أكد طل هشام ناظر الرئيس التنفيذي لشركة بوبا العربية للتأمين التعاوني، أن القطاع الصحي بالمملكة بحاجة ماسة إلى الكثير من التشريعات التي تشجع التوسع في الخدمات الصحية المقدمة للمستفيدين، وضمان الجودة للمستفيد النهائي، حيث في الوقت الراهن لا توجد معايير تحكم جودة الخدمات الصحية ورضا العملاء، ولا توجد آليات فعالة تحد من التأمين الصحي الوهمي الذي تنتهجه بعض شركات القطاع. وكشف ناظر خلال حواره الاقتصادي مع «اليوم» عن ارتفاع حجم التأمين الصحي في المملكة لعام 2014م، إلى 16 مليار ريال، مرتفعاً عن العام ما قبله بنسبة 22 %، ونتوقع أن يواصل نمو السوق بنسب أقل مستفيداً من فرض إلزامية التأمين على جميع الشرائح في القطاع الخاص، مبينا في الوقت نفسه أن صناعة التأمين لا تزال حديثة في المملكة؛ بسبب تأخر صدور التشريعات والأنظمة الخاصة بها حتى عام 2006، والتي لا يتجاوز عمرها حتى الآن الأعوام العشرة، ولكن رغم ذلك شهد قطاع التأمين في المملكة تطوراً ملحوظاً، لا سيما بعد القرارات الحكومية الخاصة بإلزامية تطبيق التأمين على موظفي القطاع الخاص من سعوديين ومقيمين. وساهمت هذه القرارات في نشر وزيادة ثقافة الوعي بأهمية التأمين وخدماته. وهذا بالطبع يسهم في زيادة حجم سوق التأمين بالمملكة.. فإلى نص الحوار: ما رؤيتكم حول تطوير قطاع التأمين الصحي؟ وكيف يسهم القطاع الخاص في تعزيز ثقافة التأمين لدى المواطنين السعوديين في كافة مناطق المملكة؟ لا شك في أن صناعة التأمين لا تزال حديثة في المملكة، بسبب تأخر صدور التشريعات والأنظمة الخاصة بها حتى عام 2006، والتي لا يتجاوز عمرها حتى الآن الأعوام العشرة. ولكن رغم ذلك شهد قطاع التأمين في المملكة تطوراً ملحوظاً، لا سيما بعد القرارات الحكومية الخاصة بإلزامية تطبيق التأمين على موظفي القطاع الخاص من سعوديين ومقيمين. وساهمت هذه القرارات في نشر وزيادة ثقافة الوعي بأهمية التأمين وخدماته. وهذا بالطبع يسهم في زيادة حجم سوق التأمين بالمملكة، ونحن نضطلع بدور هام في نشر ثقافة التأمين الصحي وتعزيز الثقافة التأمينية لدى المستفيدين، وترسيخ مبدأ صناعة التأمين كجزء أصيل من حياة الناس ومعاملاتهم؛ للارتقاء بهذه الصناعة والوصول بها إلى آفاق أرحب تسهم في خدمة المواطن والمقيم. ما مدى أهمية تفعيل التأمين الصحي؟ وأن تقوم وزارة الصحة ممثلا للدولة بدفع تكاليف التأمين عن المواطنين ما يساهم في تقديم الخدمة بالجودة المطلوبة بمشاركة القطاع الخاص؟ الدولة ممثلة في قطاع التأمين من خلال مجلس الضمان الصحي التعاوني، وهو الجهة الرقابية والمشرفة على أداء التأمين الصحي ومنظم للعلاقة بين الشركات والمستفيدين، من خلال دوره في توفير رقابة على شمولية التغطية التأمينية الصحية، وتأهيل شركات التأمين لممارسة أعمال التأمين الصحي في المملكة، واعتماد مقدمي الخدمات الصحية، وحل الخلافات الخاصة بتسوية مبالغ المطالبات بين مقدمي الخدمة وشركات التأمين، ووضع معايير الخدمة الطبية اللازمة لقيام شركات التأمين الصحي بسرعة الرد على مقدمي الخدمة بتحمل تكاليف العلاج، كما تقوم الدولة أيضاً عبر مؤسسة النقد العربي السعودي (ساما) بإصدار العديد من المبادئ المنظمة لحقوق عملاء شركات التأمين؛ لتعزيز مفهوم الحماية للعملاء في السوق المحلية، استناداً لنظام المؤسسة ونظام مُراقبة شركات التأمين التعاوني، لحماية مصالح العملاء، وأن يتم تعامل