قال تعالى: ((يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ لا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إلْحَافاً)) رجاءً لا تنسوهم فلا عذر يبرر التأخير في البحث عنهم. البحث والوصول إليهم مسؤولية اجتماعية وواجب ديني، ضغوط الحياة الكثيرة لا تعفي أحدا عن واجبه الديني والإنساني فالبحث والسؤال عن أخيه المحتاج خاصة هذه الفئة فرض وواجب. لدينا ولله الحمد في هذا الوطن الكثير من المتسابقين في العمل الخيري والإنساني المميز كل بقدر استطاعته، فكم من معسر فرج الله عنه بفضله سبحانه ثم بإسهام أهل الخير بقضاء دينه أو الإسهام في قضاء حاجته من سكن ومأوى وإعاشة في سر لا يعلمه إلاّ الله. هذا عند معرفة الفقير المحتاج فالكل يتسابق في تقديم العون والمساعدة، لكن الذي قد نكون قصرنا فيه الاجتهاد الأكثر في البحث عن أغنياء النفس الذين لا يسألون الناس إلحافاً تحسبهم أغنياء من التعفف، هذه الفئة كلنا مسئولون أمام الله عنها ثم أمام ضمائرنا وإنسانيتنا، فلا يجب أن نغتر بالمظهر، دقة البحث والتحري ضرورة. فلَيْسَ الغِنَى عَن كَثرَةِ العَرَض كما يقول عليه أفضل الصلاة وَلكِنَّ الغِنَى غِنَى النَّفْس. وليس المسكين الذي يطوف على الناس ترده اللقمة واللقمتان، والتمرة والتمرتان، ولكن المسكين الذي لا يجد غني يغنيه ولا يفطن له فيتصدق عليه، ولا يقوم فيسأل الناس. فمن أهم الروابط الإسلامية التي حث عليها المولى جلّ وعلا التكافل الاجتماعي بين الأغنياء والفقراء ليتحقق التواصل والتراحم والتعاطف والتحاب بين أفراد المجتمع وفئاته، وللتأكيد جعلت الزكاة ركناً من أركان الدين والصدقة في كل صورها عنواناً على صدق الإيمان، فليست منة يمتن الغني بها على الفقير وإنما ركن من أركان الإسلام يجب أداؤه لتحقيق سعادة المجتمع واستقراره بجميع طبقاته وفئاته وشرائحه. ومسؤوليتنا كبيرة كمجتمع بكل فئاته وطبقاته في البحث عن المتعففين وسد حاجتهم. هم موجودون بيننا في مدننا وقرانا هناك مناطق وبيئات فقيرة وشرائح من ذوي الدخل المحدود في المجتمع ليس من الصعب التعرف عليهم إذا تنوع بحثنا بشكل أكثر إيجابية بالاجتهادات والتقديرات الشخصية، واستخدام المعايير الخاصة والرؤى الفردية والاجتماعية بكل تجرد وموضوعية سيتم الوصول إليهم. أحياناً تكون هذه الفئة المتعففة من الأهل والأصدقاء أو الجيران وعزة أنفسهم تأبى عليهم السؤال، فتحسبهم أغنياء من التعفف يفضلون الصبر على الجوع والفقر ومعاناته على أن يمدوا أيديهم لغير الله سبحانه يستحب أن تقدم المساعدة كهدية وصلة منعاً للإحراج. لا يطرقون أبواب المنازل كما يفعل غيرهم ولا يقتحمون شاحنات التوزيع العيني، ولا يزاحمون الناس في الجمعيات الخيرية، فالكثير منهم لا يملك ما يسد حاجته وأطفاله ويتعفف، لذا وجب البحث عنهم والتحري عن أحوالهم بكل الوسائل شرط عدم خدش كرامتهم. من الضروري أن يخصص كل قادر من القادرين وكل أهل الخير مأجورين جزءا من وقتهم للبحث عن المتعففين، وكذلك الجمعيات الخيرية مشكورة فهي لا تألو جهداً في مساعدة المحتاجين آمل منها زيادة التحري والبحث عن هذه الفئة بكل الوسائل. مساعدات كثيرة تقدمها الجمعيات الخيرية تستفيد منها الفئات المستهدفة التي تتقدم بطلباتها، وقد تحصل على كل المساعدات التي تحتاجها أضعافاً مضاعفة في الوقت الذي يتضور أطفال المتعففين جوعاً!!. أعرف أن الجمعيات الخيرية تتكفل بإيجار مساكن أكثر الفقراء، وتسدد فواتير الكهرباء والماء عنهم وتقدم المساعدات المادية والعينية والأثاث والمكيفات وكل ما يحتاجون شكراً ولكن المتعففين غائبون عن الأنظار. مؤسسات المجتمع المدني والجمعيات التطوعية أيضاً أرجو منها زيادة البحث في كل منطقة سكنية في المدن والقرى والهجر خاصة في هذا الشهر الكريم، ومع زيادة الأسعار والسباق المحموم في مضاعفة أسعار المواد الغذائية أتعجب!! كيف يواجه الفقير ارتفاع الأسعار والريال الواحد يشكل فارقاً كبيراً لديه؟!! ملاحظة.. لو أن كل عائلة مقتدرة تكفلت بالفقراء فيها لأنها أعرف الناس بأحوالهم، أقرباء وأرحام وأقرباء الأرحام..الخ، وكل مقتدر تكفل بجاره الفقير وأقرباء هذا الجار وأرحامه ومن يعرفهم من ذوي الدخل المحدود المتعففين في المجتمع لتحقق التكافل الاجتماعي بدون أي مجهود. * تربوية - مديرة مدرسة