تحتفل السويد بالسادس من (يونيو)، باعتباره رمزاً للوحدة والسلام، ففي مثل هذا اليوم عام 1523م توحدت أقاليم السويد الثلاثة في مملكة واحدة، وفي مثل هذا اليوم عام 1809م ظهر أول دستور موحد للسويد، مؤسساً نظامها السياسي، لتنطلق بعد ذلك لحجز موقعها في العالم على المستوى الاقتصادي. نرى الانتشار الذي تحققه السويد على المستويين الاقتصادي والسياسي من خلال زيارات المسؤولين المتبادلة وانتشار الشركات السويدية التي تنقل التجربة إلى الدول الأخرى خير دليل على ذلك. وتشتهر السويد بتصاميمها الراقية، والمجوهرات الرائعة التصميم، والساعات المشهورة، وأغلى وأفخم أنواع الفراء والجلود والكريستال والإكسسوارات في العالم. ففي حوارنا مع السفير السويدي جان ثيسيلف، والذي يعتبر آخر حوار يجريه في نهاية فترة تمثيله للسويد كسفيرٍ لها في المملكة عن تطور العلاقات السعودية السويدية أكد التطور المتسارع لتلك العلاقات مما يدل على الأهمية التي تمتلكها الدولتان على المستوى الدولي سواءً من الناحية السياسية أو الاقتصادية. - سعادة السفير: كيف تقيم العلاقات السعودية السويدية بعد خمس سنوات من العمل بالمملكة؟ لقد شهدت سنوات عملي بالمملكة نقلة نوعية في العلاقات السعودية السويدية، فناهيك عن الزيادة المطردة في حجم التبادل التجاري بين البلدين، والتي تعد دليلاً واضحاً على تطور تلك العلاقات، فإن الطفرة الحقيقية في العلاقات بين المملكتين والتي أدت إلى تطور نوعي في مستوى التعاون القائم بين المملكة والسويد على مختلف الصعد الاقتصادية والتعليمية والتقنية؛ فمنذ الزيارة التاريخية التي قام بها خادم الحرمين الشريفين، الملك عبد الله بن عبد العزيز للسويد عام 2001م، حين كان ولياً للعهد، وكنتيجة مباشرة لهذه الزيارة، ازداد الاهتمام الرسمي والشعبي بتلك العلاقات، وتكثفت الزيارات المتبادلة رفيعة المستوى، والتي كان من أبرزها الزيارة التي قامت بها ولية العهد السويدية الأميرة فيكتوريا للمملكة عام 2004م، وكذلك الزيارة التي قام بها صاحب الجلالة كارل السادس عشر غوستاف ملك السويد للسعودية بصفته الرئيس الفخري للمؤسسة الكشفية العالمية عام 2008م. كما قامت وزيرة التجارة السويدية الدكتورة إيفا بيورلينج بأربع زيارات للمملكة في عام واحد، كما زار وزير الخارجية السويدي كارل بيلت، بالإضافة إلى قيام وفد من لجنة الصداقة البرلمانية السعودية السويدية بمجلس الشورى السعودي بزيارة رسمية للسويد خلال شهر أبريل الماضي، وذلك في إطار تعزيز العلاقات البرلمانية بين البلدين، كما استقبلت المملكة العديد من الوفود البرلمانية والأكاديمية والتجارية من السويد. - لابد أن هذه الزيادة في الزيارات المتبادلة بين المملكتين قد انعكست على العلاقات بين البدين، فكيف كان هذا الأثر؟ لقد كانت المملكة وستظل الشريك التجاري الأهم للسويد في الشرق الأوسط. وقد شهد التبادل التجاري بين البلدين نموا هائلاً، وصلت نسبته في بعض القطاعات أكثر من 35%، وقد بلغ حجم التجارة المتبادلة بين البلدين أكثر من 11 بليون كورونا سويدية فيما تجاوز عدد المشاريع المشتركة المقامة في المملكة (19) مشروعاً. وكانت أهم القطاعات الرئيسة للتبادل التجاري بين البلدين هي قطاعات الاتصالات والمعادن والكهرباء والشاحنات والأجهزة والمعدات الخاصة بالتبريد والكهرباء ومحطات التوزيع. كما شهدت قطاعات السيارات، ومعدات التبريد والكهرباء والتوزيع نمواً قوياً وطفرة كبيرة، بالإضافة إلى مجال الحديد والصلب، كما أن هناك اهتماما متزايدا بمجال الخدمات والأجهزة الطبية. ومن ناحية أخرى، تمثل المواد الكيميائية أهم الصادرات السعودية إلى السويد. ومؤخراً برزت زيادة لافتة في حجم الاستثمارات المباشرة المتبادلة بين البلدين، وهو ما يؤكد النقلة النوعية في العلاقات بين المملكتين. وقد وقعت وزيرة التجارة السويدية الدكتورة إيفا بيورلينج اتفاقية حماية الاستثمارات المتبادلة مع وزير المالية الدكتور إبراهيم العساف، وهي اتفاقية مهمة يتوقع أن يكون لها أثر إيجابي على حركة الاستثمارات المتبادلة بين البلدين. - وما هي أهمية اتفاقية حماية الاستثمارات المتبادلة للعلاقات بين البلدين ؟ تعتبر اتفاقية حماية الاستثمارات المتبادلة إطاراً قانونياً يوفر الضمانات التي يتطلع المستثمرون في كلا البلدين للحصول عليها لحماية استثماراتهم وضمان حقوقهم، ولاشك في أن هذه الاتفاقية بما توفره من مزايا وضمانات ستؤدي إلى تنمية الاستثمارات المتبادلة في البلدين، وسينعكس أثرها بالضرورة على زيادة تدفق الاستثمارات المتبادلة وإذا كان توقيع الاتفاقية يمثل دعماً حكومياً للعلاقات التجارية المتميزة بين البلدين فإنه لحري بالقطاع الخاص في البلدين أن يسعى لتحقيق أقصى الاستفادة مما توفره هذه الاتفاقية من مزايا وضمانات. فهناك شركات ومؤسسات سويدية كبرى حققت شهرة عالمية وصارت تحظى بثقة المستهلك في كل مكان في العالم، بما تقدمه له من سلع وخدمات وتقنيات حديثة، وقد أصبحت أسماؤها ضمانا لجودة المنتج وثقة المستهلك، وأصبحت عنوانا للتميز والدقة والإتقان. لكننا نأمل في جذب الشركات المتوسطة والصغيرة للخوض في مجالات الاستثمارات المتبادلة في البلدين، ونشجعهم عن طريق توفير الإطار القانوني والتشريعي الملائم. - هل يعني ذلك أنكم قد لمستم تطوراً ملموساً للعلاقات بين البلدين خلال عملكم بالمملكة؟ بالتأكيد، لقد تطورت العلاقات بين المملكتين على نحو لافت، إذ باتت لدينا منظومة علاقات متكاملة، تمتزج فيها العلاقات التجارية بالتعليم والتدريب وتبادل الخبرات والمعارف. ويعتبر عقد الخدمات الموقع بين جامعة الملك سعود وإحدى الشركات السويدية المتخصصة في تقنيات الطيران والدفاع الحديثة أحد النماذج الناجحة لتلك الرؤية المتكاملة. كما شاركت السويد في فعاليات المعرض أعمال المنتدى والمعرض الدولي للبيئة والتنمية المستدامة الخليجي الثاني الذي أقيم مؤخراً تحت شعار «تبادل وتطوير واستدامة»، في جدة. وضم نخبة من أهم الشركات السويدية الرائدة في مجالات التقنية البيئية واستخدام الطاقة المتجددة والنظيفة ورفع كفاءة الطاقة وتوفيرها، وإعادة التدوير النفايات، ومختلف مجالات ما بات يعرف بالتقنية الخضراء أو التكنولوجيات النظيفة. وقد عرضت الشركات السويدية في المعرض الدولي للبيئة والتنمية المستدامة الخليجي الثاني من ابتكارات جديدة ورائدة تعنى بتقنيات توليد الطاقة الحيوية، وتطوير الوقود الحيوي والمباني الخضراء والعديد من مجالات الطاقة المتجددة والتكنولوجيات المستدامة. - هل هناك تطور على صعيد حجم المشاريع التجارية المشتركة بين البلدين؟ هناك عدة متغيرات إيجابية في طبيعة وحجم العلاقات التجارية بين البلدين، منها أن التبادل التجاري أصبح يسير في خطين متعاكسين، بعد أن كان التوجه يسير باتجاه واحد من السويد إلى المملكة، واليوم هناك مشاريع مشتركة، منها التعاون في مجال البتروكيماويات في المملكة، كما أن هناك تعاونا كبيرا في مجال صناعة الحديد والأخشاب، وكما تعلمون فالسويد متقدمة في مجال صناعة الحديد والأخشاب. ومن أهم أوجه التعاون القائم حالياً بين المملكة والسويد هو التعاون في مجالات نقل التكنولوجيا وتوطينها، إذ تعمل الشركات السويدية على تزويد شركائها في المملكة بالمعرفة والخبرة الفنية اللازمة من أجل دفع عجلة التطور التقني وتنمية القدرات التقنية في المملكة. وتعتبر السويد أحد أهم مطوري أنظمة المعلومات والحكومة الإلكترونية والأنظمة الطبية وأنظمة الرعاية الصحية في أوروبا. وفي هذا الصدد أحب أن أشيد بجهود خادم الحرمين الشريفين في مجالات التنمية البشرية والاستثمار في الإنسان السعودي، وعنايته الفائقة بالتعليم والبحث العلمي.