تأتي زيارة الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف للمملكة في توقيت حساس وهام؛ حيث تتعرض منطقة الشرق الأوسط لأحداث جسام ستُغير مستقبل المنطقة الجيوسياسي ولعل آخرها "عاصفة الحزم" والتفاهم النووي، الذي توصلت إليه إيران مع مجموعة "5+1"، وتضيف الزيارة – والتي ترقبها طهران بعين القلق والشك– فرصة جديدة وزخماً حقيقياً لتوثيق الروابط بين بلدين هامين يفترض أن تصل العلاقات بينهما على مستوى إستراتيجي في تنسيق المواقف السياسية والعسكرية والأمنية خاصة وأن أذربيجان تعاني من جوار معاد وهي تخوض مع أرمينيا حروبا متقطعة منذ استقلالها كما تتصف علاقاتها مع الجارة الأخرى بعداء يصنفه البعض أنه "خلاف وجودي" بسبب وجود أكثر من ضعف سكانها من الأذربيجانيين داخل إيران، بالإضافة إلى قلق إيران الدائم من تشكل "جمهورية أذربيجان الكبرى" والتي ينادي بها القوميون في أذربيجانوإيران وحتى في تركيا. تعاني أذربيجان كما تعاني السعودية والخليج من طبيعة التدخلات الإيرانية والتي تستهدف إثارة القلاقل والتوترات واثارة الفوضى وصولاً لإضعاف الجوار الإيراني، ومن هنا يمكن القول ان البلدين متضرران من السياسات الإيرانية وفي نفس الوقت لديهما القدرة على لجمها، بل ونقل الصراع داخل الحديقة الخلفية لإيران حيث يوجد ما يقارب 25 مليون أذري أو يزيد في أذربيجان الجنوبية والتي تعتبر أراضي أذربيجانية محتلة منذ العام1925م وهكذا الحال مع إقليم الاحواز العربية ثم الجزر الإماراتية الثلاث. ويُعتبر الخلاف على نفط بحر "قزوين" لب المشاكل مع إيران حيث تشعر إيران بالانزعاج الشديد لحصول أذربيجان على حصتها من النفط، وثانيا، لسياسة الطاقة التي تتبعها والموجهة نحو تركيا والغرب. وبدأت إيران في عام 2007م ببيع الغاز الطبيعي إلى أرمينيا، لتضرب أذربيجان في صميم جرحها النازف في إقليم كاراباخ" بل وذهبت إلى أبعد من ذلك لتبيع السلاح إلى أرمينيا في كل مناسبة مقابل تحريض أرمن إقليم "كاراباخ" المحتل على أذربيجان. وكما هو الحال مع جوارها الخليجي والعربي فلا تترك إيران فرصة إلا وتستفز أذربيجان ففي التاسع من أغسطس 2011، وصف رئيس هيئة الأركان الإيراني حسن فيروز أبادي أذربيجان ب"أران"، مضيفاً ان الشعب الأذربيجاني "شعب إيراني يجري الدم الإيراني في عروقه" ولمح برغبة إيران باحتلال أذربيجان الحالية، حيث إن إيران لم تخف مطالبتها بهذه الأرض على مر التاريخ سيما انها ما زالت تسيطر إلى اليوم على 280 ألف كلم متر مربع من أراضي أذربيجان القديمة. كما توترت العلاقات الثنائية بعد تهديد جديد من رئيس هيئة الأركان قال فيه: "من المستحيل على الحكومة الأذربيجانية الوقوف في وجه الصحوة الشعبية وستجد نفسها أمام مستقبل قاتم السواد". كما استخدمت إيران العنف الدموي في العام 2006م ضد الأذريين في أرضها ردا على ما وصفته بالسياسة الأذرية الموالية للغرب. رغم أن 60% من الشعب الأذري من الشيعة إلا أن إيران دعمت الجيش الأرمني لاحتلال أراضي أذربيجانية تصل إجمالي مساحتها مساحة دولة بحجم لبنان وسبب ذلك خسارة تركيا للممر البري الضيق والذي كان يربطها مع أذربيجان والذي كان يبلغ طوله عشرة كيلو مترات كما انها تسوم مواطنيها الاذريين من الشيعة وكذلك في الأحواز سوء العذاب، وهذا يثبت أن إيران تدعم المكون الشيعي فقط في حالة تحقيقهم لمصالحها القومية والعكس صحيح. نعم يمكن لأذربيجان ذات الغالبية الشيعية العمل مع السعودية جنباً لجنب لتحقيق مصالحهما الوطنية في مواجهة إيران وفق إستراتيجية الحزم السعودية ولنفي الاكاذيب الإيرانية بان المملكة تمارس سياساتها وفق معايير مذهبية وقديماً قالوا "عدو عدوي صديقي". * محلل سياسي