إن طبيعتنا الإنسانية تفرض علينا أن يكون لنا دور إنساني راق في مجتمعنا. الحياة هي نفس الحياة بالنسبة إلى الكل بحلوها ومرها. وقد تتشابه الظروف الخارجية بالنسبة إلى كثيرين، ولكن انفعال البعض بها يختلف عن انفعال البعض الآخر. ونظرة كل من الفرقتين تختلف عن الآخر. لا يوجد أحد لا تصادفه مشاكل. كل إنسان له مشاكله. ولكن البعض ينظر إلى المشكلة بنظرة سوداء معقدة، كما لو كانت المشكلة بلا حل ولا مخرج أو منفذ، كما لو كانت ألمًا، وضياعًا. والعمل التطوعي من أقوى العوامل المؤثرة في إعداد الجيل الجديد؛ لأنها تدخل ضمن تكوينهم خلقياً ونفسياً واجتماعياً. ومن أهم الأمور التي تجعلنا نتقدم للعمل التطوعي هي تلك الامور والأعمال التي لا ننتظر منها مقابلاً مادياً أو عدد ساعات المشاركة في الأعمال التطوعية، وغالبًا ما تنبع من القلب ومن رغبة لدى الإنسان في العطاء والتضحية، فالتطوع هو تخصيص جزء من وقت الإنسان الخاص به، من أجل عمل عام عبر التزام ليس بالوظيفي إنما هو التزام أدبي وهو أيضاً تنافس شريف من أجل خدمة أهداف إنسانية ومجتمعية. العمل التطوعي يرفع مستوى الدافعية للعمل ويزيد من حماسة المتطوع كلما رأى الآثار الإيجابية والتطور الملحوظ لدى من يتطوع للعمل من أجلهم، وفي الجانب الآخر يخفف العمل التطوعي لدى المتطوع نفسه من النظرة العدائية أو التشاؤمية تجاه الآخرين والحياة ويمده بإحساس قوي بالأمل والتفاؤل، كما أن التطوع يهذب الشخصيَّة ويرفع عنها عقلية الشح ويحولها إلى عقلية الخدمة والعطاء بلا مقابل. التطوع يزيد من قدرة الإنسان على التفاعل والتواصل مع الآخرين كما يحد من النزوع إلى الفردية وينمي الحس الاجتماعي لدى الفرد المتطوع ويساهم في جعل المجتمع أكثر اطمئناناً وأكثر ثقة بأبنائه كما يخفف من الشعور باليأس والإحباط ويحد من النزعة المادية لدى أفراده، ويجعل القيمة الأساسية في التواصل والإنتاج والرضا الذاتي، واكتساب الثقة في النفس ومعرفة قدراتك وتطويرها وتكوين شخصية اجتماعية محببة لدى الغير. يشهد العالم تطورًا ملحوظًا في العمل الخيري وما يتعلق به من موضوعات وتحديات وفرص تتاح نتيجة التغيرات السياسة والاقتصادية والاجتماعية والإعلامية. ويذكر أن مؤتمر العمل الخيري الخليجي الأول للجمعيات والمؤسسات الخيرية عقد في الكويت في الفترة من (23-25 نوفمبر 2004) ونظمته مؤسسة مبرة للأعمال الخيرية، كما عقد مؤتمر العمل الخيري الخليجي الثاني في الدوحة في الفترة من (21-23 فبراير 2006) تحت شعار (شركاء في التنمية). وقد بدأت المؤتمرات الخيرية الخليجية بهدف جمع المنظمات الخيرية الخليجية لتساعد بعضها البعض، في سيرها نحو هدفها الذي يتمثل في مواساة البشرية التي تعاني من الجوع والفقر والكوارث والتشرد، ووضع استراتيجية مشتركة وموحدة للتغلب على العقبات والتحديات. والاستفادة من الخبرات والتجارب في هذه المجالات الإنسانية والمجتمعية. إن الهدف من انعقاد هذا المؤتمر يتمحور حول إعطاء دفعة أكبر للعمل الخيري على مستوى الخليج والعمل على المشاركة الواسعة من قبل المختصين بالعمل الخيري على مستوى العالم في هذا المؤتمر لصالح العمل الخيري على مستوى دول الخليج والعالم أجمع. وفي الختام يجب علينا تعزيز الشراكة بين القطاع الحكومي والقطاع الخيري في تطوير اللوائح والأنظمة للعمل الخيري وتفعيلها، مع الاستفادة من القوانين الدولية للعمل التطوعي، والتعاون في وضع وتنفيذ البرامج التنموية المحلية والخارجية بين القطاعين الحكومي والتطوعي التي تساهم في رفع الكفاءة الإنتاجية لدى أبناء الشباب ودعم الفرق التطوعية من اجل تحقيق الهدف المنشود. ولقد شهدت المملكة العربية السعودية العديد من المؤتمرات واللقاءات وورش العمل من اجل الرقي بالعمل التطوعي والاستفادة من الخبرات العالمية في هذا المجال. وكثيراً ما نشاهد ونسمع عن مشاركة الشباب السعودي من الذكور والاناث في الاعمال الخيرية التطوعية داخل المملكة وخارجها وقد سجل الشباب السعودي حضورًا مميزًا على مستوى العالم في المشاركات وفي مخيمات الإغاثة والكوارث والحروب. * خبير الشؤون الإعلامية والعلاقات العامة