منحت دول الخليج دعما جديدا لجمهورية مصر العربية إذ تعهدت في مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادي يوم الجمعة بضخ مليارات الدولارات في صورة استثمارات وودائع بالبنك المركزي في خطوة من شأنها تعزيز مساعي الرئيس عبدالفتاح السيسي للنهوض بالاقتصاد المنهك وتحقيق نمو لا يقل عن 6 % خلال السنوات المقبلة. وتعهدت السعودية والكويت والامارات العربية المتحدة وسلطنة عمان في المؤتمر الذي بدأ أعماله يوم الجمعة تحت شعار "مصر المستقبل" بتقديم دعم إضافي لمصر بإجمالي 12.5 مليار دولار في صورة استثمارات ومساعدات وودائع بالبنك المركزي. وفي كلمته الافتتاحية أمام القمة الاقتصادية قال الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي إن مصر تعمل على زيادة معدل النمو الاقتصادي إلى ستة بالمئة على الأقل خلال السنوات الخمس المقبلة وخفض معدل البطالة إلى عشرة بالمئة. يأتي الدعم الجديد بعد أن تلقت مصر على مدى 18 شهرا مضت منحا ومساعدات بترولية وودائع في البنك المركزي من السعودية والكويتوالإمارات بأكثر من 23 مليار دولار كانت بمثابة شريان حياة لاقتصادها المثقل بالمتاعب. وتأمل مصر أن يعرض المؤتمر صورة لاستقرار البلاد بما يعزز ثقة المستثمرين بعد أربع سنوات من الاضطرابات السياسية عقب انتفاضة عام 2011 التي أطاحت بحسني مبارك. وتعول الحكومة على المؤتمر لمضاعفة الاستثمارات الأجنبية إلى مثليها في السنة المالية الحالية لتصل إلى ثمانية مليارات دولار كما تأمل بتوقيع اتفاقات تصل قيمتها إلى 20 مليار دولار في التجمع الذي وصفه رئيس الوزراء ابراهيم محلب بأنه "بداية رحلة نحو مستقبل أكثر اشراقا لكل المصريين". محاور خطة التنمية وبحضور قادة ومستثمرين من أكثر من 80 دولة عرض السيسي الملامح الرئيسة للسياسة الاقتصادية التي تنتهجها البلاد لتحقيق التنمية الشاملة التي قال إنها تهدف "لزيادة معدل النمو إلى ما يزيد على 6 بالمئة على الأقل خلال السنوات الخمس القادمة بالتوازي مع خفض نسبة البطالة الى 10 بالمئة". ويتوقع مسؤولون أن يحقق الناتج المحلي الإجمالي نموا بنسبة أربعة بالمئة في السنة المالية التي تنتهي في يونيو حزيران المقبل ارتفاعا من 2.2 بالمئة في السنة الماضية. وإذا سارت جميع الأمور وفقا للخطة الموضوعة تتوقع مصر ارتفاع الاستثمارات الأجنبية إلى المثلين في السنة المالية الحالية لتصل إلى ثمانية مليارات دولار. ويبلغ المعدل الرسمي للبطالة نحو 13 % لكن يعتقد أن المعدل الحقيقي أعلى بكثير. وقال الرئيس السيسي في كلمته إن المحور الأول في خطة التنمية هو "استعادة استقرار الاقتصاد الكلي للدولة واستعادة التوازن المالي من خلال خفض عجز الموازنة العامة للدولة وترسيخ مبادئ العدالة الضريبية". وأضاف ان المحور الثاني في الخطة هو تحسين بيئة الاستثمار والعمل على جذب الاستثمارات من خلال تنفيذ حزمة من الاصلاحات التشريعية المهمة واتخاذ خطوات رائدة لمعالجة العقبات التي تعوق القطاع الخاص والأجانب. وأكد السيسي أن الحكومة ملتزمة بسداد مستحقات الشركات الأجنبية وأنها تعمل على تحسين بيئة الاستثمار واجتذاب الاستثمارات من خلال تنفيذ حزمة من الإصلاحات التشريعية. وأثمر استعداد مصر المتعطشة للطاقة للمضي قدما في إجراء إصلاحات بسوق الوقود والالتزام بخطط سداد ديونها لشركات الطاقة الأجنبية عن طفرة غير متوقعة في صفقات التنقيب والإمداد