قال مستشارون نفسيون ومختصون إن المتعافين من الإدمان قد يتعرضون لانتكاسات بعد إكمالهم البرامج التأهيلية نتيجة الإهمال وعدم وجود المتابعة، مشيرين إلى أن المتعافي يخرج من الجو الصحي ويرجع إلى المجتمع والصحبة ذاتهما فينتكس ويعود إلى إدمانه. واتفق المختصون على أنه كلما زادت فترة تعاطي المخدرات والمؤثرات العقلية زادت صعوبة التخلص منها، وتعرض الإنسان إلى مزيدٍ من الضياع والخيبة والفشل، وغالبا ما يكون التعاطي والإدمان بسبب رفاق السوء أو اكتساب هذه العادة الذميمة من الخارج ومن مجتمعات لها عادات مخالفة لديننا وتقاليدنا. وأشاروا ضمن ملف «اليوم» الشهري العاشر «خطر المخدرات.. ليس الإرهاب وحده يخطف شبابنا»، إلى أنه يجب على المجتمع تغيير أفكاره تجاه المتعاطي والمدمن الذي يُعتبر مريضا وليس مجرماً. ولفتوا إلى أن توعية الأبناء بأضرار المخدرات يجب أن تشترك فيها أطراف المجتمع كافّة، بما فيها الأسر التي ينشأ بها الأبناء والمدارس والنوادي والمجالس والمساجد والجمعيات ومؤسسات المجتمع الأخرى، مبيّنين أن تضافر الجهود بين هذه الأطراف مجتمعة سيكون له بالغ الأثر في التوعية وفي الحدّ منها. وأبانوا أن إنشاء لجنة مكافحة العنف والإدمان والتي أمر بتشكيلها الفريق الركن الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة وزير الداخلية بمملكة البحرين بناءً على الفكرة المقدمة من الشيخ عبدالله بن راشد آل خليفة محافظ المحافظة الجنوبية، عضو اللجنة الوطنية لمكافحة المخدرات والتي منها تم تكوين فريق عمل لتنفيذ سير البرنامج وذلك من واقع دراسات وظواهر محلية وعالمية يواجهها المجتمع من مخاطر العنف والإدمان، وقد أصبحت ضرورة حماية فئة الشباب والناشئة وتحصينهم مسؤولية وطنية اجتماعية مشتركة من كافة الأشكال التي من شأنها التأثير على مستقبلهم ومستقبل أوطانهم. قال العقيد مبارك عبدالله بن حويل مدير إدارة مكافحة المخدرات بالإدارة العامة للمباحث والأدلة الجنائية في مملكة البحرين إنّ التوعية بأضرار المخدرات يجب أن تبدأ في الصغر من أجل الوقاية من مخاطرها ولتحصين الأبناء من الانجراف فيها عند الكبر، مشيراً إلى أنّ حملات التوعية التي تستهدف المدارس هي أفضل خيار لتحصين المجتمع ووقايته من هذه الآفة. موضحاً أنّ المطالبة باستمرار حملات التوعية بالمدارس لا تعني أنّ المدارس تعاني من مشاكل في المخدرات وأنّ هذه الحملات هدفها الحدّ منها، مؤكّداً أنّ الفترة التي قضاها في إدارة مكافحة المخدرات منذ العام 2007 وحتى اليوم لم تشهد حالة واحدة للتعاطي أو الترويج داخل أسوار المدارس. وأضاف أن «الإدارة مستمّرة بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم في تنفيذ برنامج التوعية بأضرار المخدّرات لصالح الطلبة، وذلك من خلال سلسلة من المحاضرات واللقاءات التي تحتوي على مضامين ورسائل توعوية مبنية على أسس علمية لصالح أبنائنا». وعزا الفضل في خلوّ المدارس من تعاطي المخدرات وترويجها بعد الله سبحانه وتعالى