بالإصغاء إلى نصيحة حكومتهم والتصويت بالرفض في استفتاء يوم الأحد، أرسل المواطنون اليونانيون رسالة لا لبس فيها. بالتشابه الكبير مع الشخصيات الأمريكية الخيالية التي ظهرت في فيلم (الشبكة) حين فتحوا النوافذ وصرخوا قائلين «لقد جن جنوننا ولن نتحمل هذا أكثر من ذلك»، يطالب اليونانيون بأن تعترف بقية أجزاء أوروبا بالمحنة التي يمرون بها. في هذه المرحلة، على أية حال، يبدو فقط أن هناك عددا قليلا فقط من القادة الأوروبيين مستعدين للإصغاء، وحتى ان هناك عددا أقل من ذلك يبدو مستعدا لتقديم هذا النوع من الإغاثة التي تحتاجه اليونان بشكل كبير. سوف تظهر الآثار بشكل رئيس في اليونان، ولكنها أيضا ستكون في أوروبا وخارجها. فيما يلي العواقب أو النتائج العشر للتصويت والتي يمكن أن تتكشف خلال الأيام القليلة القادمة: 1- انتصار معسكر التصويت بالرفض - بأكثر من 60 بالمائة من الأصوات، وفقا للنتائج الأولية - سوف يؤدي مبدئيا إلى عمليات بيع عامة للأسهم العالمية، جنبا إلى جنب مع ضغوط للأسعار على السندات الصادرة من قبل اليونان، والاقتصادات الأخرى الطرفية في منطقة اليورو (مثل إسبانيا والبرتغال) والأسواق الناشئة. سوف تستفيد السندات الحكومية الأمريكية والألمانية من تحول المستثمرين إلى النوعية. 2- بما أنهم أخذوا على حين غرة أو بشكل مفاجئ، فسوف يسعى السياسيون الأوروبيون بسرعة إلى استعادة زمام المبادرة: سوف يجتمع كل من المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند في باريس يوم الاثنين للعمل على إعداد رد. في عالم مثالي، قد يتحرك أولئك القادة بسرعة وبفعالية مع الحكومة اليونانية لتجاوز الصراع والحدة التي سبقت الاستفتاء. هذا من المحتمل أن يكون أمرا صعبا، نظرا لانعدام الثقة والعداوة والشحناء والاتهامات المدمرة التي أثرت سلبا في العلاقة. 3- حتى مع وجود تلك التحديات، لا يمتلك السياسيون اليونانيون والأوروبيون الكثير من الوقت لتوحيد إجراءاتهم معا. إن الظروف الفظيعة في اليونان سوف تزداد سوءا قبل أن تتحسن العلاقة. من دون مساعدة طارئة ضخمة من البنك المركزي الأوروبي- القرار الذي يواجه خلافا طويلا - سوف يكون من الصعب على الحكومة إيجاد المال الخاص بآلات الصراف الآلي في البلد، ناهيك عن إعادة فتح المصارف. 4- بينما يزيد الناس قدر الإمكان من تجميع المواد والاكتناز والتخزين، سوف يزداد النقص في السلع الأساسية، بما في ذلك الوقود والغذاء. سوف يتم تشديد ضوابط رأس المال والمدفوعات. سوف يتخذ الاقتصاد خطوة أخرى مثيرة للقلق، مما سيؤدي إلى تفاقم مشكلتي البطالة والفقر. وسوف تعاني الحكومة في سبيل دفع مرتبات موظفي الخدمة المدنية والمتقاعدين. 5- نتيجة لذلك، سوف تتعرض الحكومة لضغوط متزايدة لإصدار نوع من الكمبيالات أو سندات الدين من أجل الحفاظ على إحساس بوجود اقتصاد عامل يمارس وظائفه. إذا حدث ذلك، سوف يكون دور تلك الكمبيالات كعملة موازية، تم نقلها محليا بسعر مخفض للعملة الموحدة. 6- خارج اليونان، سوف يتم التفكير بشكل كبير بالحد من الآثار الجانبية الضارة. الأرجح أن يقوم البنك المركزي الأوروبي بطرح إجراءات جديدة من أجل احتواء انتشار العدوى إقليميا، بما في ذلك توسيع نطاق البرنامج الحالي المتضمن عمليات شراء الأوراق المالية واسعة النطاق. هذا سوف يؤدي إلى إضعاف سعر صرف اليورو. بالإضافة إلى ذلك، جنبا إلى جنب مع صندوق النقد الدولي - تعتبر اليونان متأخرة في السداد له أصلا - سوف يكون المسؤولون يجهزون لسلسلة من حالات الإعسار في اليونان. 7- كل الأطراف المعنية سوف تجد نفسها مضطرة لاستخدام الخطة البديلة. هذا التحول سيكون على الأرجح بمثابة صدمة كبيرة لليونان أكثر منه لبقية أوروبا. 8- حيث إن الهدف النهائي ينطوي على مواجهة احتمال وقوع المزيد من المعاناة الإنسانية والألم وعدم اليقين بأسرع وقت ممكن، تمتلك أوروبا الأدوات والمؤسسات من أجل الحد من انتشار العدوى والحفاظ على سلامة منطقة اليورو. لكن هذا سوف يتطلب أن يقترن عمل البنك المركزي الأوروبي مع التدابير المتخذة من قبل آلية الاستقرار الأوروبي وبنك الاستثمار الأوروبي والهادفة إلى استكمال اتحاد مصرفي وإحراز تقدم بشأن التكامل في المالية العامة. 9- على أية حال، من المشكوك فيه جدا أن اليونان ستكون قادرة على استعادة مكانتها كعضو كامل في منطقة اليورو. في الواقع، دون توافر إدارة ماهرة جدا للأزمة، فإنها ستكون عرضة لخطر أن تصبح دولة فاشلة. بدلا من مجرد الوقوف ساكنة، تحتاج أوروبا إلى التأكد من أن خروج اليونان من منطقة اليورو ذات الأعضاء التسعة عشر لا ينتج عنه أيضا انفصالها عن الاتحاد الأوروبي الأكبر. هذا قد يشمل عضوية خاصة في اتفاقية شراكة على سبيل المثال. 10- أخيرا، توقع حدوث انفجار من تبادل الملامة. كل طرف سوف يلقي باللوم على الطرف الآخر. هذا النشاط غير المنتج قد ينتهي به الأمر في تأخير حاجة أوروبا الماسة إلى استيعاب الدروس المستفادة من هذه النتيجة المحزنة: سلسلة من وعود الإصلاح الكاذبة التي أطلقتها العديد من الحكومات اليونانية تعقدت أكثر من قبل بسبب العناد السياسي والتحليل السيئ والمتابعة غير المتناسقة من قبل أوروبا، والتي تسهم في فقدان اليونان كعضو فاعل في تلك الأسرة.