طالعتنا الأخبار منذ أيام بالمستجدات التي تناولت الملف النووي الإيراني، بعد سجال من المفاوضات الصعبة والمعقدة بين مجموعة (5 + 1) وإيران، حيث تم التوصل إلى اتفاق مبدئي مع طهران لحل حول برنامجها النووي يضمن عدم تطويرها لأسلحة نووية. وأود هنا الإشارة إلى أن مبادئ وأحكام القانون الدولي بوجه عام قد أجازت للدول على حد سواء، الحق في ممارسة الأنشطة النووية وبناء المفاعلات النووية، ولكن شريطة أن يكون هذا التطوير في إطار الاستخدام السلمي للطاقة النووية فقط -كتوليد الطاقة الكهربائية أو غيرها- وذلك لضمان المحافظة على السلم والأمن الدوليين اللذين دعا إليهما ميثاق الأممالمتحدة. ولقد تمت المحادثات والمفاوضات المباشرة بين إيران، وبين مجموعة (5 + 1) وهم: الولاياتالمتحدةالأمريكية وبريطانيا وفرنسا والصين وروسيا، بالإضافة إلى ألمانيا، وجاء اتفاق جنيف في 24/11/2013م بعدم إيقاع عقوبات جديدة على إيران، وتخفيض العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها، مقابل قيامها بتجميد قصير المدى لبرنامجها النووي. وقد استؤنفت المفاوضات بين إيران والدول (5 + 1) الكبرى في الأيام القليلة الماضية في مدينة لوزان السويسرية بشأن البرنامج النووي الإيراني، وتوصل الطرفان إلى اتفاق مبدئي للتسوية الشاملة للملف النووي الإيراني، حيث تم الاتفاق على المعايير الأساسية لإنهاء تلك الأزمة، على أن تتم التسوية النهائية في نهاية شهر يونيو القادم وفقاً لما تم الإعلان عنه، وفي الجانب الآخر تناول الاتفاق رفع العقوبات الاقتصادية والتجارية والمالية الموقعة على طهران، عندما تتأكد الأممالمتحدة من خلال الوكالة الدولية للطاقة الذرية امتثال طهران لكافة البنود والشروط التي تم الاتفاق عليها. وقد رحبت الولاياتالمتحدةالأمريكية ودول أخرى بما في ذلك المملكة بهذا الاتفاق الذي يساهم في الحفاظ على السلم والأمن الدوليين، وعلى الحفاظ على أمن وسلامة المنطقة العربية، وعلى مصالحها ومصالح العديد من دول العالم، ووصفت أمريكا هذا الاتفاق بالتاريخي، وفي الجانب الآخر حذرت بأن العقوبات التي سيتم رفعها عن إيران سوف تعود فوراً في حال حدوث خرق إيراني، مثل عدم الامتثال للالتزامات المتفق عليها، كما أن إيران ستخضع لعمليات مراقبة وتفتيش من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية حول برنامجها النووي، لضمان التزامها بما تم الاتفاق عليه. وفي نفس الوقت يتعين على إيران أن تتخلى عن زعزعة أمن المنطقة وتصدير الثورة للخارج، وأن تطمئن دول الجوار بتغيير مسارها العدائي والطائفي وأن توجه طاقتها لبناء الاقتصاد المنهار وبناء الداخل الإيراني دون صرف مواردها على تشجيع دمار الإقليم وغرس العداء بين الشعوب. ونأمل أن يواصل المجتمع الدولي الضغط على السياسة الإيرانية لاحترام دول الجوار والوقوف عن إثارة القلاقل وزعزعة الأمن في منطقة الخليج والعالم العربي بأسره، لأن هذا أيضا يهم الأمن والسلم الدولي. وختاماً فلقد رحبت المملكة العربية السعودية ودول مجلس التعاون بهذا الاتفاق لأنه يأتي منسجماً مع نداءاتها في المطالبة بخلو منطقة الشرق الأوسط من السلاح النووي، كما أنه يوافق تطلعات هذه الدول المسالمة في المحافظة على السلم والأمن الدوليين.