أمي، فقدتك طفلة فقدت الحنان وليس ككل حنان!!، فقدت الحب ولم يكن أي حب!! بحثت عنك كثيراً!! فقدت اللذة التي يستشعرها الرضيع حين ترضعه أمه، فقدت أعمق وأصدق صور الحب، فقدتها بفقدك أمي، فقدت الطاقة الإيجابية الطاقة الوجدانية الفاعلة، فقدت الحب غير المشروط الذي يقدم ولا ينتظر المقابل. اشتقت إليك أمي طفلة تحتاج الأمان، اشتقت إليك كبيرة تحتاج الاطمئنان، يقال إن الطفل الذي يفقد حنان الأم يصبح غير اجتماعي وغير عملي ربما ولكن في حالة حرمانه من أمٍ بديل من حضن بديل، حضن أم رؤوم حضن الوطن – الله سبحانه لا يجع بين عسرين - دموعي تنهمر عندما أتذكر أمي في لحظات ضعفٍ أفيق منها بعزاء كبير عزائي وعوضي وجدته في حضن وطني. وطني الذي يحتضن أبناءه بدفء المودة، يحتويهم بحب الوفاء يقدم عطاءه اللاّ محدود بروح الصفاء ومهجة الولاء وروعة النقاء. يتيم الأم بالرغم من حرمانه من سبب وجوده يجد من يتكفله ويرعاه لكن: للأسف يتيم الوطن يظل شريداً طريداًً غريباً، فاقد العزة والكرامة، فمن فقد وطنه فقد شرفه فقد كل شيء!! نحن أبناء الوطن بل نحن الوطن رضعنا خيراته كما رضعنا لبن أمنا، ووجبت طاعته كما وجبت طاعة أُمِّنا وحُرِّمت الجنة على من عقّها نحن بخير ما دمنا نعيش وطن التوحيد والأمن والأمان. أمي يا حباً أهواه حين أجدبتْ الأرض وحين ذهبتِ ارتويت بماء وطني فذهب عطشي شكراً وطني. وطني يبقى كبيراً كبيراً كحبي لأمي ومرفوع الرأس شامخاً كأعلى قمة جبل في أرض ربي. لك حبي ووفائي وفخري وانتمائي وإخلاصي إلى يوم أموت وبعد فنائي سيحمل ولائي أبنائي وأحفادي من بعدي والأجيال القادمة ولن تموت أبداً يا وطني، فإن خانك خائن سيموت وحده وستظل تاريخاً مجيداً زاخراً بالخيرات بالمعجزات والخوارق، ورب البيت ستظل عاليَ القدر شاؤوا أم أبوا بشهادتي وبشهادة كل مسلم حج أو اعتمر، بشهادة كل من طاف بالبيت وكبر، بشهادة كل من صلى بمسجد رسول الله وزار قبر رسوله الكريم، بشهادة كل من صلى بمسجد قباء قبلة المسلمين الأولى ورد في الحديث أن الصلاة فيه تعدل عمرة، فقد قال صلى الله عليه وسلم: «صلاة في مسجد قباء تعدل عمرة». رواه أحمد والترمذي وصححه السيوطي. وطني الذي أحب عوضني فقد أمي يستحق منا الفداء بأرواحنا، وطن ليس كالأوطان!!. جذورنا من هذه الأرض التي شرفها الله سبحانه بالحرمين الشريفين بالكعبة المشرفة بقبر حبيبه، رسول الهدى عليه أفضل الصلاة وأجل التسليم فيها سنعود وأنت باقٍ يا وطن وطاعتنا لولاة أمرنا باقية. حب الوطن لمن فقد الإحساس بالوطن والشعور بالوطنية شعور وتضحية وقيم ومبادئ ووحدة صف، ووقوف صفاً في وجه كل من يثير الفتنة والاختلافات المذهبية والطائفية ويفرق الجماعة. حب الوطن يا من ماتت فيهم ضمائر الوطنية قبول بعضنا البعض والتعايش بصدق أُخوّة وأمانة كلمة ومودة ومسئولية، الوطن أمُّنا لمن يجهل معاني الأمومة العطاء المتجدد، الخلود، التاريخ الكرامة، الوطن كل شيء ولا أبالغ. أمي الوطن إذا صغر العالم بأسره ستبقين كبيرة، أمي أنت الحي أنت المنزل أنت المدرسة أنت المسجد أنت الجيران أنت الشارع والعمل أنت المعمل أنت المصنع أنت الأرض بكل ما فيها أنت الماء والسماء والهواء، أنت لا أستطيع أن أعيش بعيداً عنك كيف أستطيع؟؟؟!! من خانك يا وطني خان أمه وأباه قبل أن يخونك، خان الشجرة وجذورها وهو منها خان نفسه. خيانة عظمى خيانة من أمَّنه الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام الذي لا ينطق عن الهوى على دمه وماله وعرضه، فخان الأمانة «|إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا ألا هل بلغت اللهم فاشهد». أمي الوطن الحبيب من خانك خسرك وخسر أهله بل خسر نفسه وخسر الدنيا والآخرة، عشت يا وطني ذخراً وحضناً حانياً للجميع.