إلى وعي المجتمع البحريني وتعليمه وثقافته والتزامه الديني، وإلى وزارة الداخلية وعلى رأسها الوزير الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة، ورجالات التربية وعلى رأسهم وزير التربية والتعليم ماجد علي النعيمي، وجميع العاملين بالوزارة الذين كرّسوا جهودهم من أجل أن تكون المدارس بيئة حاضنة للعلم والإبداع والابتكار والتميّز والتفوق، وخالية من جميع الممارسات التي لا تمتّ لقيم المجتمع البحريني بأية صلة. إثارة البلبلة وأشار إلى أنّ الطريق إلى مكافحة المخدرات يبدأ من خلال مزيد من التوعية، لا المزيد من التصريحات الصحافية التي لا تستند إلى إحصائيات موثوق منها أو تقارير معتمدة، ودون الرجوع إلى الجهات المختصة، لأنّ مثل هذه التصريحات تثير البلبلة ولا تؤدّي إلى أيّ نتيجة. وأفاد أنّ توعية الأبناء بأضرار المخدرات يجب أن تشترك فيها أطراف المجتمع كافّة، بما فيها الأسر التي ينشأ بها الأبناء والمدارس والنوادي والمجالس والمساجد والجمعيات ومؤسسات المجتمع الأخرى، مبيّناً أنّ تضافر الجهود بين هذه الأطراف مجتمعة سيكون له بالغ الأثر في التوعية وفي الحدّ منها. وأوضح النقيب عبدالرحمن أحمد شويطر رئيس شعبة التعاون الدولي بإدارة مكافحة المخدرات أن إدارة مكافحة المخدرات إدارة معنية بمكافحة العرض والطلب على المواد المخدرة والمؤثرات العقلية، وينقسم العمل فيها إلى جانب وقائي لمنع وقوع المشكلة وجانب توعوي وهو كيفية التعامل مع المواد المخدرة إن وجدت، والقبض على من يتعامل مع هذه الآفة عن طريق المكافحة الميدانية لهذه المواد، وتوعية الجمهور من أضرار هذه الآفات. وأشار إلى أن المواد المخدرة والمؤثرات العقلية تنقسم إلى مخدرات طبيعية ومخدرات نصف تخليقية ومخدرات تخليقية، فالمخدرات الطبيعية هي المواد المخدرة المشتقة من النباتات الطبيعية، وأما نصف التخليقية فهي عبارة عن مخدرات طبيعية يضاف إليها بعض المركبات الكيميائية، والنوع الأخير هو المخدرات التخليقية التي يتم صناعتها كيميائياً من مركبات كيميائية من دون دخول المواد الطبيعية فيها. وقال النقيب شويطر ان «مكافحة المخدرات تقتضي تعزيز أوجه التعاون بين الجهات المتخصصة في هذا المجال وعلى كافة المستويات الوطنية والإقليمية والدولية حتى يتسنى السيطرة عليها والحد منها عرضاً وطلباً، كما أن قانون المخدرات رقم 15 لسنة 2007 تطرق إلى جنايات وجنح المخدرات، فجنح المخدرات تتراوح أحكامها بين ستة شهور وثلاث سنوات، أما الجنايات فتبدأ من ثلاث سنوات وتصل إلى السجن المؤبد وبعض الحالات تصل إلى الإعدام». ونوه بجهود اللجنة الوطنية لمكافحة المخدرات برئاسة وزير الداخلية لما لها من دور في تحديد الإطار العام في مجال المكافحة والتوعية من أضرار آفة المخدرات، بالإضافة إلى دور لجنة الاحتفال باليوم العالمي لمكافحة المخدرات برئاسة محافظ المحافظة الجنوبية عضو اللجنة الوطنية لمكافحة المخدرات، والتي اختصت بتنفيذ البرامج التوعوية على مدار العام، وذلك