المؤسسات المالية مع العملاء بطريقة مهنية عادلة. أما بالنسبة لقرار قيام وزارة الصحة بدفع تكاليف التأمين الصحي عن المواطنين فنعتقد أن القرار هو بيد الوزارة أولا وأخيراً. ولكننا نرى وجوب التكامل بين الوزارة والقطاع الخاص، فالهدف هو توفير الرعاية الصحية اللازمة بجودة عالية سهل الوصول إليها، والتأمين الصحي قد يكون أحد أضلاع المعادلة وليس الحل الوحيد فيها، حيث إن القطاع الصحي يحتاج إلى رفع كفاءته وطاقته؛ ليتمكن من تلبية الاحتياجات المتزايدة على طلب الخدمات الصحيحة في ظل المحدودية الموجودة حالياً وفي القطاعين العام والخاص. كم يقدر حجم الطلب على التأمين الصحي في السوق المحلي خاصة مع تطور صناعة التأمين الصحي في ظل المنافسة القوية بين القطاع الخاص؟ حجم التأمين الصحي في المملكة لعام 2014م اقترب من 16 مليار ريال مرتفعاً عن العام الماضي بنسبة 22% تقريباً. ونتوقع أن يواصل نمو السوق بنسب أقل مستفيداً من فرض إلزامية التأمين على جميع الشرائح في القطاع الخاص، حيث إنه اليوم لا توجد آلية واضحة للتأكد من حصول السعوديين والسعوديات وعوائلهم على التأمين الصحي، كما هو الحال مع المقيمين الذين يتم ربط تجديد إقاماتهم بتوفر التأمين الصحي. كيف تنظر لمستوى خدمات التأمين بالمملكة والمنافسة بين الشركات العاملة في المجال؟ هل يمكن القول إن مظلة التأمين غطت كل أنحاء المملكة؟ هناك تطور كبير في خدمات التأمين على مستوى المملكة، وانتشار واسع لشركات التأمين لتغطية معظم مناطق المملكة. والتغطية هنا تعتمد على توزيع الموظفين في القطاع الخاص، حيث إن التركيز الأكبر للأعمال والمنشآت ما زال في المدن الرئيسية الكبرى، ولكن المستشفيات والمستوصفات المؤهلة تتواجد في كل مناطق المملكة وهي متعاقدة مع أغلب شركات التأمين الصحي لتقديم الخدمات لعملائها. من أكبر المعوقات التي تواجه شركات التأمين وتؤدي إلى ضعف رأس المال.. عدم حصول أصحاب رأس المال على أي نسبة من عائدات التأمين.. إلى أي مدى حققتم الربحية المطلوبة للمساهمين؟ لا شك أن سوق التأمين في المملكة يواجه العديد من التحديات، من أبرزها ارتفاع حجم المطالبات، وانخفاض الأسعار مقارنة مع حجم المخاطر، وانخفاض رأسمال الشركات مقارنة مع حجم الأعمال في السوق السعودي، ونحن ظللنا نحقق نمواً ملحوظاً في سوق التأمين، وخلال عام 2014 حققنا أرباحاً قياسية صافية وأنهينا خلال العام 2014م متصدرين قطاع التأمين الصحي بحصة سوقية تجاوزت 36% وبأداء مالي استثنائي وبأقساط مكتتبة بزيادة عن العام الماضي بنسبة 81%، وأكثر من 3 مرات ونصف معدل نمو سوق التأمين الصحي خلال العام. الصيغة الإسلامية بدأت تفرض نفسها بقوة في إدارة العمليات التأمينية والأقساط على أساس عقود المضاربة.. أنتم في بوبا هل استفدتم من هذه الصيغة؟ التأمين الصحي المرخص في المملكة اليوم مبني على مبدأ التأمين الصحي التعاوني المجاز شرعاً، وشركة «بوبا العربية للتأمين التعاوني» تقوم على هذا المبدأ منذ نشأتها، ومؤخراً أقرت مؤسسة النقد العربي السعودية آلية توزيع الفائض مع عمليات التأمين على المؤمن لهم. وهذا سوف يرسخ مبدأ التأمين التعاوني حيث إنه مطبق على أرض الواقع. لا تزال مسألة تغطية قطاع التأمين لعدد من الأمراض مثار جدل عند متلقي الخدمة.. هل تتم مراجعة قوائم الأمراض سنويا بالحذف والإضافة؟ الجهة المشرعة لهذا الأمر هي مجلس الضمان الصحي التعاوني ويقوم المجلس بمراجعة وثيقة التأمين وحدود تغطياتها بشكل دوري، بناء على ما يصله من ملاحظات سواء من شركات التأمين أو المستفيدين من التأمين مباشرة، ويقر بعض التعديلات ولعل آخرها الذي بدأ تطبيقه في 1 يوليو 2014م حيث تم رفع حدود التغطية من 250 ألفا إلى 500 ألف وتم إضافة تغطيات لحالات صحية لم تكن تغطيها الوثيقة السابقة مثل التوحد والزهايمر وتغطية المولودين من عمليات التلقيح الصناعي (أطفال الأنابيب)، وإن كان عملية التلقيح نفسها غير مشمولة بالتأمين. هذه المراجعة الدورية لا يمكن أن تتم بشكل سنوي ولكنها تتم كل 3-5 سنوات تقريباً وهذا مدى معقول ومقبول. كيف تقيمون اندماج شركات التأمين وظهور تحالفات في السوق السعودي لتقديم خدمات أفضل بأسعار منافسة؟ الشركات التي تعاني اليوم من الناحية المالية يجب عليها التركيز على أساس المشكلة التي أوقعتها في هذا المأزق. وهو بنظرنا التسعير الخاطئ الذي يهدف لتعظيم المبيعات بدون النظر إلى المخاطر المحتملة. مالم تقم الشركات بحل لب المشكلة فإن الاندماج بين الشركات لن يحسن بالضرورة من أدائها. في حال قيامها باندماجات مع بعضها البعض وحل المشكلة الرئيسية فإن هذا بالطبع سوف يقوي من قدرتها التنافسية ويرفع من أدائها ويعطيها القوة للمنافسة وتقديم خدمات أفضل لعملائها. تطبيق نظام التأمين الصحي على المقيمين في السعودية أسهم في ارتفاع حجم سوق التأمين.. حدثنا عن ذلك؟ بكل تأكيد لقد ساهم تطبيق التأمين الصحي الإلزامي ليس على المقيمين فقط بل والسعوديين العاملين في القطاع الخاص والهيئات الحكومية التي تتبع نظام العمل في المملكة، في ارتفاع الطلب على خدمات التأمين الصحي، وكان محفزاً للنمو والاستثمار في الخدمات الصحية بالقطاع الخاص، حيث ارتفع عدد المؤمن عليهم ليصل بنهاية عام 2013م إلى 10 ملايين تقريباً. وهذا يمثل ثلث سكان المملكة. طبعاً هذا الرقم شهد زيادة مليونين تقريباً خلال عام 2013م بسبب الحملة التصحيحية للعمالة الأجنبية التي قادتها كل من وزارتي الداخلية والعمل وقبلها لم تكن هناك زيادة تذكر في عدد المؤمن عليهم لمدة 3 سنوات تقريبا. مستقبلاً نتوقع أن يأتي النمو من التوسع عن طريق قيام الجهات الرقابية بوضع آلية للتأكد من شمولية السعوديين العاملين في القطاع الخاص وذويهم بالتأمين الصحي، وكذلك إلزامية التأمين الصحي على أفراد عائلة المقيمين التي بدأ تطبيقها مؤخراً بواسطة مجلس الضمان الصحي، وأيضا التأمين الطبي على القادمين للمملكة بغرض الزيارة التي يتوقع أن يبدأ العمل بها خلال عام 2015م. الأنظمة الجديدة التي شهدها القطاع الصحي في المملكة وخلال فترة زمنية متسارعة.. ما مدى فعاليتها خلال السنوات المقبلة؟ ما زال القطاع الصحي (سواء تقديم الخدمات الصحية بواسطة المستشفيات والمستوصفات والعيادات أو شركات التأمين الصحي) يحتاج للكثير من التشريعات التي تشجع على التوسع وفي نفس الوقت ضمان الجودة للمستفيد النهائي. اليوم لا توجد معايير تحكم جودة الخدمات الصحية ورضا العملاء ولا توجد آليات فعالة تحد من التأمين الصحي الوهمي الذي تنتهجه بعض شركات القطاع الذي يكون الغرض منه هو (فتح الشاشة) لتجديد الإقامة، ولا يقدم أي تأمين صحي حقيقي للمستفيد. فتح باب الاستثمار في الخدمات الصحية سوف تضخ طاقة استيعابية إضافية، مما يرفع من مستوى المنافسة، ويحد من الارتفاع المتسارع للأسعار الذي يشهده السوق حالياً.