بالنفط والغاز التي تسببت الاضطرابات السياسية بالبلاد في تأجيلها. وقالت وزارة البترول في مطلع مارس آذار إن مصر تهدف إلى السداد الكامل للديون المستحقة لشركات النفط والغاز والبالغة 3.1 مليار دولار بحلول منتصف عام 2016. وقال السيسي أيضا إن مصر تعمل على إقامة مشروعات طموحة وتوفير فرص واعدة للمستثمرين مشيرا إلى أن هناك آفاقا ضخمة تحققها تلك المشروعات بمشاركة القطاع الخاص. وحظيت مصر بإشادة عن إصلاحات اقتصادية من بينها خفض دعم الطاقة وقانون للاستثمار طال انتظاره يخفف الإجراءات الروتينية إلى جانب الجهود الرامية للقضاء على السوق السوداء للعملة. وأعاد السيسي قدرا من الاستقرار الي البلاد وأنعش الآمال في تعافي الاقتصاد بالإعلان عن مشروعات كبرى في مجال البنية التحتية من بينها مشروع بعدة مليارات من الدولارات لتوسيع قناة السويس. تعهدات خليجية وأعلن أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح أمام المؤتمر أن أجهزة الاستثمار الكويتية ستوجه أربعة مليارات دولار للاستثمار في مصر دعما لاقتصادها. وقال في كلمته "يسرني الإعلان عن قيام الأجهزة الاستثمارية في دولة الكويت بتوجيه 4 مليارات دولار من استثماراتها في قطاعات الاقتصاد المصري المختلفة ومن خلال الأدوات الاستثمارية المتنوعة". كما أعلن ولي العهد السعودي الأمير مقرن بن عبدالعزيز تقديم المملكة حزمة مساعدات بمبلغ أربعة مليارات دولار أيضا لمصر "تشمل وديعة بمليار دولار في البنك المركزي والباقي مساعدات تنموية". وتعهد الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة ورئيس مجلس الوزراء بالإمارات العربية المتحدة حاكم دبي بتقديم بلاده دعما إضافيا بقيمة أربعة مليارات دولار. وقال إنه سيتم "وضع ملياري دولار كوديعة في البنك المركزي وملياري دولار أخرى لتنشيط الاقتصاد المصري عبر مجموعة من المبادرات التي سيعلن عنها لاحقا". وأشار الشيخ محمد إلى أن إجمالي ما قدمته الإمارات لمصر خلال العامين الماضيين بلغ أكثر من 14 مليار دولار، كما أعلنت سلطنة عمان اليوم عن تقديم معونة مالية لمصر بقيمة 500 مليون دولار دعما لاقتصادها. وقال يحيى بن محفوظ رئيس مجلس الدولة العماني ممثل السلطان قابوس بن سعيد إن السلطنة قررت "تخصيص معونة مالية بمقدار 500 مليون دولار أمريكي.. تصرف هذه المساهمة على مدى خمس سنوات قادمة بموجب 250 مليونا كمنحة لدعم السيولة المالية و250 مليونا في شكل استثمارات في عدد من المشاريع الاستثمارية". ونقلت وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية عن حسام القاويش المتحدث الرسمي باسم مجلس الوزراء قوله إن حوالي 30 من رؤساء وزعماء الدول وأكثر من 500 مسؤول حكومي و2500 مستثمر يشاركون في المؤتمر. وأضاف ان أكثر من 30 منظمة دولية تشارك أيضا في المؤتمر. وفي تصريحات للصحفيين على هامش المؤتمر قال محلب إن الحكومة بذلت خلال الشهور الماضية "قصارى جهدها لتنمية وبدء تنفيذ برنامج إصلاحي من شأنه تغيير مستقبل هذه الأمة". وأضاف ان المؤتمر نجح في جذب قائمة ذهبية من كبار المستثمرين ورجال الصناعة ومجتمع المال والأعمال كمتحدثين ومشاركين. ووصف محلب المؤتمر أنه نقطة تحول "لنضع الاضطرابات السياسية والاقتصادية التي شهدتها البلاد في السنوات القليلة الأخيرة وراء ظهورنا ولنسمح للمجتمع الدولي بالقيام بدوره في اطلاق العنان لإمكانات الشعب المصري الهائلة".