بالتعاون مع وزارة الصحة ووزارة التربية والتعليم. طرق علمية ودعا رئيس شعبة التعاون الدولي بإدارة مكافحة المخدرات النقيب عبدالرحمن أحمد شويطر جميع أفراد المجتمع إلى التعاون للقضاء على آفة المخدرات عن طريق الاتصال بالخط الساخن 17715579، حيث إن جميع البلاغات يتم التعامل معها بسرية تامة، كما أن قانون مكافحة المخدرات يحمي أي شخص متعاط ويريد أن يتعالج ويعفيه من العقوبة. إلى ذلك، قال الشيخ عبدالله بن راشد آل خليفة رئيس لجنة برنامج (معاً) لمكافحة العنف والإدمان عضو اللجنة الوطنية لمكافحة المخدرات انه «انطلاقاً من واجبنا الوطني وتماشياً مع رؤية الحكومة تحت قيادة الملك حمد بن عيسى آل خليفة للارتقاء بمجتمعنا وتهيئة جيل واع قادر على اتخاذ القرارات المثلى للوصول إلى حياة اجتماعية خالية من العنف والإدمان ارتأينا من هذا المنطلق أنه لابد من غرس تلك المفاهيم بطريقة علمية تعزز هذا المبدأ لدى الجيل القادم والنشء». وأضاف «بدأنا أولى خطواتنا في البحث عن تلك السلبيات الموجودة في مجتمعنا المحلي والتي تتضمن العنف والادمان وطرق الوقاية منها في المجتمع، وقد أدى بحثنا إلى ضرورة إنشاء برنامج توعوي يختص في توعية وتثقيف النشء بالطرق العلمية الناجحة، ويتم تطبيق البرنامج في المدارس الحكومية والخاصة بالبحرين». مبيناً أن البرنامج يسلط الضوء على المهام التي يرتكز عليها البرنامج في تعزيز مبدأ الشراكة المجتمعية وكسر الحاجز بين النشء وجهات تنفيذ القانون، تطوير المهارات الحياتية وكيفية مواجهة تحديات الحياة التي من الممكن أن يواجهها النشء واستنباط افضل الخيارات منهم وكذلك تطبيق المنهجية الواقعية لتزويد الفئة المستهدفة بمهارات اتخاذ القرارات الصحيحة. وأوضح علي أميني مدير برنامج (معاً) لمكافحة العنف والإدمان أنه تم تشكيل فريق عمل وقام بالتعاون مع مؤسسة أمريكية عالمية متخصصة في توعية النشء وأكدت فعاليته، حيث انه تم تطبيقه على أرض الواقع منذ عدة سنوات وأثبت نجاحه ومن هنا قمنا بتدريب وتهيئة أفراد من شرطة خدمة المجتمع على أيدي خبراء دوليين وبعدها يقومون بتنفيذ البرنامج والذي تم بحرنته وتعريبه، بما يتناسب مع قيمنا وديننا الإسلامي وثقافتنا العربية وهويتنا في عدد من المدارس الحكومية والخاصة في البحرين. وأضاف «لم يقتصر عمل البرنامج على تدريب الشرطة وتأهيليهم بل تم القيام بعمل زيارات لعدد من الوزارات والمؤسسات الحكومية والخاصة للتعريف عن أهداف ورؤية البرنامج، وتم القيام بعدد من المعارض التي من أهدافها نشر الوعي لدى الزوار وغرض أهم الطرق السليمة في توعية الأطفال وتوجيههم». تجارب دولية وتحدث أميني حول البرنامج قائلاً «تم الاستعانة بأحدث التجارب الدولية العلمية الحديثة التي تركز على الجانب التوعوي بالدرجة الأولى وفق برامج تطبيقية ملامسة للواقع قريبة من المعنيين من رجال الأمن، فبالتعاون مع المنظمة الأمريكية لمكافحة العنف والإدمان والجريمة تم تدشين برنامج معاً لمكافحة العنف والإدمان