أصدرت منظمة العفو الدولية "أمنستي انترناشنال" ومقرها في لندن، ومرصد حقوق الإنسان "هيومان رايتس واتش" ومقره في نيويورك، بياناً مشتركاً أعربتا خلاله عن عمق قلقهما إزاء التقارير التي تحدثت عن اعتقال حوالي 100 من النشطاء العرب الأحوازيين على يد سلطات الأمن الإيرانية خلال شهر أبريل الماضي. وبحسب البيان واستناداً إلى التقارير الصادرة عن المنظمات والنشطاء العرب الأحوازيين، وإفادات عوائل بعض المعتقلين، فقد تمت الاعتقالات التعسفية على خلفية الذكرى العاشرة لانتفاضة أبريل 2005، والتي اندلعت في أعقاب الرسالة التي تسربت من مكتب رئاسة الجمهورية الإسلامية الإيرانية والتي تضمنت خطة لتغيير النسيج السكاني للإقليم وتبديل العرب من أكثرية إلى أقلية في أرضهم. وأكدت منظمة العفو الدولية آمنستي وهيومن رايتس ووتش، أن قوات الأمن والمخابرات الإيرانية اعتقلت واحتجزت العشرات من عرب الأحواز، بينهم عدد من الأطفال، فيما يبدو أنه حملة قمعية متصاعدة في الإقليم" وبحسب البيان، قال أقارب للمحتجزين: إن "الاعتقالات تمت بلا تصريحات قضائية على أيدي مجموعات من المسلحين الملثمين المنتسبين إلى أجهزة الأمن والمخابرات في إيران، وعادة ما كانت تأتي في أعقاب مداهمات لمنازل نشطاء عرب الأحواز في ساعات متأخرة من الليل أو ساعات مبكرة من الصباح". وأبدت المنظمات الحقوقية القلق من احتمالات اعتقال أشخاص لمجرد ارتباطهم برأي سياسي ظاهري، أو للتعبير السلمي عن المعارضة، أو لمجاهرتهم باستعراض هويتهم وثقافتهم العربية. وقالت حسيبة حاج صحراوي، نائب مدير قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في آمنستي: "إن نطاق حملة الاعتقالات بحق نشطاء عرب الأحواز في الأسابيع الأخيرة، كما يظهر من التقارير، يثير أشد الانزعاج. وبدلاً من اللجوء إلى الاعتقالات الجماعية، يتعين على السلطات الإيرانية أن تفرج عن المحتجزين لمجرد التظاهر السلمي أو التعبير عن الرأي، وأن تسارع إلى توجيه الاتهام لأي شخص آخر ارتكب مخالفة جنائية معترف بها، وأن تضمن حصوله على محاكمة عادلة وإلا فلتفرج عنه". وقالت المنظمتان: إن على السلطات الإيرانية أن تزود عائلات جميع المحتجزين بمعلومات عن مكانهم ووضعهم القانوني. وبحسب البيان، قال نشطاء من عرب الأحواز خارج إيران ل آمنستي وهيومن رايتس ووتش: إن قوات الأمن اعتقلت ما لا يقل عن 78 شخصاً، وربما أكثر من 100، منذ منتصف مارس 2015 في مدينة الأهواز، والبلدات والقرى المحيطة، في أعقاب مظاهرات سلمية ". وقالوا: إن " صفوف المعتقلين تضم أشخاصاً يشتبه في قيامهم بدور قيادي في تحريك المظاهرات المحلية. ولم تقدم السلطات الإيرانية سبباً للاعتقالات ولا كشفت عن وضع المحتجزين أو مكانهم، مما يعرضهم لخطر متزايد من التعذيب وغيره من ضروب إساءة المعاملة " بحسب المنظمتين الحقوقيتين. ووفقا للبيان، فقد جاءت جولة الاعتقالات الأخيرة في خضم الغضب الذي اجتاح الإقليم عقب وفاة يونس عساكرة، وهو بائع جائل من عرب الأهواز أشعل في نفسه النار في 13 آذار 2015 احتجاجاً على قيام سلطات البلدية بإزالة نصبته لبيع الفاكهة وتدميرها. حرم عساكرة من علاج الطوارئ الكافي، والنقل إلى طهران بسبب نقص التمويل، وتوفي جراء إصاباته يوم 22 مارس/آذار، كما قال مصدر مطلع على تفاصيل حالته ل هيومن رايتس ووتش. عندئذ خرج متظاهرو عرب الأحواز إلى الشوارع بأعداد كبيرة