فاصلة: (الملاذ الأكثر أمانا هو حضن الأم) فلوريان اشتقت أمي.. اشتقت حضنها الدافئ، اشتقت تقبيل رأسها وكفيها كل صباح، واكتشفت أننا في الغربة مهما كبرنا نعود أطفالا صغارا نشتاق إلى حنان الأم وحنوها واهتمامها بتفاصيلنا الصغيرة، نشتاق أن تغطي جسدنا المتعري في ليال الشتاء بغطاء ناعم، أو أن تعطينا كوب ليمون بالعسل إذا اشتكينا من البرد. لا أحد يمكن أن يعدل حنان قلب الأم وكأن نبضات قلبها تختلف عن كل قلوب الناس، وكأن في روحها سلام العالم. في الغربة حيث لا أهل ولا وطن تشعر بالبرد كثيرا، في الغربة حيث الضوضاء والانشغال تبقى في القلب مساحة رطبة حيث وجه أمي وصوتها وهي تقرأ القرآن ورائحة المسك في شعرها وفي ثوب صلاتها. اشتقت أمي كثيراً، عندما أسمع صوتها كل صباح تعيد إلى روحي سكينتها ويختصر صوتها المحمل بالشوق لي كل المسافات. مع أني أجدها في صوتي وملامحي التي تشبهها وحكمها التي أرددها في مواقف حياتي لكني أفتقدها كثيرا. الغربة ليس أن يكون جسدك ومن تحب متباعدان فقط، فلا تستطيع التواصل.. الغربة أن تفتقد تفاصيل حضوره في حياتك. اللهم احفظ لنا أمهاتنا الأحياء منهم وارحم اللهم الأموات منهم وامنح السكينة والصبر لأبنائهم. «أحنُّ إلى خبزِ أمّي وقهوةِ أمّي ولمسةِ أمّي وتكبرُ فيَّ الطفولةُ يوماً على صدرِ يومِ وأعشقُ عمري لأنّي إذا متُّ أخجلُ من دمعِ أمّي خذيني.. إذا عدتُ يوماً وشاحاً لهدبكْ وغطي عظامي بعشبٍ تعمَّد من طهر كعبكْ وشدِّي وثاقي.. بخصلة شعرٍ.. بخيطٍ يلوِّح في ذيل ثوبك.. ضعيني إذا مارجعتُ وقودا بتنور ناركْ وحبل غسيل على سطح داركْ لأني فقدت الوقوف بدون صلاةِ نهاركْ هرمتُ فردّي نجوم الطفولة حتى أشاركْ صغار العصافير.. درب الرجوع.. لعُشِّ انتظارك». محمود درويش [email protected]