ذي الصبغة البحرينية الشاملة للهوية العربية الاسلامية والذي يهدف إلى تعزيز الشراكة المجتمعية وكسر الحاجز بين الطلبة وجهات تنفيذ القانون واتخاذ القرارات الصحيحة في الحياة والحفاظ على الاستقرار والانسجام الأسري والمجتمعي». مبيناً أن البرنامج في نسخته الأصلية هو أمريكي، تم تدشينه في العام 1983 عن طريق منظمة D.A.R.E. (Drug Abuse Resistance Education) الأمريكية، ومطبق في أكثر من 60 دولة، وبتسع لغات. وقد تم تعريب وبحرنة البرنامج بما يتناسب مع القيم والدين في المجتمع، بموافقة المنظمة الأمريكية، والبحرين هي أول دولة عربية تتبنى هذا البرنامج وبحرنته وتعريبه، وقد استفاد من البرنامج نحو 27652 طالبا وطالبة من 55 مدرسة خلال 7720حصة دراسية موزعة على 965 صفا. مشيراً إلى أن وزارة التربية والتعليم وجدت حاجة المجتمع البحريني إلى تطبيق مثل هذه البرامج لوقاية الجيل الجديد من ظاهرتي العنف والإدمان ووضع حد لهما، فارتأت أن تتوجه إلى الطلبة في المدارس الابتدائية لمساعدتهم في اتخاذ القرار المناسب لحياتهم، والحفاظ على حياتهم من هذه الظواهر التي تفتك بالمجتمع. وأضاف إن «الإحساس بالمسؤولية الوطنية يدفعنا للوقاية ومكافحة كل ما يؤثر سلبا على النسيج الاجتماعي، كما أن ظاهرة العنف تتنافى مع مشاعر الأخوة والترابط الأسري، والنظرة المستقبلية لازدهار البلد هو التعايش السلمي، وعزز البرنامج من ثقافة الطالب فيما يتعلق بدور الشرطة والخدمات التي توفرها وزارة الداخلية، فالمنهج المدرس ليس حصة دراسية من أجل تحصيل درجة نهاية الفصل، بل ورشة عمل لتعزيز المهارات، وتعليم الطالب أن يقول لا، ليبعده عن التصرفات التي قد تؤدي للعنف وتفاديا لإغراءات التدخين، ومعاقرة المخدرات، ومساعدته على اتخاذ القرار الصحيح وفق منهج عملي، وهو بمثابة الخط الأول للوقاية، حيث يسهم البرنامج على مدى خمس السنوات المقبلة، في تقليل نسبة الإدمان، ونسبة الوفيات من الإدمان، وتقليل حالات العنف الأسري، والمخالفات السياسية والأمنية، والتحكم في الجيل الجديد، ليكون جيلاً واعياً، على علم واطلاع بالقوانين والأنظمة». فحوص بالمدارس من جهته، اقترح نائب في مجلس النواب البحريني عمل فحوص طبية عشوائية للطلبة بالتنسيق بين وزارة التربية والتعليم ووزارة الصحة من أجل مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية. وقال النائب خليفة الغانم ان دراسة صدرت حديثاً بعنوان (تدابير خفض الطلب على المخدرات والمؤثرات العقلية) التي أصدرتها الأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية بإشراف من وزارات الداخلية بدول المجلس ومشاركة عدد من المختصين بدول المجلس، كشفت تورط طلاب المرحلة الابتدائية بدول مجلس التعاون الخليجي بتعاطي المخدرات، حيث بلغ تعاطي المخدرات بين طلاب المرحلة الابتدائية بدول الخليج 10 بالمائة فيما سجل 24 بالمائة من التعاطي بالمرحلة المتوسطة وأن 36.6 بالمائة في السنة الأولى الثانوية و20 بالمائة تعاطوا