إن الخطأ صفة إنسانية ملازمة للإنسان في كافة أفعاله وأقواله، ولا يمكن لأي إنسان أن يكون بلا خطأ. لذلك كان على الإنسان أن يخطأ حتى يتعلم من خطئه ويحسن ويجيد ويتقن فيطور بيئته ومجتمعه. أن نفشل في الوصول الى غاية أو هدف معين فهذا شيء طبيعي لأن كل إنسان يمكن أن يفشل كما يمكن ينجح. للنجاح شروط وأسباب، كما للفشل مبادئ وإنذارات، انذارات الفشل تنبئ العاقل بالفشل مبكراً لكي يتجنبه، وبوادر النجاح تعطي الدافع للمزيد من بذل الجهد ليكتمل التفوق والنجاح.. المدير الجاهل الذي يبدد الموارد يفشل، والذي لا يستوعب مقدرات منتسبيه يفشل أيضاً والفرد الذي لا يجهز نفسه للتحديات يفشل أيضاً. الكسل، التكبر، الغرور، الاستهتار والجهل.. من أعظم أسباب الفشل بشكل عام.. وفي الرياضة أيضاً، الإداري الذي يضيع مجهود فريقه ويبدد آمال شعب كامل، ويسرق عرق لاعبيه بسبب خطأ فني بجهله أو استهتاره يحبط اللاعبين ويثبت للآخرين عدم أحقيته وجهله وعدم درايته بالمنصب الذي يشغله ويجب بالتالي معاقبته.. الفشل ليس عيباً ولكن العيب هو أن لا نتعلم من فشلنا كالعادة، وما لم نرتب أنفسنا ونستعد للأشياء في قادم الأيام والمستقبل ونغير مفهومنا ودواخلنا ونهيئ أنفسنا للنجاح فلن ننجح في أي مجال. علينا أن نعقد العزم على أن نصحح مسارنا، فليس العيب أن نخطئ، ولكن العيب أن نصر على الخطأ ونكرره، ونعيده مرات متوالية، وأكبر من هذا العيب، أن نكابر فلا نقبل نصيحة ناصح، وأن نعترف بالخطأ بكل هدوء. الملاحظ والمتابع لأخطائنا يجدها تتكرر دون أدنى محاولات للتصحيح، فقط مجرد وقفة تأمل وملاحظة، لا وقفة محاسبة ومراجعة، الأمر الذي يبرر تمادينا في الأخطاء وعدم الاكتراث بالعواقب ومدى تأثر الآخرين بها، لأننا لا نعترف بالمشكلة أساسا، فاستشعار المشكلة والاعتراف بها أولى الخطوات في طريق المعالجة، بل إننا نكابر. بين الخطأ والصواب علينا أن نسأل أنفسنا في نهاية كل يوم عما يمكننا أن نفعله في الغد، لنقلل أخطاءنا فنجعل حياتنا اجمل، وعلاقاتنا مع الآخرين أفضل. في كل يوم جديد نواجه الكثير من التحديات الإيجابية والسلبية أيضاً.. تحديات ذاتية وتحديات من الأهل والأقارب ومن زملائنا في العمل ومن الجيران ومن الأغراب في الشوارع.. تجتمع كلها تحت عنوان واحد: تجارب اليوم.. وفي نهاية النهار علينا أن نستعيد هذه التجارب كي نستفيد منها.. نعزز الإيجابيات ونتغلب على السلبيات، لكن ذلك لا يمكن أن يتم إلا بطريقة واحدة؛ هي أن نتخلى عن الأنانية ونتحلى بالتجرد ونواجه أنفسنا بكل ثقة.. ماذا فعلنا اليوم وماذا يمكن أن نفعل غداً من أجل حياة أفضل.. هل نجرؤ على مواجهة أنفسنا؟. فإذا كنا قد تركنا مقاعد الدراسة في الأمس أو قبل عشرات السنين، هذا لا يعني أننا يجب أن نتحجر ونتوقف عن تعلم أشياء جديدة واكتساب معرفة من أي نوع كان.. كلمة بلغة أجنبية أو ربما كيفية تشغيل برنامج أو تطبيق جديد على الكمبيوتر.. أن نتعلم أي شيء جديد، فالمعرفة قوة تساعد الإنسان على مواجهة متطلبات الحياة وهي كثيرة. ليس هذا فقط، فالمعرفة تساهم في إسعاد الإنسان وتزيده ثقة في نفسه، وكلما زادت هذه المعرفة زادت معها سعادته وثقته.. المهم أن يتعلم شيئاً جديداً لم يكن يعرفه في الأمس. حتى ولو كان الخطأ محرجاً وتذكره مزعجا، حتى ولو كان الخطأ مبكيا وتذكره مؤلما، فاستشعار الفشل والخطأ والتعلم منه، هو وقود يدفعنا الى الأمام.. نُخطئ فنبكي على اخطائنا (كل ابن آدم خطاء) ونخطئ لكن نتفادى ما وقعنا فيه من اخطاء مُسبقاً ولا نقع فيها مرة اُخرى. فكل إنسان مهما صغر أو كبر يقع في الخطأ، سواء كان عن غير قصد أو متعمداً. وفي كلتا الحالتين يجب أن يتعلم من ذلك الخطأ؛ فقد قيل: «من جهلنا نخطئ ومن الخطأ نتعلم». وليس للإنسان حق في الاستمرار في ذلك الخطأ. فبعضنا يجعله ذريعته فيقول: قد وقع وانتهى الموضوع ويستمرئ فعله، فيتدهور حاله من خطأ إلى خطأ حتى تصبح عادة سيئة غير مستغربة لديه، ويموت ضميره، ومن مات ضميره فقد مات قبله. لنجعل من الخطأ الذي فعلناه ترياقاً فلا نعود إليه، ونشفى من سمية ما اقترفنا لنغربل أفعالنا فننتقي الأحسن ونستمر فيه وندخر السيئ لتسمو حياتنا، ونكون لبنات صلدة لبناء مجتمعنا. والله ولي التوفيق.. * خبير الشؤون الإعلامية والعلاقات العامة