يعتبر القطاع العقاري من أهم محاور التنمية التي تعيشها المملكة في المرحلة الراهنة بعد القطاع النفطي، وذلك لما له من دور مهم في دفع عجلة النمو وتوفير المزيد من فرص العمل، باعتباره محركا رئيسيا لعدد كبير من الأنشطة، والتي ترتبط ارتباطا مباشرا بقطاع العقار، إلا أن الاحتكار والمضاربة في سوق العقار ساهم بشكل كبير في ارتفاع أسعار الأراضي، والذي يعد الآن من أهم معوقات الإسكان في الوقت الحالي، والذي جعل شرائح كبيرة من المواطنين محرومة من التملك، فبالرغم من أن هناك عرضا كبيرا في الأراضي السكنية، ولكن في المقابل لا يوجد طلب حقيقي وفعلي عليها نظرا لارتفاع أسعارها بشكل مبالغ فيه، بحيث لا يمكن الطالبين الحقيقيين من الشراء؛ لأنهم لا يمتلكون التمويل الكافي لشراء الأراضي السكنية، سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، بالإضافة إلى عجز الحاصلين على قروض صندوق التنمية العقارية من الاستفادة من قيمة القروض لبناء أو شراء وحدات سكنية لأنفسهم. لذا، فإن كبح جماح ارتفاع أسعار الأراضي البيضاء والمساكن في المملكة يحتاج إلى العديد من القرارات والإجراءات الحكومية الحازمة، يأتي في مقدمتها فرض رسوم أو زكاة على الأراضي البيضاء وفق آليات وضوابط تشريعية وتنظيمية محددة تمنع تلاعب المحتكرين والمضاربين وتهربهم من دفع الرسوم. والمقصود من فرض الرسوم هو إجبار من يحتكر الأراضي على أمرين: إما أن يتخلى عن احتكاره (وهو مطلب شرعي واقتصادي) بأن يطور الأرض بنفسه أو يبيعها لمن يطورها ويستفيد منها، وإما أن يدفع الغرامات التي تمكن من تطوير أراضٍ جديدة وتمكن الدولة مرة أخرى من منح الناس قروضا ومساكن أو إيصال الخدمات إلى تلك الأماكن التي لم تصلها بعد. فعلى سبيل المثال، لو طبقت هذه الرسوم على الأراضي البيضاء في مدينة جدة التي تقدر فيها مساحة الأراضي البيضاء بنحو 80 مليون متر مربع، منها 50 مليون متر مربع تصل إليها الخدمات، فلو افترضنا أن أسعار الأراضي السكنية البيضاء في جدة التي تصل لها الخدمات في حدود 1000 ريال للمتر المربع، أما الأراضي البيضاء التي لا تصلها الخدمات فيكون سعرها في حدود 500 ريال للمتر المربع، هذا يعني بأن إجمالي أسعارها 65 مليار ريال، فلو فرضت الدولة رسوما أو زكاة على الأراضي السكنية البيضاء بما يعادل 2.5% سنويا، فإن إجمالي الرسوم التي سيدفعها أصحاب الأراضي البيضاء تعادل 1.6 مليار ريال سنويا، ولا شك أن هذه المبلغ المخيف من الرسوم سيدفع المحتكرين للأراضي البيضاء إلى التخلص منها بأي طريقة تجنبا لدفع الرسوم، وبالتالي سيزداد المعروض من الأراضي البيضاء، وبالتالي فإن أسعارها ستنخفض مباشرة. لا شك أن هذا الإجراء سيساهم إلى حدٍ كبير في فك اختناقات القطاع العقاري، وسيساهم في تحسن جانب العرض في سوق العقار، وتنتهي الاحتكارات أو على الأقل ينتهي تأثيرها بحيث تنخفض قيمة الأراضي والعقارات في السعودية بشكل متوازن وتدريجي، وسيساهم بشكل مباشر في انخفاض أسعار الأراضي البيضاء في حدود 30% 50% وتراجع معدلات التضخم في المساكن إلى حد كبير، عدا ذلك فإن هذه الأراضي البيضاء تشكل مجمعا للنفايات، ولهذا فإن التخلص منها يسهم في تحسين البيئة والحماية من الأمراض. * عضو جمعية الاقتصاد السعودية