المبادرات في المجتمع الرياضي تكاد تكون معدومة إلا ما ندر، خصوصا تلك المتعلقة بالجانب الإنساني والتكريمي الذي يخص شخصيات أعطوا لهذا المجتمع المال والصحة والوقت والجهد، وربما كانت اسهاماتهم في السلك الرياضي على حساب تجارتهم وأسرهم وكل ما من شأنه أن يرفع رصيدهم الشخصي في هذه الحياة، ولكن حبهم الجم لأنديتهم جعلهم يضحون بالغالي والنفيس من أجل رفعتها وعلو مكانتها، فهم يفرحون لإنجازاتها ويحزنون لإخفاقاتها. وفي المنطقة الشرقية تبرز هذه الشخصيات أكثر من غيرها، لاسيما في البدايات التي كانت فيها الأندية تعاني الشح المادي، وترجل لها رجال أعمال بارزون وعوائل جعلوا من أنديتهم محطة للعطاء اللامحدود. بعضهم مازال على قيد الحياة، والبعض الآخر غادرنا إلى جوار ربه، وكنت ممن يترقب خلال الدورات الرمضانية في أنديتنا الرياضية أن يلتفت المنظمون والقائمون على تلك الفعاليات لتلك الشخصيات بنظرة حانية ينبعث منها التقدير والعرفان لأولئك الرجال الأفذاذ الذين بنوا صروح أنديتهم حتى أصبح لها اسم رنان، وسمعة تجوب الأمصار لإنجازاتها وتميزها. مشكلتنا في المجتمع الرياضي أننا لا نحفظ الجميل لمن حولوا الشوك لورد، وجعلوا الأحلام واقعا. المصيبة الكبرى أننا لم نكتف بالتجاهل، بل في بعض الأحيان نمارس دور التجني لتاريخ هؤلاء تحت عناوين براقة نكتشف فيما بعد أنها مراهقة عقول لم تنضج بعد وساقها تفكيرها العقيم لتجاهل متعمد، ربما سيعاملهم غيرهم بنفس الأسلوب في مرحلة قادمة. كنت وغيري نتمنى أن تكون الدورات الرمضانية محطة خير لتسجيل اعترافاتنا لتلك الشخصيات التي أوصلت أنديتها لما وصلت إليه في الوقت الراهن. الصورة المضيئة لأولئك الأفذاذ مازالت عالقة في أذهان الجميع خصوصا أولئك الذين عاصروهم واطلعوا عن قرب على عملهم ودعمهم الذي حول فرقهم وأنديتهم من لا شيء لقيمة كبيرة جدا. كيف لنا أن ننسى أحمد الزامل وما قدمه لقادسية الخبر ولأندية كثيرة من المنطقة الشرقية خصوصا أندية الدخل المحدود، فقد شمل دعمه أندية كانت لا تجد قوت يومها. وكيف لنا أن ننسى فيصل الشهيل وما قدمه للنهضة بصفة خاصة ولجميع أندية الشرقية بصفة عامة، وتمر علينا الدورات الرمضانية دون تكريمه. وكيف لنا أن ننسى محمد المطرود وما قدمه لخليج سيهات عندما كان مكتبه نهرا ممتدا يسبح فيه الخلجاويون لكل نائبة ولكل معضلة حتى تبوأ ناديه المكانة الرفيعة محليا وخارجيا. وكيف لنا أن ننسى ثالوث الذهب الاتفاقي الدوسري والطويرقي والزياني، وهم الذين رسموا الفرحة الخارجية لكل الجماهير السعودية. وكيف ننسى الذهبي علي بادغيش، وخالد الصويغ، وعبدالله فرج الصقر، وغيرهم الكثير ممن أعطوا الكثير ولم يأخذوا من الرياضة إلا الجزء اليسير، فقد عملوا في زمن الدفع دون الشهرة، وفي زمن الوفاء للكيان وليس في زمن ( الفشخرة ) للأنا بدفع القليل والبهرجة في الإعلام . حبذا لو كانت الدورات الرمضانية عنوانا للوفاء للرجال الذين عرفوا بدعمهم اللامحدود لأنديتهم، وتكريمهم وهم على قيد الحياة، حتى لا نوصف بنكران الجميل.