يأتي قرار فرض الرسوم على الأراضي البيضاء في وقت تنموي غاية في الأهمية، حيث يستمر الاقتصاد الوطني في كسب مزيد من الزخم الذي يقوده إلى تحقيق نهضة تنموية شاملة ومستدامة في جميع القطاعات الاقتصادية، ولذلك فإن القرار يعتبر إضافة نوعية للسياسات الاقتصادية التي تعمل على تطوير الأدوات والإجراءات بحيث يواكب مقتضيات التطور. وبما أن القطاع العقاري يعتبر أحد أهم القطاعات التي تقود عجلة التنمية من واقع الإمكانيات الضخمة به، وتداخله مع جميع القطاعات الأخرى، فضلا عن تماسه مع احتياجات المواطنين للسكن، فإن هذا القرار يختصر طريقا طويلا لتحقيق الآمال في امتلاك السكن وتخفيض أسعار الأراضي والإيجارات وجميع الخدمات العقارية بما يتناسب مع القوى الشرائية ويضعها في المستوى الواقعي والمتوازن. كثيرة هي المكاسب من هذا القرار، تشمل أكثر من طرف كالدولة والمواطن والعقاريين المطورين للأراضي، وبالتالي القطاع العقاري والاقتصاد الوطني ما يعني دفعة وتحفيزا مهما للتطور، ولذلك انعكاساته غير المباشرة على مجمل السوق الاستهلاكي، ولعلنا نجني فائدة مهمة أخرى وهي فك احتكار الأراضي والتي تعد أهم أسباب ارتفاع أسعارالخدمات العقارية، وحين ننظر في وجود مساحات خالية داخل النطاق العمراني وغير مستغلة لسنوات طويلة، فإننا ولا شك نجد صعوبة في استيعاب أهمية هذه الأراضي المعطلة التي لا تخدم سوقا أو اقتصادا أو مواطنا، فيما هناك حاجة ماسة للإفادة من كل قطعة أرض لصالح الجميع. هذا القرار الصادر عن مجلس الوزراء، جاء بتوصية من مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، وبالتالي جاء بناء على دراسات وقراءات للواقع ومتغيراته، ولطالما انتظر المواطنون حل هذه القضية بدمج هذه الأراضي في الدورة التنموية والمساهمة في تخفيض الأسعار التي وصلت إلى مستويات قياسية، واستطاع المضاربون العقاريون التحرك بحرية لأنه لا يوجد ما يسهم في حل تعطيل هذه الأراضي وجمودها وتوظيفها في خدمة المواطنين. ويترتب على القرار كثير من الإيجابيات ليس على السوق العقاري وحسب، وإنما يشمل ذلك غيره من القطاعات ذات الصلة، حيث يساعد على زيادة الأعمال الإنشائية وتجسير الهوة في معادلة العرض والطلب للوحدات السكنية، والدخول في مساحة واسعة من النشاط التنموي لاستثمار تلك الأراضي بعد فك تجميدها وتعطيلها التنموي، ويبقى بعد ذلك التفكير في الآليات المناسبة للتعامل مع القرار. تلك الآليات مهمة في الاستفادة من القرار بالصورة القصوى وجعله أمراً واقعاً، واعتقد أن من المهم أن يتم ذلك من خلال تنسيق بين اللجان العقارية ووزارتي الإسكان والعدل، بحيث يبدأ التطبيق الفوري للقرار بحصر تلك الأراضي في جميع المناطق والمحافظات والمراكز، وتوجيه لجان تفتيش إليها من وزارتي الإسكان والعدل، والتعاطي مباشرة مع الحالات البيضاء بتوقيع الرسوم وإنزالها في حسابات أصحابها كمطالبات للدولة عليهم بعد إمهالهم مدى زمنيا وجيزا تتحقق فيه الاستفادة من الأرض أو بدء تطبيق الرسوم على الأرض، ذلك يحسم القضية ويبدأ تشغيل عجلة الأراضي والسوق العقاري والارتفاع بها إلى مستوى أعلى من الطموح التنموي.