المخدرات بالسنة الثانية أو الثالثة وأن 5.8 بالمائة بدأوا التعاطي في الجامعة. وذكر النائب الغانم أن الدراسة بينت اختلاف النسب في كل دولة، حيث تبدأ من 5-10 بالمائة بالتعاطي في المرحلة الابتدائية في البحرين والسعودية والكويتوقطروعمان، بينما ترتفع النسبة إلى 25 بالمائة بين المتعاطين بالإمارات. أما في المرحلة المتوسطة فتتراوح النسبة من 13 بالمائة في الكويت إلى 23 بالمائة في الإمارات، ثم 30-33 بالمائة في السعودية وقطروالبحرين، أما عمان فسجلت 39 بالمائة. وفي المرحلة الأولى الثانوية فتتراوح النسبة من 28-30 بالمائة في قطروالإمارات إلى 36-38 بالمائة في الكويت والسعودية وعمان إلى 51 بالمائة في البحرين. أما المرحلة الثانية أو الثالثة الثانوية فتتراوح النسبة من 10-12 بالمائة في البحرينوالإماراتوعمان إلى 18-21 بالمائة في السعودية وقطر إلى 32 بالمائة في الكويت، أما البدء في المرحلة الجامعية فتتراوح النسبة من صفر في البحرينوعمان إلى 5 بالمائة في السعودية إلى 8-9 بالمائة في الكويتوالإماراتوقطر. وأضاف الغانم أن الانتظام في التعاطي والاستمرار فيه في جميع الدول بلغت النسبة 11 بالمائة في المرحلة الابتدائية و16 بالمائة ينتظمون في المرحلة المتوسطة وأن 37 بالمائة ينتظمون في السنة الأولى الثانوية وأن 25 بالمائة ينتظمون في السنة الثانية أو الثالثة الثانوية وأن 9 بالمائة فقط ينتظمون في المرحلة الجامعية. كما كشفت الدراسة عن اختلاف النسب من دولة إلى أخرى، حيث إن نسبة الذين ينتظمون في التعاطي في المرحلة الابتدائية تتراوح من 2-3 بالمائة في عمانوالبحرين، إلى 10-11 بالمائة في السعودية والكويت، إلى 25 بالمائة في قطروالإمارات. وأشار إلى أن نسبة الذين ينتظمون في التعاطي في المرحلة المتوسطة تتراوح من 10 بالمائة في الإماراتوالكويت إلى 15 بالمائة في البحرين والسعودية وقطر إلى 32 بالمائة في عمان. وعن الذين ينتظمون في التعاطي في السنة الأولى الثانوية فتتراوح النسبة من 31 بالمائة في الإمارات إلى 35-39 بالمائة في قطروالكويت والسعودية وعمان إلى 46 بالمائة في البحرين. أما الذين ينتظمون في التعاطي في الجامعة فتتراوح النسبة من صفر في عمان إلى 9-10 بالمائة في السعودية وقطروالإمارات إلى 11-13 بالمائة في البحرينوالكويت. وأوضح الغانم أنه تقدم بالاقتراح برغبة من أجل مساعدة المتعاطين قبل دخولهم عالم الإدمان، بالإضافة إلى تكثيف البرامج الوقائية لمكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية، إضافة الفحص الطبي عن المخدرات والمؤثرات العقلية في الفحوص الطبية للالتحاق بالمراحل التعليمية ومنها الجامعية والحصول على البعثات الدراسية سواء الداخلية منها أو الخارجية. الأقل توافقا خلصت دراسة علمية حديثة إلى أن المدمنين على المخدرات الذين تطول فترة إدمانهم، وتكثر انتكاساتهم الصحية، يكونون أقل توافقاً نفسياً بعد التعافي من الإدمان. ولم تجد الدراسة، التي أعدتها فاطمة النزر الطالبة في برنامج ماجستير علم النفس الإرشادي بجامعة البحرين، تأثيراً للمستوى التعليمي في التوافق النفسي الشخصي للمتعافين من الإدمان. ووُسمت الأطروحة التي قدمتها النزر للمناقشة مؤخراً بعنوان (الأسلوب المعرفي «التروي/الاندفاع» وعلاقته بالتوافق النفسي لدى المدمنين المتعافين من المخدرات والكحول بمملكة البحرين). وعرَّفت الباحثة الأسلوب المعرفي «التروي/الاندفاع» بأنه أسلوب الفرد واستراتيجياته المميزة في استقبال المعرفة والتعامل معها، ومن ثم الاستجابة على نحو ما مثل: التروي في الاستجابة أو الاندفاع. في حين عرَّفت «التوافق النفسي» بأنه عملية دينامية مستمرة يحاول فيها الفرد التعديل في سلوكه وفي بيئته وتقبل ما لا يمكن تعديله فيها حتى تحدث حالة من التوازن والتوافق بينه وبين البيئة التي تضمن إشباع معظم حاجاته الداخلية أو مقابلة أغلب متطلبات بيئته الخارجية. أما المدمن المتعافي فهو بحسب الدراسة الفرد العائد إلى حالته الطبيعية بعد تلقي العلاج اللازم من مؤسسة متخصصة في العلاج؛ فالمدمن المتعافي هو الشخص الذي سبق أن أدمن على استخدام المواد المخدرة ثم خضع لبرنامج علاجي متخصص وتماثل للشفاء. واستخدمت الباحثة النزر في دراستها المنهج الوصفي للإجابة على فرضيات الدراسة وأسئلتها، باعتبارها طريقة في البحث عن الحاضر، ووصفا وبيانا للظاهرة المراد دراستها. وتكون مجتمع الدراسة من عدد من المدمنين المتعافين الذين ثبت إدمانهم طبياً ويتابعون عملية العلاج والتأهيل بالعيادات الخارجية في وحدة المؤيد لعلاج الإدمان من المخدرات في مستشفى الطب النفسي بمملكة البحرين وبلغ عددهم (45) فرداً. وأرجعت الباحثة النزر ضعف التوافق النفسي لدى المتعافين من الإدمان إلى عدة أسباب من أهمها: أن المدمنين الذين استخدموا المنشطات أو المهدئات والمخدرات المضافة غير الطبيعية يعانون من مشكلات عصبية وتلف في الدماغ حتى بعد الشفاء من الإدمان. ورأت النزر ضرورة عمل برامج إرشادية نفسية متخصصة وذات أساس علمي للمدمنين المتعافين من المخدرات والكحول وذلك لقصور في هذه البرامج بمملكة البحرين واقتصار مجموعات الدعم والإرشاد على الجهود الذاتية للمدمنين المتعافين. ودعت إلى عمل برامج توعوية في جميع وسائل الإعلام لبيان سيكولوجية المدمن المتعافي والصعوبات التي تعوق استمرارية تعافيه وامتناعه عن التعاطي، وتسهم في زيادة توافقه مع بيئته المحيطة. وطالبت الباحثة في توصياتها بالعمل على تفعيل دور الاختصاصيين والمرشدين النفسيين في علاج المدمنين المتعافين من المخدرات والكحول وتأهيلهم. وذهبت إلى ضرورة الاهتمام بالجوانب الشخصية للمدمنين: النشط والمتعافي في إعداد الخطط والبرامج العلاجية لهما، وعدم الاقتصار على الجانب الطبي والعلاج الدوائي فقط. تجربة «الأمل» أكد خالد محمد الحسيني المدير التنفيذي بجمعية التعافي من المخدرات في مملكة البحرين ان الجمعية أتمت عامها الثالث، وإن فكرة تأسيسها انطلقت من حاجة المجتمع إلى المتخصصين والمؤهلين