علاقة آسرة بين الفنان ناصر الموسى والحرف العربي، تتجاوز هذه العلاقة الثلاثين عاما، عندما اشتغل مجموعة كبيرة من الاعمال الحروفية عام 1983، وأقام بها معرضا كبيرا عبّر عن خط جديد في مسيرته، وفي الساحة قليل من اشتغل على الحرف من فنانيها؛ حدّد هذا التوجه فيما بعد مسيرة واهتمام الفنان، عبّر المعرض الاول عن شحنة عاطفية قوية، فتنوعت الاعمال بناء على اكتشافات آنية، كان الفنان لا يبالي في تحقيقها وكأني به بعد نتيجة المعرض بدأ يحدد مساراته وعلاقته بالحرف بناء على خبرة، واستكشاف لنتائج مرتقبة من اشتغال عبّر عن حيوية شبابية ونهج تشكل لدى الفنان في اهمية الحرف كعنصر لتحديد هُوية فنية شخصية. لم تخرج اهتمامات الفنان ناصر الموسى خلال الثلاثين عاما عن هذا التوجه الموسوم بتحقيق الهوية من جانب وبروزه كتيار فني تشكيلي نادى به عدد من الفنانين والمنظرين العرب، لم يكن الموسى مقلدا او متوجها الى تجربة بعينها؛ بقدر بحثه الدءوب لنتيجة مختلفة، وقد حقق خلال مسيرته الفنية ما يمكن ان يميزه في ظل وجود اسماء محلية وعربية مختلفة بين القاعدي والحر والتشكيل، ولعلنا في بعض ممرات مسيرة الفنان سنجد شيئا من ذاك التنوع الذي يسم التجربة ويمنحها ثراءها وهو في الواقع ثراء نحو الاساليب والمعالجات والصيغ. اشتغل الفنان ناصر الموسى رساما ومخرجا في صحيفة الرياض ومجلة التوباد، وقد تابعت حينها بعض نتائجه التخطيطية التي منحته مزيدا من الاكتشاف والحلول والنتائج الفنية، هي بتلويناتها وصيغها التشكيلية الاكثر قربا من اللوحة نجدها في مائياته التي رسمها للتوباد ونشرها في كثير من اعدادها، اما تخطيطاته فكانت سعيا للجمع بين الهيئة الادمية والحرف العربي. يمثل الفنان ناصر الموسى احد ابرز الاسماء التشكيلية السعودية التي حافظت على علاقة متينة بالحرف العربي اسلوبا وصياغة ومعالجة، وحافظ ايضا على صيغة قريبة من هيئة الحرف وشكله وجمالياته وبناء علاقات عمله الفني من خلاله كوحدة او كعنصر يتسيد، يسكن تارة ويتشظى تارة، ويعني او يباشر تارة اخرى، يشغل الفنان فضاءات عمله بالحركة والحيوية وهي ما تسرق العين الى مكامن الحيوية التي تبعثها اختياراته لحروف معينة فيها الانحناء والانعطاف والرشاقة، لكنه ايضا وفي عدد اخر من الاعمال يكتفي بصلابة الالف او امتدادات الفاء او التاء، لوحة غالبا ما تزهو وتنثر عبير حديقة غناء بالالوان لا نحتاج معها اكثر من فسحة للتأمل وفضاء يمنحنا مزيدا من العمق. تجربة ناصر الموسى الحروفية صادقة وجلية، صدقها في عفويتها وتدفقها وحميميتها، وهي بقدر تنوعها فانها ثرية .. لها شخصيتها وعنوانها، ولم تزل تفتح آفاقا للبحث والاكتشاف الذي يواصله الفنان بكثير من الخبرة والمعرفة واستنطاق اسرار الحرف ومعطياته الجمالية.