نظرية الفوضى أو النظم الفوضوية هي نظرية رياضية تعمل على دراسة الأنظمة المعقدة وتحليل عواملها، تمتد تطبيقات نظرية الفوضى إلى عدد من المجالات بما في ذلك الأرصاد الجوية وعلم الاجتماع والفيزياء والهندسة والاقتصاد وعلم الأحياء والفلسفة والتحليل المالي والتاريخ، فهي تحليل سلوك الأنظمة الديناميكية الشديدة الحساسية للظروف والعوامل المحيطة تحت ما يعرف عامة بأثر الفراشة المتعدي على الأنظمة. أثر الفراشة هو مصطلح أطلقه عالم الرياضيات إدوارد لورنز على النظم الفوضوية التي تتفاعل كافة مكوناتها، صغيرة كانت أو كبيرة، لتحدد مسار النظام في المستقبل، ولذلك فإن التنبؤ بنتائج تفاعل هذه المكونات على المدى الطويل يصبح مستحيلا، بمعنى آخر، فعندما يكون لأصغر مكون أو عامل عشوائي في نظام ما (كتيار الهواء الناتج عن خفقان أجنحة فراشة في أستراليا) تأثير يمكن أن يغير من السلوك المستقبلي لنظام ضخم (مثل حال الطقس وحركة تيارات الهواء في كندا)، فإن هذا النظام ليس إلا نظاما فوضويا. بحسب التعاريف السابقة، يمكننا أن نقول إن الاقتصاد بشكل عام وأسواق المال كافة هي أنظمة تتبع نظرية الفوضى، فمجرد إصابة متداول صغير بالهلع، وفي حال انتقال العدوى لمتداولين آخرين، يمكن أن تتسبب بانهيار غير متوقع في أسعار الأسهم، بل إن العوامل تتعدى المتداول وحالته النفسية، فهي تشمل أنظمة المعلومات والاتصالات والمقاصة والشركات المدرجة والقضاء والوزارات.. الخ، فتعطل مولد كهرباء في مدينة ما، يمكن أن يؤثر على عمليات الكمبيوترات المركزية لشبكات اتصالات بورصة ما، يكون معظم مستثمريها أجانب، فتتأثر أسواق دولهم لنقص السيولة، بل يمكن أن يكون العامل المؤثر صغيرا ويبدو أنه لا علاقة له إطلاقا بعالم الأعمال، مثل ما يسمى بأخطاء الأصابع السميكة، والتي يقوم مدير محفظة كبيرة بالضغط خطأ على لوحة مفاتيح الكمبيوتر، بائعا كميات ضخمة من محفظته، ما يمكن أن يتسبب في دفع الأسعار نزولا، يتعدى تعقيد الأنظمة الفوضوية للاقتصاد وأسواق المال شمولية المكونات للنظام والعوامل المؤثرة عليه، ذلك أن الاقتصاد وأسواق المال يعدون من الأنظمة الفوضوية من الدرجة الثانية، وهي التي تتأثر بتوقعات العوامل المؤثرة، بعكس الأنظمة الفوضوية من الدرجة الأولى، مثل مسار إعصار ما، فحتى إن قمنا ببناء برامج تحليلية قادرة على استيعاب ملايين العوامل والمعطيات، وقامت البرامج بالتنبؤ بمسار الإعصار بنسبة خطأ متدنية، فإن مسار الإعصار لن يتأثر بهذه التنبؤات، ولكن إن استخدمنا مثل هذه البرامج لتحديد سعر سهم سابك، وكانت النتيجة أن سعرها يوم غد سيصل إلى 100 ريال، فإنني ومن معي سنستخدم هذه المعلومة لشراء السهم بسعره الحالي، ليرتفع السعر إلى 100 ريال الآن! وبالتالي لن تتحقق النبوءة بأن السعر سيصل يوم غد إلى 100 ريال. فالخلاصة هي أن حتى أعرق المؤسسات المالية والخبراء الاقتصاديين غير قادرين على توقع اتجاه السوق أو الاقتصاد، وأن كل ما ينشر تحت اسم السعر العادل أو التحليل الفني ليس إلا وجهة نظر تحتمل الصواب بقدر ما تحتمل الخطأ.