بعد ثلاثة أيام على هيروشيما، أحيت ناغازاكي أمس، ذكرى الهجوم النووي الذي دمر هذه المدينة الواقعة في غرب اليابان، وأودى بحياة حوالى 74 ألف شخص قبل 70 عاما. فعند الساعة 11.02 من التاسع من أغسطس 1945 دمر انفجار نووي ثمانين في المائة من مباني ناغازاكي، ومن بينها كاتدرائية يوراكامي الشهيرة التي كانت تبعد 500 متر عن مكان سقوط القنبلة. وفي التوقيت نفسه، أمس الأحد، وقف سكان المدينة دقيقة صمت بينما كانت قد قرعت الأجراس في جميع أنحاء ناغازاكي التي كانت مركزا للتبادل التجاري بين اليابان والخارج ومدينة معروفة بجاليتها المسيحية الكبيرة. ووضع رئيس الوزراء الياباني شينزو ابي، إكليلا من الزهور بحضور ممثلي 75 بلدا بينهم سفيرة الولاياتالمتحدة في اليابان كارولين كينيدي. وكما فعل في هيروشيما، الخميس الماضي، أكد رئيس الوزراء الياباني من جديد في خطاب رغبة اليابان في العمل من أجل إزالة الأسلحة النووية ومنع الانتشار النووي. وقال: "أجدد تأكيد رغبة اليابان بصفتها البلد الوحيد الذي قصف بقنبلة ذرية في أن تقود الحركة العالمية ضد الأسلحة النووية"، معددا الاجتماعات الدولية التي سيعمل على نقل هذه الرسالة خلالها. وأضاف، تطبيق المبادئ الثلاثة: لا إنتاج ولا امتلاك ولا سماح لوجود أسلحة نووية على الأراضي اليابانية. وكانت اليابان تعهدت في ديسمبر 1967 رسميا عدم صنع أو امتلاك أو إدخال أي سلاح نووي إلى الأراضي اليابانية. وواجه ابي انتقادات لامتناعه عن تكرار المبادئ الثلاثة خلال المراسم التي أقيمت قبل ثلاثة في هيروشيما. وقد أثار قلق الناجين من القصف النووي بينما يحاول الدفع باتجاه تبني قانون يوسع الدور العسكري لليابان. وانتقد رئيس بلدية ناغازاكي توميهيسا تاوي أمام حشد ضم حوالى 6700 شخص ضمنا مشاريع القوانين الدفاعية الجديدة. وقال: "نشعر بالقلق لأن الوعد الذي قطعناه قبل سبعين عاما ومبدأ السلام في الدستور الياباني يبدو معرضا للخطر". وأضاف: "أوجه نداء إلى الشبان: أصغوا لما يقوله القدامى وفكروا بما تستطيعون فعله أنتم من أجل السلام"، داعيا "الرئيس الأميركي باراك اوباما وممثلي كل الدول التي تملك سلاحا ذريا" إلى التوجه إلى ناغازاكي. وتبنت اليابان تحت الاحتلال الأميركي دستورا سلميا يحاول رئيس الوزراء القومي إعادة تفسيره لتعزيز دور البلاد العسكري على الساحة الدولية. وكان مجلس النواب الياباني أقر منتصف الشهر الماضي، مشاريع قوانين الدفاع المثيرة للجدل. وسترفع مشاريع القانون إلى مجلس الشيوخ، حيث يطرح للمناقشة خلال فترة أقصاها 30 يوما. والتفسير الجديد للدستور السلمي، الذي له صفة قانون، يجعل من الممكن إرسال قوات الدفاع الذاتي - الاسم الرسمي للجيش الياباني - إلى الخارج من أجل مساعدة بلد حليف. وكان من المقرر أن يتم إلقاء القنبلة النووية التي عرفت باسم (الرجل البدين) على مدينة كوكورا شمال ناغازاكي، حيث كان يوجد مصنع كبير للأسلحة. لكن الأحوال الجوية السيئة، أجبرت قائد الطائرة الأميركية بي-29 على تغيير الهدف. وقبل ذلك بثلاثة أيام ألقيت أول قنبلة نووية (الصبي الصغير) على مدينة هيروشيما (غرب) ما أدى إلى سقوط 140 ألف قتيل. وسرعت عمليتا القصف الاميركيتان استسلام اليابان في 15 اغسطس 1945 وانتهاء الحرب في المحيط الهادىء. ويبلغ متوسط أعمار الناجين من هذا القصف ويسمونهم "هيباكوشي"، ثمانين عاما. وأكد أحدهم سوميتيرو تانيغوشي (86 عاما) أنه يصلي من أجل إبقاء اليابان إلى الأبد مبدأ التخلي عن الحرب المدرج في الدستور السلمي للبلاد. وتسعى مدينتا هيروشيما وناغازاكي من خلال هذه المراسم والاحتفالات والحملات المرافقة لها ضد الأسلحة النووية إلى إبقاء ذكرى الكارثتين مع أن الناجين من الهجومين يختفون على مر الأيام.