على الرغم من أن 30 من بين أكبر رجال وسيدات الأعمال في السويد دعوا الأسبوع الماضي حكومة بلادهم إلى عدم الإقدام على فسخ أي اتفاق تجاري مع المملكة، معدين في خطابهم الذي وقعوه ووجهوه إلى رئيس وزراء الحكومة التي جاءت على رأس السلطة في أكتوبر العام الماضي أن فسخ الاتفاق التجاري سيكون مضرا بسمعة السويد، خالف الحزب اليساري الاشتراكي الحاكم ذلك الأمر، وواصل الزج بأجندته السياسية في مجالات ومصالح البلاد بالرغم من تردد رئيس الوزراء ستيفان لوفين. وفتح بذلك التجار والمستثمرون في السويد الباب أمام التكهنات بتأثر التعاون التجاري بشكل يضر بمصالحهم ومصالح ستوكهولم التي تعد السعودية بالنسبة لها الشريك التجاري الأهم في الشرق الأوسط وفق التعبير الذي سبق لديبلوماسيين في السفارة السويديةبالرياض استخدامه لتوصيف تلك العلاقة بين البلدين. وقال التجار الذين خالفوا توجهات دفع بها الشريك الأصغر للحكومة "حزب الخضر" والمتشدد ضد أي اتفاقات مع المملكة، أن التجارة بمثابة رسالة يمكن من خلالها مد المزيد من الجسور، إلا أن اليساريين تمسكوا بمواقفهم في قضايا تعد ذات سيادة مستقلة وشأن داخلي، طارحين ملف حقوق الإنسان لتقييم مصالح دولتهم مع الدول ذات الثقل السياسي والتجاري على الساحة الدولية والإقليمية. وكانت المملكة - الدولة العضو في مجموعة أقوى 20 اقتصادا في العالم - استدعت سفيرها في ستوكهولم في رد واضح على التصعيد المستمر من المسؤولين السويديين عبر وسائل إعلام مختلفة، وذلك في أعقاب ما أبدته وزيرة الخارجية السويدية مارجو وولستروم أمام برلمان بلادها في تناول يعد بمثابة تدخل في شؤون دول أخرى. وقال الخبراء إنه من السيئ أن تتسبب الدول من تلقاء نفسها الأضرار بمصالحها لقضايا سياسية مختلف عليها، مشيرين إلى سياسة السويد الخارجية التي ألقت بظلالها على التعاون التجاري بين البلدين، مؤكدين أن المملكة تعد أهم أسواق منطقة الشرق الأوسط وأن عدم أخذ ذلك بعين الاعتبار سيضر حتما بالمنتجين الذين يرغبون في دخول السوق السعودية. وأكد اقتصاديون أن الميزان التجاري بين السعودية والسويد شهد ارتفاعا ملحوظا بين عام 2009 و2011 وتحول إلى تبادل تجاري مهم ذي اتجاهين، مبينين أن تعزيز هذا الميزان تطلب كثيرا من الجهود التي سيضر بها آراء ذات أهواء حزبية. وشهد التبادل التجاري بين البلدين نموا هائلا، وصلت نسبته في بعض القطاعات أكثر من 35%، فيما بلغ حجم التجارة المتبادلة بين البلدين أكثر من 12 مليار كورونا سويدية فيما تجاوز عدد المشاريع المشتركة المقامة في المملكة 19 مشروعا. وكانت أهم القطاعات الرئيسة للتبادل التجاري بين البلدين هي قطاعات الاتصالات والمعادن والكهرباء والشاحنات والأجهزة والمعدات الخاصة بالتبريد والكهرباء ومحطات التوزيع. وتوجت تلك العلاقات المهمة بسعي الجانب السويدي إلى تأسيس غرفة تجارة مشتركة بين السويد والسعودية، لتعزيز الدور الذي يلعبه قطاع الأعمال في البلدين في مجال التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري، وترجم ذلك في اجتماعات عقدها مسؤولو التجارة في السويد خلال زيارة إلى الرياض مع رئيس ومسؤولي مجلس الغرف السعودية. من جانبهم، رأى اقتصاديون أن هذا التطور التجاري والاستثماري بين البلدين سيتأثر سلبا بالتوجهات الأخيرة التي أفصحت عنها السويد تجاه علاقتها مع السعودية، مؤكدين أن دول أخرى تسعى بقوة إلى دخول السوق السعودية وتنمية ميزانها التجاري في سوق هي الأهم بالمنطقة، عطفا على الاستقرار السياسي الذي يعد الداعم الأول للتطور الاقتصادي والاستثماري، مشيرين إلى أن هناك متنافسين كثرا ينتظرون الفرصة لأخذ مكانة تجارية في هذه السوق. وفي السياق ذاته، بحث مسؤولون استثماريون من هولندا والنمسا وإيطاليا والهند عبر وفود ديبلوماسية حضرت إلى جدة الأسبوع الماضي في لقاءات مع الغرفة التجارية في جدة سبل تعزيز العلاقات التجارية والاقتصادية مع المملكة والسعي نحو أخذ حصة من التعاون التجاري الذي تقدمه المملكة. وعرضت الوفود الأربعة خدماتها على قطاع الأعمال السعودي وسعت إلى ترويج منتجاتها ونشاطاتها لدى القطاع الخاص السعودي، سعيا منها إلى الحصول على مساحة تجارية مهمة في السوق السعودية.