في مدينة المحمرة الإقليمية. وثمة تقارير تفيد بأن السلطات ضيقت مراراً على عائلة عساكرة، بما في ذلك تأخير تسليم الجثمان للعائلة واحتجاز والده وشقيقه مؤقتاً قبل دفنه. لافتة "كلنا يونس" وكانت مظاهرة قد اندلعت قبل وفاة عساكرة بعدة أيام أمام ملعب غدير في الأحواز، بعد قيام شباب معظمهم من عرب الأحواز برفع لافتة أثناء مباراة لكرة القدم بين فريق "الهلال" السعودي وفريق "فولاد" المحلي في ملعب غدير بالأحواز، وكانت اللافتة تقول: "كلنا يونس!" وعندئد قامت الشرطة باعتقال عدة عشرات من الشباب، واعتدت عليهم بالضرب على الظهر والرأس. ويبدو أن الشرطة اختصت باستهدافها الشباب الذين يرتدون أزياء عربية تقليدية. وقالت المنظمتان: إن " إيران كدولة طرف في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، ملزمة باحترام الحق في حرية التعبير (المادة 19) والتجمع السلمي (المادة 21). كما أن عليها ضمان عدم حرمان الأقليات العرقية واللغوية من "حق التمتع بثقافتهم الخاصة ... أو استخدام لغتهم، بالاشتراك مع الأعضاء الآخرين في جماعتهم" (المادة 27). وينص العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية على ضمانات مشابهة، بما فيها المادتان 2 و15 اللتان تعترفان بالحق في المشاركة في الحياة الثقافية دون تمييز. وقال جو ستورك، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "بدلاً من تشديد القمع، ينبغي للسلطات أن تتصدى لمظالم عرب الأحواز طويلة الأمد الناجمة عن التمييز المترسخ والحرمان من الحقوق الثقافية، إذ إن الاعتقالات والسجن التعسفي لن يعملا على إخفاء مظالم عرب الأحواز". شاعر عاصفة الحزم وذكر البيان أنه في 8 أبريل اعتقلت قوات الأمن أحمد حزباوي بعد الانتشار الهائل لمقطع فيديو، لم يتسن ل آمنستي وهيومن رايتس ووتش التحقق منه على نحو مستقل. ويبدو أن مقطع الفيديو يصوره وهو يغني أغنية بالعربية تشيد بعاصفة الحزم في اليمن، أمام جمهور مبتهج في حفل زفاف بقرية قلعة شنان قرب الأهواز. وقال قريب لحزباوي خارج إيران ل آمنستي: إن عدداً من مسؤولي المخابرات بثياب مدنية، في صحبة مسلحين ملثمين بزي أسود، ذهبوا في السادسة مساءً إلى متجر حزباوي الصغير واعتدوا عليه بالضرب وجروه إلى سيارتهم، ثم اختطفوه. وأضاف أن المسؤولين احتجزوا أيضاً زوجة حزباوي بمركز احتجاز يتبع وزارة المخابرات لعدة ساعات في اليوم التالي، عند ذهابها للبحث عن معلومات عن مكانه، لكنهم أطلقوا سراحها لاحقاً. ولا توجد حاليا أية معلومات متاحة عنه. احتجاز تعسفي وبحسب البيان فقد وثقت آمنستي وهيومن رايتس ووتش عمليات اعتقال واحتجاز تعسفية، وتعذيب لمتظاهرين وناشطين من عرب الأحواز في السنوات الأخيرة. كما أعدمت السلطات منذ 2005 ما لا يقل عن 37 من عرب الأحواز في أعقاب محاكمات غير عادلة، وبينهم اثنان على الأقل وصفتهما آمنستي بأنهما من سجناء الضمير، هما هادي راشدي وهاشم شعباني، من معهد الحوار الثقافي. وقالت المنظمتان: إنه " استناداً إلى الظروف والمعاملة التي لقيها محتجزون سابقون من عرب الأحواز على خلفية مظاهرات، فإن من الوارد احتجاز المعتقلين مؤخراً في مارس/آذار وأبريل/نيسان 2015 بمعزل عن العالم الخارجي أو في الحبس الانفرادي في واحد من مراكز الاحتجاز غير المعلنة التابعة لوزارة المخابرات في الأهواز، مما يعرضهم لخطر متزايد من التعذيب وإساءة المعاملة".