عقد قادة دول منطقة اليورو، امس الثلاثاء، في العاصمة البلجيكية "بروكسل"، قمة استثنائية، بعد يومين من صدمة استفتاء اليونان، وذلك بهدف بحث فرص ضعيفة لإنقاذ هذا البلد الذي يترنح مالياً. وحاولت ألمانيا وفرنسا التغطية على اختلاف في مقاربة كل منهما للملف وتقديم موقف موحد في مواجهة رئيس الوزراء اليوناني، الكسيس تسيبراس، الذي تعزز جانبه بعد فوز "لا" ب 31ر61 % من الأصوات في الاستفتاء على خطة الدائنين ل"أثينا". وتحدث وزير الخزانة الأمريكي، جاك ليو، الليلة الماضية، مع رئيس الوزراء ووزير المالية اليونانيين، وأبلغهما أن واشنطن تتطلع إلى أن تستأنف "أثينا" والأطراف الأخرى المشاورات من أجل حل الأزمة، والوصول إلى نتيجة تسمح لليونان بإجراء إصلاحات هيكلية ومالية صعبة لكنها ضرورية، والعودة إلى النمو وتحقيق القدرة على الوفاء بالديون ضمن منطقة اليورو. ومن جهته، أشار صندوق النقد الدولي -أحد الأطراف الهامة في الأزمة المستمرة منذ 2010-، إلى أنه يراقب الوضع عن كثب وأنه على استعداد لمساعدة اليونان متى طلب منه، بيد أن صندوق النقد كان قد رفض الأسبوع الماضي مسألة إعادة هيكلة دين اليونان. ومن المقرر ان تبقى البنوك اليونانية مغلقة حتى يوم غد الأربعاء، على الأقل، مع استمرار إجراءات مراقبة الرساميل، وتتيح حالة الطوارئ المالية هذه تفادي الإفلاس لكنها تعمق كل يوم حالة الاختناق الاقتصادي. تشديد شروط المركزي وفي ذات السياق، أبقى البنك المركزي الأوروبي، امس، القروض الطارئة للمصارف اليونانية على مستواها الحالي، مع تشديد شروطه للمنح مستقبلاً، وأفاد "البنك" في بيا، له بأن مجلس حكامه "قرر إبقاء مستوى السيولة الطارئة للمصارف اليونانية على المستوى الذي حدد في 26 يونيو 2015، بعدما ناقش اقتراحاً لبنك اليونان المركزي، ومنذ التاريخ المذكور، يبلغ سقف القروض نحو 89 مليار يورو. وذكر "البنك" أنه "يمكن فقط منح القروض الطارئة مقابل سندات كافية"، لافتًا الانتباه إلى أن التدهور المالي لليونان ترك أثره على هذه السندات التي تضمنها المصارف اليونانية للحصول على قروض طارئة عبر البنك اليوناني المركزي. وكرر البنك المركزي الأوروبي في بيانه أنه "سيواصل المراقبة الدقيقة لوضع الأسواق والتداعيات المحتملة على وتيرة السياسة النقدية، وتوازن الأخطار على استقرار الأسعار في منطقة اليورو"، مُبدياً "عزمه على استخدام كل الأدوات المتاحة في إطار مهمته". وبحسب بيان المفوضية الأوروبية، رفع المركزي سقف السيولة الطارئة للبنوك اليونانية إلى قيمة 76.9 مليار يورو في 29 أبريل الماضي، ثم إلى 80.2 مليار يورو في 20 مايوا الماضي، وإلى 84.0 مليار يورو في 17 يونو حزيران الماضي. وجمد المركزي الأوروبي، الشهر الماضي، برنامج السيولة النقدية للمركزي اليوناني بقيمة 89 مليار يورو، مما مهد الطريق لتبني ضوابط نقدية داخل اليونان. وقال الخبير الاقتصادي، روبرت هالفر: "البنك المركزي لا يزال يلعب بأوراقه دون أن يفصح عنها، ولا يريد رفع سقف السيولة الطارئة مرة أخرى، وليس بإمكانه خفضها، ولا يمكن أن يزيد فيه، سيكون ذلك كتمويل عمومي "بصورة مزيفة"، والمركزي ليس هنا لإيجاد