في بداية سنوات السبعينيات كانت زيارة الدمام بمثابة النقلة الحضارية لنا ونحن القادمون بطفولتنا من ريف الأحساء بنخيله وبساطته، كانت السيارات هنا أكثر وحركة العمل أكبر لتواكب الطفرة الحضارية في البلاد ولقرب المدينة من جارتها الظهران مركز الإدارة لأكبر شركة نفط فقد استلزم حجم العمل حضور أشكال وأنواع من المعدات، وقتها كان الجد الشيخ محمد بن خالد بوبشيت- يرحمه الله- يحدث طفولتنا ونحن نجوب شوارع الدمام ما بين سوق عيال ناصر وحي العمامرة متجهين إلى مزرعته غرب حي الجلوية الحالي عن مملكة يقال لها السويد تحضر معداتها هنا بكثرة كما أنه اشترى سيارته الجديدة المصنوعة في ذلك البلد البعيد والبارد؛ كان مجرد ركوب سيارة خاصة يعد ترفاً في ذلك الوقت سوى أن المعلومات التي خصنا بها الجد عن السويد وقوة صناعتها للشاحنات والسيارات جعلت من زيارة ذلك البلد حلماً حتى الآن ولكني كنت أمارس بعضا من استعراض الثقافة على الأقران بمعرفة بلد اسمه السويد وحظوة ركوب السيارة المنتجة هناك، تنامى حلم زيارة المنطقة الإسكندنافية عموماً وحضرت السويد بقوة صناعتها وتنوع منتجاتها وأسلوب إدارتها التجارية التي جعلت من الصين مصنعاً لأفكار صناعها وأبحاث علمائها حضرت من جديد من خلال علاماتها التجارية العالمية واستقطاب المستهلكين لها بقوة وبعوامل جذب وعرض خاصة رفعت من حجم التبادل التجاري السعودي معها ما يزيد عن 65 مليار ريال خلال السنوات الماضية والتي تنامت التجارة البينية فيها بين البلدين ولصالح السويد التي تدرك حجم استيعاب المملكة لمنتجاتها ناهيك عن جملة من مجالات التعاون في الجوانب العسكرية والطبية؛ ولكن "الزين ما يكمل" كما يقولون فقد خربتها السويد بالخوض في جوانب خاصة وذات سيادة للمملكة وفقاً لأسس التعامل الدولي والاحترام المتبادل لتاريخ وثقافة الشعوب فقد كان تصريح وزيرة خارجية السويد بشأن نظام القضاء السعودي خارجاً عن النص ويتجاوز حدود اللباقة الدولية ودبلوماسيتها؛ وقبل أن يقول مجلس الوزراء الموقر كلمته فيما يخص العلاقة مع مملكة السويد حسب جلسته الأخيرة يوم الاثنين الماضي فقد كان للوسط المحلي رأيه الإيجابي والمنحاز إلى ضرورة كبح جماح كل من يحاول النيل من كرامة المملكة وحقوقها والتعرض لأنظمتها بالتطاول وتجاوز حدود النقد إلى الإساءة والتجريح؛ فقد ضجت وسائل الاتصال الاجتماعي هنا وفي كل البلاد المحبة للمملكة داعية إلى مقاطعة المنتجات السويدية أو تلك التي تصنعها لصالحها في ورش الصين لتبيعها علينا هنا تحت شعارها، وكما وجه مجلس الوزراء رسالته للسويد فالمجتمع المحلي أيضاً يوجه رسالة أخرى بالمقاطعة والعزوف عن منتجات السويد مهما كانت جودتها وقوتها فحبنا لبلادنا وثقتنا في أنظمتنا توجب على الجميع الاحترام، ورحم الله الجد فلو كان حياً لربما باع سيارته السويدية فهو واحد من وطن يرى كل أبنائه أن احترام وطنهم وأنظمته فوق كل اعتبار.