لم تلحق الهزائم والإهانات بحضارة مثلما لحقت بالحضارة الفارسية التي يبشر مستشار الرئيس الإيراني علي يونسي بعودتها بقوله «إيران اليوم أصبحت امبراطورية كما كانت عبر التاريخ وعاصمتها بغداد حاليا، وهي مركز حضارتنا وثقافتنا وهويتنا اليوم كما في الماضي»، فهذه الحضارة التي قدست النار ورقصت حولها بسفه الحقت بها الهزائم تلو الأخرى على مختلف مراحلها في التاريخ، ابتداء بألكسندر المقدوني الذي استحلها وحرقها وحكمها وانتهاء بالعرب الذين حجموها وأنهوا تدخلها في شئونهم في معركتهم التاريخية في ذي قار. معركة ذي قار ذكرت العالم حينها بشرور هذه الحضارة وخرافاتها وانتهاكها للعقل البشري، ثم اتت الرسالة المحمدية السماوية رحمة بالعالمين لترفض كل ما تمثله الحضارة الفارسية من ظلام ولتحرر العالم من شرور هذه الحضارة ولتخلص الفرس أنفسهم من نيرانها. تبشير المستشار الإيراني بعودة هذه الحضارة يمثل قمة الشر الذي يسعى النظام الإيراني لفرضه على المنطقة والعالم، كما ويعتبر رسالة شر لكل دول جوارها، وهذه الحضارة الفارسية التي يسعى لها لن تلاقي إلا الهزائم والتنكيل، وهو نفس مصير سابقاتها. أي خير يرتجيه العالم ممن يسوق لحضارة قامت على استعباد البشر وتغييب عقولهم ودفعهم لعبادة النار والرقص حولها، هذا النظام لا خير منه يرتجى ولا يؤمن جانبه مهما طال أمده. وإذا كان هذا المستشار يعتقد أن تصريحه يستفز دول المنطقة، فالحقيقة أنها لا تثير سوى سخريتهم على مأساوية عقليته وعقلية النظام الذي ارتضاه وقدمه ونصبه على رؤوس الشعب الإيراني المسكين والمغلوب على أمره. شعب عانى الويلات ودفع به إلى حروب عبثية منذ اعتلاء الخميني الحكم، شعب مارس عليه الخميني ومن تبعه عملية ممنهجة لغسيل المخ لتمرير خرافات تاريخية سعى الخميني لاحيائها وتسويقها. وأسوة بكذب زملائه في الحكومة الإيرانية، خرج وزير التخطيط الإيراني محمد باقر مبشرا بتحقيق نمو في الناتج المحلي الإيراني، ولا أعلم كيف ينوي تحقيق ذلك ودولته بلغ بها الأمر حد تهريب الدولارات في حقائب دبلوماسييها العائدين من المؤتمرات الدولية، دولة متآكلة ومحاصرة وترزح تحت حصار مستحق، دولة أصبحت عملتها مضرب المثل في تدني القيمة، دولة يعاني شعبها من البطالة التي تشير التقديرات إلى استفحالها في السنين الماضية لتكون من أعلى الدول في نسبة البطالة في العالم. وتبلغ الأمور قمتها حين يستشهد هذا الوزير بتقارير البنك الدولي لتدعيم ادعاءاته. والحقيقة أن تقارير البنك الدولي تشير إلى أن الناتج المحلي الإيراني انكمش بنسبة 5.8% في العام المنصرم لوحده، أما معدلات التضخم فوصلت إلى حد ال45%، كما ويشير البنك الدولي إلى الأعداد الكبيرة للمهاجرين الإيرانيين للخارج بحثا عن حياة أفضل. واستغرب حقيقة أن هذا الوزير لم يستشهد بتوجيهات المهدي في تحقيق تطلعاته أسوة بزميله وزير الاتصالات الذي لا يقوم بشيء إلا ويدعي انها بتوجيهات من المهدي مباشرة. إن أحلام القائمين على النظام الإيراني بالسيطرة على المنطقة لن تتعدى عقولهم، كما ولن توقف عجلة التقدم والازدهار والتنمية التي تسعى دول جوارها لتحقيقها، وما يخطط له النظام الإيراني والكيان الصهيوني المغتصب للعرب لن ينعكس سلبا إلا عليهم. كان العرب على مر تاريخهم الذي يمتد لآلاف السنين نموذجا للعزة والكرامة واحترام الجوار، وجاء الإسلام ليؤكد على مكانتهم وتاريخهم وعزمهم المنقطع النظير على نشر الرسالة المحمدية القائمة على التسامح والتعايش واحترام الإنسان وعقله. ومهما حاول النظام الإيراني والكيان الصهيوني تشويه سمعة الإسلام بدعم الجماعات الإرهابية المتطرفة والمنسلخة من كل قيمة إنسانية، فلن يكون مصيرها سوى الفشل، أسوة بفشلهم في إدارة عقولهم، فشل يرمي بهم إلى مزبلة التاريخ.