خيارات تمويل للدائنين، فهم لا يريدون ذلك، وسيقولون سننتظر ما سيتم التفاوض عليه". ووفقاً لبرنامج السيولة الطارئة، ظل المركزي اليوناني يقرض أموالاً للمؤسسات المالية الوطنية بمعدلات فائدة أعلى من مستوى القروض التي يمنحها المركزي الأوروبي. وتتحمل اليونان المخاطر المرتبطة بهذه القروض. ومن ناحية أخرى، قالت كريستين لاجارد، المدير العام لصندوق النقد الدولي: إنه تم إخطار الصندوق بنتائج الاستفتاء الذي جرى في اليونان أمس، والذي أظهر رفض اليونانيين شروط مقرضي أثينا. ودعا "البيت الأبيض" قادة الاتحاد الأوروبي والمسؤولين اليونانيين إلى إيجاد تسوية تُتيح بقاء أثينا فى منطقة اليورو، وذلك غداة رفض اليونانيين في استفتاء لخطة دائني هذا البلد. وقال المتحدث باسم الرئاسة الأمريكية - جوش إيرنست: إن "الاستفتاء انتهى لكن رؤيتنا تبقى نفسها"، معتبراً أن من مصلحة الطرفين إيجاد حل "يُتيح لليونان البقاء في منطقة اليورو. النقد الدولي يراقب وفي ذات الشأن، قالت كريستين لاجارد، المدير العام لصندوق النقد الدولي: إنه تم إخطار الصندوق بنتائج الاستفتاء الذي جرى في اليونان أمس، والذي أظهر رفض اليونانيين شروط مقرضي أثينا، وأضافت "لاجارد": وفقاً لبيان اعلامي، فإن الصندوق يراقب الوضع في اليونان عن كثب. وأشارت إلى أن الصندوق على استعداد لمساعدة اليونان إذا طلب منه ذلك. وأظهرت نتائج لاستفتاء اليونان أن 61% من المصوتين رفضوا شروط المقرضين الدوليين لقاء الاستمرار في تقديم مساعدات مالية لأثينا. ألمانيا ترفض الخفض وعكس المتوقع من المانيا، صرح امس وزير المالية الألماني وولفجانج شيوبله امس الثلاثاء بأن قواعد الإنقاذ في أوروبا لا تسمح بخفض الديون. وردا على سؤال عما إذا كانت اليونان تستطيع الاستمرار في استخدام اليورو، قال شيوبله: إن هذا السؤال ينبغي أن يوجه للحكومة اليونانية. الأسهم وبرنت ينخفضان من ناحية أخرى، أغلقت الأسهم الأمريكية على انخفاض بعدما رفضت اليونان شروط برنامج الإنقاذ؛ وهو ما زاد من الغموض الذي يكتنف مصير البلاد في منطقة اليورو، وتراجع مؤشر داو جونز الصناعي عند الإغلاق 43.49 نقطة، أو 0.25% إلى 17686.62 نقطة، وانخفض مؤشر ستاندرد آند بورز 500 بمقدار 7.69 نقطة، أو 0.38% إلى 2068.82 نقطة. كما هبطت أسعار النفط هبوطاً حاداً أمس، بعد أن رفضت اليونان شروط حزمة الإنقاذ في استفتاء، وفي الوقت الذي اتخذت فيه الصين إجراءات طارئة؛ لمنع حدوث انهيار كامل لسوق الأسهم، وهو ما يؤجج المخاوف بشأن ضعف نمو الطلب في وقت يشهد وفرة في المعروض العالمي. وهبط سعر مزيج برنت دولارين في العقود الآجلة إلى 58.32 دولار للبرميل، قبل أن يقلص خسائره إلى 1.5 دولار، مسجلاً 58.83 دولار للبرميل بحلول الساعة 1158 بتوقيت جرينتش. وهبط الخام الأمريكي الخفيف إلى 54.53 دولار للبرميل، بانخفاض 2.4 دولار عن سعر الإغلاق في الثاني من يوليو، حيث كانت الأسواق مغلقة في الثالث من الشهر نفسه بمناسبة عطلة في الولاياتالمتحدة، وأثارت نتيجة الاستفتاء اليوناني شكوكاً في استمرار عضوية أثينا في منطقة اليورو؛ وهو ما دفع العملة الأوروبية الموحدة للتراجع مقابل الدولار.