لعلاج المدمنين ولمتابعة المتعافين منهم، وبحكم عمله في مجمع الأمل للصحة النفسية في المملكة العربية السعودية وتحديداً في مدينة الدمام وتخصصه في علاج وتأهيل مدمني المخدرات وجد أن هناك الكثير من البحرينيين الذين يلجؤون إلى خارج البحرين للتعافي، إلا أنهم يتعرضون لانتكاسات بعد إكمالهم البرامج التأهيلية وعودتهم إلى بلادهم لعدم وجود المتابعة، فالمتعافي يخرج من الجو الصحي ويرجع إلى ذات المجتمع والصحبة فينتكس ويعود إلى إدمانه. ورداً على سؤال قال الحسيني انه «مشروع الجمعية غير ربحي ويعتمد على الأيدي الخيرة ويوظف المتعافين بنظام المكافآت، حيث يتم تدريبهم وتأهيلهم ليصبحوا مرشدين متعافين وقد أثبتوا نجاحهم، كما تسهم الجمعية في توعية المسجونين وتقوم بمحاضرات داخل السجن، كما تعاونت مع وزارة الشؤون الإسلامية بإرسال مرشدين متعافين مع الدعاة من نساء ورجال لتقديم ورش توعوية للطلاب حول المخدرات وخطورتها، فضلاً عن متابعة المتعافيات وإرشادهن والتواصل معهن، حيث نرسل بعضهن إلى مستشفى الأمل في السعودية». وأضاف أن «الميزانية الحالية لا تساعدنا على افتتاح مركز لاستيعاب المتعافيات، فهو يحتاج إلى أماكن خاصة للتواصل بيننا وبينهن واختصاصية نفسية تتابع حالاتهن، حيث نحتاج إلى الدعم الحكومي لتخصيص مبنى متكامل وأرض لإنشاء المركز وقسم خاص للنساء». وحول طموحات الجمعية قال «إن الجمعية تطمح إلى إنشاء مركز متكامل للتعافي، إلا أنه لم نجد الدعم لتحقيق هذا، وإننا ما نزال نعتمد على الأيدي الخيرة التي تدعم الجمعية مادياً وتتكفل بالمصاريف، حيث تتجاوز التكلفة الشهرية للجمعية سبعة آلاف دينار للمباني الثلاثة المستأجرة». وأشار إلى أن العدد الذي دخل الجمعية للتعافي وصل إلى 400 شخص خلال الثلاث سنوات الماضية ووصلت نسبة النجاح إلى 35 بالمائة وهي نسبة فاقت نسبة النجاح العالمي التي لا تتجاوز 20 بالمائة، وإن أكبر المدمنين سناً الذين دخلوا للتعافي وصلوا إلى 60 عاماً وأصغرهم في الرابعة عشرة من العمر. وأوضح أنه لا يمكن لأي طبيب نفسي أن يعالج المدمن، وليس كل مدمني المخدرات لديهم مشاكل نفسية ليستخدموا معهم الأدوية البديلة التي تحتوي على مواد مخدرة فيدخلون المدمن في إدمان من نوع آخر. ومع أن هذه العلاجات أثبتت فشلها إلا أنها ما تزال تطبق في البحرين دون أن يحاسب المسؤولون عن ذلك، مؤكدا أنه لا توجد الطريقة الصحيحة للتعامل مع المدمن ولا توجد دراسات تخصصية للتعامل مع المدمن وكل ما هو موجود ليس إلا اجتهادات. ودعا مدير جمعية التعافي من المخدرات في مملكة البحرين إلى تكثيف البرامج التثقيفية في الإعلام تستهدف المجتمع لتوعيته من التعاطي والإدمان. دار الأمل من جانبه، أكد محمود عبدالله بوعلي رئيس مجلس إدارة جمعية التعافي في مملكة البحرين أنه منذ إشهار الجمعية والدراسة بدأت في إنشاء دار الأمل التابعة للجمعية ووضع لها هدفاً واحداً وهو مساعدة من أغواهم الشيطان ورماهم في ظلمات التعاطي والإدمان. وأضاف «نظراً لطبيعة الإدمان والشخصية الإدمانية، ولتجاربنا الشخصية مع كثير من الحالات، الذين تلقوا العلاج في مراكز علاج الإدمان، وحين خروجهم منها عادوا للتعاطي مع أن دافعيتهم للعلاج داخل المراكز كانت مرتفعة، لذا فإننا قمنا بإنشاء منزل دار الأمل لإيواء المتعافين بعد خروجهم من المراكز المتخصصة». وقال بوعلي «إن مشروع دار الأمل يقدم هذه الخدمة للمدمنين الذين يرغبون في إصلاح حالهم، وينقسم مشروع دار الأمل إلى أربع مراحل وهي: مرحلة اختبار لدافعية المدمن للتعافي وصدق رغبته للتوبة، وأقصى مدة لها هي 15 يوماً، فإذا اجتاز النزيل هذه المرحلة بنجاح ينتقل إلى المرحلة التي بعدها، والثانية مرحلة يتم التركيز فيها على تثقيف النزيل، ورفع درجة استبصاره بالإدمان، والعوامل التي تساعده في الثبات على تعافيه وابتعاده عن التعاطي، والثالثة مرحلة بدء الفريق العلاجي بتهيئة النزيل للتعامل مع الحياة الخارجية، وتعديل وضعه الاجتماعي من الجانب الأسري والعملي، ويعطى النزيل يومين في الأسبوع يعفى فيهما عن حضور النشاطات ليركز على إعادة علاقته الأسرية، والبحث عن عمل تحت إشراف الفريق العلاجي، وقد تصل مدة بقائه في هذه المرحلة إلى 90 يوماً، ثم ينتقل النزيل بعد أن يجد له عملاً وقد تطول فترة بقائه في هذه المرحلة الرابعة إلى ستة أشهر أو أكثر». وحول برامج الدار قال «يتلقى الأخصائيون والمسؤولون بمشروع دار الأمل بجمعية التعافي من المخدرات عدة اتصالات من أسر تعاني من وجود عضو مدمن، أو تشك في إدمانه داخل الأسرة، يقوم المسؤولون بدورهم في توجيه هذه الأسرة بالطريقة والكيفية السليمة للتعامل مع هذا الفرد، هذا بعد دراسة الموضوع دراسة تامة، وعمل تقييم للحالة، ووضع خطة التعامل تداركاً لأي خطأ قد يبقى تأثيره على الأسرة أو الفرد». مشيراً إلى أن المسؤولين بدار الأمل يتلقون اتصالات هاتفية وشخصية من مدمنين نشطين يطلبون المساعدة في مشاكلهم الخاصة، ويقوم المسؤولون أيضاً بمساعدتهم حسب المنهج والبرنامج المعد لذلك الغرض. وكان لتهيئة بعض المتعافين من الإدمان ليكونوا من أعضاء الفريق العلاجي بالمشروع التأثير الواضح والكبير على المدمنين النشطين، حيث إنهم أقرب ما يكونون لفهم مشاعر أولئك المدمنين النشطين، وأيضاً إعطاؤهم أملاً كبيراً في أن يعودوا أعضاء ناجحين في المجتمع، حين يرون أن هناك من استطاع أن ينجح ويبتعد عن التعاطي. وحول الفريق العلاجي في دار الأمل قال «يتكون الفريق العلاجي من مرشد ديني، وأخصائي نفسي، وأخصائي اجتماعي، ومرشد تعافي، بالإضافة إلى المدرب الرياضي، وكلٌ يعمل حسب اختصاصه ويعالج الجانب المناط به من شخصية المتعافي، ويوجد برنامج علاجي يومي يتكون من عدة حصص، مثل: المحاضرات الدينية، وحلقات تجويد وتلاوة القرآن الكريم، وجلسات العلاج المعرفي السلوكي، وجلسات العلاج الجماعية وجلسات التعافي، والنشاط الرياضي وغير ذلك». مختص يشرح بعض المخاطر لتعاطي المخدرات إحباط عملية تهريب كميات كبيرة من المواد المخدرة بالبحرين