اتخذت منظمة الأقطار المصدرة للبترول (أوبك)، في اجتماعها الأخير بفيينا، قراراً تاريخياً وذلك بعدم دعم سعر برميل النفط بآلية تخفيض إنتاج دولها. هذا القرار الذي قد يعتبر غريباً للكثيرين، نظراً لانخفاض سعر البرميل حالياً لما دون ثمانين دولاراً لخام برنت، ما سوف يتسبب في صعوبات مالية في بعض دول منظمة (أوبك) كفنزويلا وإيران، وفي دول نفطية أخرى خارج المنظمة كروسيا. ومما لا شك فيه؛ فإن هذا القرار باستمرار سقف إنتاج المنظمة على مستوى ثلاثين مليون برميل يومياً، سوف يزيد من اتجاه سعر البرميل المنخفض حالياً إلى مستويات أكثر انخفاضاً. وتكمن الصعوبات التي سوف تتعرض لها بعض الدول المنتجة للنفط في خارج المنظمة وداخلها، من عدم التمكن من احتساب سعر البرميل في الموازنات المالية على وتيرتها السابقة، ما سوف يسبب لها عجوزات مالية فيها. فروسيا -على سبيل المثال- تبني موازنتها على مستوى مئة دولار، وكذلك تفعل دول أخرى على مستويات عالية أخرى. في المقالين الذين كتبتهما في هذه الصحيفة مؤخراً، أوضحت فيهما عدم صدقية افتراض نظرية المؤامرة في انخفاض سعر البرميل، لأن المشكلة تكمن في الجانب الاقتصادي أكبر منها في الجانب السياسي. فأساس انخفاض سعر البرميل حاصل من: (1) فائض الإمدادات النفطية في الأسواق، و(2) من الإنتاج المتزايد من النفط الصخري بالولايات المتحدة، و(3) من تراجع النمو الاقتصادي في الصين وأوروبا، و(4) من ارتفاع صرف سعر الدولار. فهذه العوامل مجتمعة هي الأسباب الرئيسة في انخفاض سعر البرميل، وبقرار المنظمة الأخير سينخفض السعر أكثر، ولكنه خيار، برغم قسوته مؤقتاً، كان لابد منه للمحافظة على حصة (أوبك) في سوق النفط خشية فقدانها للنفط التقليدي خارجها أو للنفط الصخري. كما أنه خيار محفوف بكثير من المخاطر. ففي شاكلة الوضع الحالي للأسواق، لا شك أن انخفاض السعر أمر حتمي قد يتدهور إلى أقل من ستين دولاراً للبرميل أو أقل من ذلك؟ مؤشرات كثيرة تتوقع هبوط السعر إلى أقل من ستين دولاراً، إلا أنه في حالة هبوطه إلى أقل من خمسين دولاراً للبرميل، فستواجه الدول النفطية المنتجة في داخل (أوبك) وفي خارجها فترة زمنية لبرميل النفط الرخيص، قد تصل إلى سنتين. وكل ذلك يعتمد على العوامل الآتية: (1) عدم امتصاص الفائض اليومي من الإمدادات الحالية. (2) إذا لم يلتزم أعضاء منظمة (أوبك) بحصصهم. (3) إذا تدفقت كميات كبيرة أخرى من النفط التقليدي من خارج المنظمة. (4) إذا ازدادت كميات النفط الصخري في السوق. (5) إذا استمر تباطؤ نمو الاقتصاد العالمي عموماً. في هذا الوقت، يبدو أن هذه الصورة المؤرقة أكثر واقعية من تصورات قرار (أوبك) الأخير الذي بني على أساس أن سوق النفط سوف تصحح وضع أسعارها دون تدخل المنظمة في سحب المليوني برميل من الإمدادات الفائضة يومياً. ولكن الأيام ستبدي قناعاتها للقرار وستفرض أسعارها. [email protected]