منذ ظهور تنظيم القاعدة طرفاً في الصراع الأمريكي السوفييتي على زعامة العالم أواخر الثمانينات، وكثير من التساؤلات لم تلق إجابات حول حقيقة من يُدير منظمات الإسلام السياسي وعلاقاتها الخارجية، ومع تنظيم داعش للدور القاعدي في المنطقة يتبادر السؤال التالي إن كان المجتمع في بلادنا كافراً بمكوناته المذهبية في نظر تلك التنظيمات ألا يعطينا هذا شيئاً من حقوق غير المسلمين..! فإذا ما كان القرآن نص على أن (من قتل نفساً بغير نفس أو فسادٍ في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً) دون تمييز بين مسلم وغير مسلم أو بين طائفة أو أخرى، فهل لنا أن ننعم بالحق الإنساني الذي كفله الإسلام للبشر، وإن كانت هذه الجماعات تأخذ بالصحيحين، فرسولنا عليه الصلاة والسلام كما جاء في البخاري أشار إلى أن (من قتل معاهداً لم يرح رائحة الجنة). وإذا ما كانت الجماعات الإسلامية التي تُسمي نفسها بالجهادية بررت قتل الأبرياء في 11 سبتمبر بأن المجتمع الأمريكي كان مسؤولاً عن تمرير قرارات تمس العالم الإسلامي بضرر وفق تفسير سطحي لدور المواطنين في اللعبة الديموقراطية الغربية، وبينما لا يعرف أكثر من نصف الأمريكيين قبل تلك الحادثة هل تنتمي السعودية لأفريقيا أو آسيا، وهل يعتنق السعوديون الإسلام أو البوذية. اليوم وبعد أن أصبح الإسلام مرادفاً للإرهاب في شرق وغرب العالم بفضل الجماعات التي تعتبر تصرفاتها جهاداً، هل يمكن أن تعطينا جماعة ما تبريراً لقتل الآمنين في تجمعاتهم والمصلين في دور العبادة، كما حدث في القطيف والدمام؟، وإذا ما كان الاختلاف في المذهب أو الاختلاف حول تبرير الإرهاب، أليس للبشر حقوق في ذمة هؤلاء؟ بعيداً عن الصراعات السياسية التي انغمس فيها المنتمون لداعش والتي أفسدت قضايا المواطنين في سورياوالعراق وزادت من معاناتهم، هل للإسلام عند هؤلاء أي صورة إنسانية يمكن أن يقفوا عند حدودها؟ وبالرغم من الجبهات التي فتحتها تلك الجماعات على نفسها وعلى الدول التي حولّتها إلى ساحة كالتالي جاء ذكرها في صحيح مسلم (لا يدري القاتل فيم قَتل، ولا المقتول فيم قُتل)، تُصر على انتهاك الحرمات في البلد الحرام. شيء مؤلم أن يتحول الدين إلى كرة تتقاذفها الجماعات التي تدعي الاحتماء به في مختلف الطوائف والدول الإسلامية مبررةً أعمالها الهمجية التي لا يمكن أن يقر بها دين ولا مذهب ولا حتى عقل سوي، أو قلب يسكنه المشاعر، وكأن هؤلاء يسعون لتسعير النار التي تحرق صورة الإسلام والمسلمين في العالم، بدلاً من نشر الإسلام بصورته المشرقة والتي كانت سبباً في إسلام الملايين في شتى أنحاء العالم. تساؤلات كثيرة تكتنف الأموال التي يجدها هؤلاء المتطرفون وسكوت العالم عن توسع دولتهم ما بين العراق والشام، وسعيهم لإحداث الفتنة الطائفية وقتل الأبرياء، وإكراه المسلمين على سنن أو أفعال مختلف فيها، فيما تمارس باسم الدين أبشع صور الإجرام مع من لا ينصاع لرغباتهم وطلباتهم المشبوهة. كثير من التحليلات حول علاقات هذه التنظيمات بجهات استخبارية لا تريد الاستقرار للدول العربية أو تهدف لتغيير خارطة الشرق الأوسط أو غير ذلك، وبصرف النظر عن صحة هذه الافتراضات أو كون تلك الجماعات هي مجرد نتوءات غير مفهومة المصدر، فإن المحزن انخراط بعض الشباب في سن مبكرة لهم، وتصديق كون تلك المنظمات تمثل الإسلام الحقيقي وتخدم رسالته. وإلى درجة أن يقرر بعض الشباب الانتحار في عملية جبانة يقتل فيها نفسه ويقتل أبرياء حضروا لإقامة الصلاة أو إحياء مناسبات اجتماعية دون أي تبرير شرعي أو إنساني لمثل هذه الأعمال التي لا تقبلها الفطرة، كأن هؤلاء تعرضوا لعمليات برمجة عقلية وفكرية لربط المحفزات الدينية العظيمة بأعمال غدر دنيئة وإلقاء أنفسهم إلى التهلكة. على أي حال فإن محاولة تعديل مسار هذه الجماعات ربما ليس بأيسر من تغيير مسار دجلة والفرات، فلتكن رسالتنا لهم أبقوا لنا (بمختلف طوائفنا) حقوق غير المسلمين التي حفظها لنا الدين الإسلامي، وأبهرت العالم.