ما سبب جرأة الشباب على التحرش بتلك الفتاة التي كانت تمضي في سبيلها بالطائف رغم أنه لم تمر على واقعة مماثلة في جدة سوى أيام قليلة؟ لا يتعلق ذلك بوازع ذاتي من دين أو ضمير بالدرجة الأولى، وإنما غياب القانون الرادع الذي يعمل على تسوية استهتار الشباب بالقيم والتعامل بالاحترام اللائق مع المرأة. لا شك أننا أمام حالة غريبة من الاستهتار بالنظام ونحن نشهد ثلاث حالات تحرش خلال أسبوع واحد، وسبق ذلك تحرش بأطفال وزوجة مع زوجها، بل وصل الأمر إلى تحرش أجانب بمواطنات كما في واقعة تلك التي قفزت من ليموزين يقوده أجنبي، أو سائق العائلة الذي لم يتورع عن التحرش بطفل من ذوي الاحتياجات الخاصة، وفي جميع الأحوال والحالات نجد أنفسنا أمام خطر إجرامي لا يتوقف. حين تتم المطالبة بإقرار قانون للتحرش وحماية الطفل والمرأة من الاعتداء، فذلك ليس من قبيل القفز على القيم الاجتماعية أو محاكاة لآخرين يعملون بقوانين تتكيف مع وقائع إجرامية بحق خصوصية الأفراد وحقوقهم، وإنما لأن هناك آمنين نسبيا من العقاب ينبغي أن يجدوا غلظة تشريعية تمنعهم من ارتكاب جرائم تهدد النفس والسلامة الشخصية. يمكن للتحرش أن يتطور لاغتصاب، وجميعنا يتابع الفوضى التي تحدث في دولة كبيرة مثل الهند التي أصبح فيها الاغتصاب عنوانا كبيرا لانتهاك حقوق المرأة، وفي حال لم يتم إقرار نظام للحد من التحرش فإن أمثال هؤلاء الشباب لن يكفوا عن استهداف المرأة والفتيات في أي موقع عام يمكن أن يتواجدن فيه، أو البديل أن يبقين حبيسات الجدران، لأن الجناة لا يتوقفون أمام منقبة أو محجبة أو سافرة، فكله عندهم صابون. ولعل حادثة الطائف مقرونة بجدة تبدأ مسارا جديا لوضع نظام جنائي فاعل يضبط استهتار الشباب ووقوعهم في سياقات إجرامية حقيقية لا يعون حجم ضررها عليهم وعلى ضحاياهم وعلى المجتمع بأسره، وعدم وجود قانون رادع يؤسس لمزيد من الحالات السلبية التي يمكن أن تخترق أمن وسلامة المجتمع وتهدده بشيوع سلوكيات غير منضبطة قد تخرج عن السيطرة، فالثابت أن ما يحدث إنما هو أفعال حيوانية لا علاقة لها بما يمكن أن ينشأ أو يتربى عليه شباب كان يفترض أن يكونوا حماة لأخواتهم وليسوا ذئابا أو وحوشا يبحثون عن اللهو واللعب بمشاعر الضحايا وربما يصل بهم الحال الى أسوأ بارتكاب جريمة كاملة الأركان، وكل ذلك في ظل غياب القانون الرادع والفراغ التشريعي فيما يتعلق بجنح وجنايات لا عقوبات منصوص عليها. كاتبة