الجهد الأمني المميز الذي تم مؤخرا، وكشف عن تلك الخلايا العنقودية الكبيرة، والمخططات الإرهابية التي كانت تنوي تلك الخلايا القيام بها لزعزعة الأمن، وإشعال فتن الاحتراب الطائفي لغرض الزج بالمنطقة في دوامة الصراعات القائمة. هذا الجهد الاستباقي بكفاءته وامكانياته يجعلنا في مأمن من مخططات داعش ومن يقف خلفها، لكنه لا يكفي حتما لمواجهة تنظيم بغيض ثبت - بما لا يدع مجالا للشك - أنه ليس مجرد تنظيم اعتباطي يقوم على أوهام بعض أصحاب الفكر الضال والمنحرف، واستغلال السذج من المراهقين، والباحثين عن ذواتهم من المرضى وذوي العاهات النفسية، وإنما هو بالفعل أداة سياسية ومخابراتية ماكرة، تقف خلفها أجندات دولية لها برامجها وخططها وأهدافها وغاياتها المرسومة، وهو ما اتضح من خلال صمود هذا التنظيم، وحجم التقنيات والمهارات التي ينفذ بها بعض عملياته في غير مكان، الأمر الذي يجب أن يدفعنا كمجتمع إلى التنبه لخطورة هذا التنظيم، وبالتالي ضرورة مواجهته على صعيد نقض أجندته الفكرية التي تظل هي الحلقة الأضعف، والتي يسعى التنظيم لتجنيد الشباب من خلالها، مستغلا العواطف الدينية، وسهولة جر بعض الشباب من صغار السن، وقليلي التحصيل في العلم الشرعي لاستخدامهم كوقود لمخططاته الشيطانية. اللعبة أصبحت الآن على ظهر الطاولة، ولم تعد تدار في الخفاء كما في السابق، والفكر الداعشي بعد الكشف عن تلك الخلايا العنقودية، وميادين التدريب الخاصة بها، سواء الميادين المادية أو الافتراضية، كل هذا يكشف أن المواجهة باتت علنية، وأن الخصم يستخدم كل ما تقع عليه يده من الامكانيات سواء على صعيد التدريب العملي أو الافتراضي للتغلغل في أوساطنا، وهذا ما يستدعي منا الكثير من العمل والجهد، لمواجهة هذا الضلال في الوقوف إلى جانب تلك الجهود الجبارة التي تقودها وزارة الداخلية بمختلف فروعها الأمنية، إلى جانب جهود المناصحة، للتصدي لهذا الداء الماكر الذي يريد أن يستهدف كل أسباب المناعة الذاتية لهذا الشعب، والتي حفظت عليه وحدته ولحمته في أبهى صورها منذ توحيد هذا الوطن على يد جلالة الملك المؤسس - طيب الله ثراه - بعدما استعصى على داعش ومن يقف وراءه اختراق سياجنا الأمني بالحروب المباشرة، والمؤامرات والدسائس، وبقي هذا الوطن صامدا في وجه كل تلك العواصف الهوجاء، ليعمد داعش بالتالي إلى زرع تلك الخلايا في داخل الجسم الوطني، ويملأ جعبته بمخططات إثارة الفتن التي تسعى بكل ما أوتيت من قوة لمحاولة تقويض أركان الوطن باستعداء أطياف الشعب على بعضها، وبث سموم الفرقة والخلاف فيما بينها. غير أن ما يطمئننا إلى جانب وعي وقدرات أجهزتنا الأمنية النابهة التي أثارت إعجاب العالم بقدراتها الاستباقية على انتزاع صواعق التفجير قبل حدوثه، وضبط العناصر الاجرامية قبل وقوع الجريمة، هو الوعي الوطني الكبير الذي بات واضحا من خلال أدوات التواصل الاجتماعي بعد إغلاق بعض حسابات مثيري الفتن. حيث حرص الكثيرون على ملاحقة كل أصحاب الفكر المنحرف، مما يشي بحالة وعي عام تتناغم تماما مع تلك الجهود الكبيرة التي بذلتها وتبذلها الداخلية لصيانة، وحماية أمن الوطن. فتحية إلى كل جهد مخلص يسعى للتصدي لهذا المكر البغيض، ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله.