يبدأ المجلس الاعلى لدول الخليج العربية، اليوم، أعمال قمته ال35 في الدوحة، في وقت شديد الحساسية وفي وقت تشتعل النيران والاضطرابات على حدود الخليج، أو على مقربة منها، فاليمن يمر بأكثر مراحل تاريخه اضطراباً خاصة بعد أن تخلت الدولة في اليمن عن دورها وتركت إدارة الحياة اليومية في كثير من المحافظات لميليشيات الحوثيين التي تمارس تصفيات حزبية وسياسية وقبلية، وعمليات نهب وسيطرة واستحواذ في المدن اليمنية أكثر مما تمارس أي دور آخر، فيما تبدو الحكومة اليمنية غير قادرة على توجيه الأمور في اليمن وتخضع لسيطرة الميليشيات الحوثية. بل إن الميليشيات الحوثية تلعب دور الدولة كاملاً، فهي تتدخل باليمن والمنازعات والقضاء والحقوق وتصريف الشؤون المالية والعسكرية والاقتصادية وتتحكم في حياة كثير من المحافظات في اليمن، فيما تشن حرباً على قبائل محافظات أخرى. وتخترع الأسباب لمد الاضطرابات في اليمن والعدوان على قبائل محافظات الوسط والجنوب. واستمرار اضطراب الأوضاع في اليمن يشكل خطراً حياً ومخيفاً لدول الخليج، ولا بد أن تدرس المسألة اليمنية بعناية وبمهنية على طاولة القمة الخليجية لتقرير موقف خليجي واحد من الأزمة في اليمن وتقرير المعالجات الضرورية لإعادة اليمن إلى الوضع الطبيعي وتحريرها من سيطرة ميليشيات الحوثيين التي تنفذ أوامر واستراتيجيات ورغبات وحتى حروبا إيرانية. والأخطر أن ميليشيا الحوثيين تدعي أنها تحارب القاعدة ولكنها في الواقع هي سبب مباشر لتقوية القاعدة وانتاج منظمات متطرفة أخرى على شاكلة القاعدة، فالحرب الطائفية التي يشنها الحوثيون على القبائل اليمنية ستولد حالة جديدة من الطائفية شبيهة بالعراقوسوريا وهي الحالة التي تنتج قوى متطرفة من الجانبين. الدولة الأخرى التي تشكل أوضاعها خطراً على الخليج هي العراق، وهي إلى الآن دولة فاشلة، بسبب الممارسات الطائفية الخرقاء والفساد الواسع لحكومة نوري المالكي وبسبب التغلغل الإيراني في العراق. وتأمل دول الخليج أن يتمكن رئيس الوزراء حيدر العبادي من إخراج العراق من وحول الفشل وإنقاذه من ورطة الطائفية ليبدأ العراق بتضميد جراحه، وإعادة شيء من الثقة بين مكوناته الطائفية والعرقية. وسبق أن أسدت المملكة ودول الخليج النصائح تلو النصائح للحكومات العراقية، أن أولى مشاكل العراق وأكثرها خطراً وتعقيداً هي النهج الطائفي الذي تعتمده الحكومات العراقية وبالذات في عهد نوري المالكي الذي سلم مصير العراق وشؤون حكومته وأمواله إلى جنرالات إيرانيين كانت مهمتهم الوحيدة هي ترسيخ الاحتلال الإيراني للعراق ونشر الطائفية وحروبها وفتنها على أوسع نطاق في العراق وإلى خارج العراق. ودعت المملكة ودول الخليج المسؤولين العراقيين إلى نبذ السياسة الطائفية وتحرير العراق من السيطرة الإيرانية وإجراء مصالحة وطنية شاملة لا تستثني أحداً في العراق، ولكن بدلاً من الاستماع إلى صوت العقل والنصيحة الأخوية الصادقة كان نوري المالكي يرد على المملكة ودول الخليج بهجوم غوغائي واتهامات وتلفيقات ويستمر في نهجه الطائفي حتى أودى بالعراق إلى الفساد وهاوية سحيقة من الفشل حتى إن جيش المالكي المدجج بالأسلحة والمتفوق عدداً وعدة انهار أمام بضع مئات من ميليشيات داعش في مدينة الموصل في يونيو الماضي، ما شكل فضيحة تاريخية للعراق. وكشف حجم الفساد وسوء إدارة المالكي وجنرالاته الذين يعينهم بمعايير طائفية وشخصية ومحسوبيات. ولا بد لدول الخليج أن تحدد موقفاً عملياً واضح المتطلبات من الحكومة العراقية في مقابل مساعدتها على الخروج من الازمة، وأولى هذه المتطلبات أن تتحرر من القبضة الإيرانية، وأن تنبذ الطائفية وتعالج تبعاتها وأن تبدأ مصالحة وطنية حقيقية لإعادة ثقة المكونات بحكومة بغداد ولمنع الميليشيات من استغلال النهج الطائفي لتأسيس قواعد لها في المناطق العربية. وإذا لم تمارس الحكومة العراقية دوراً وطنياً مستقلاً عن طهران وتمارس إدارة وطنية حقيقية للشؤون العامة في العراق فإنه لا يوجد أي أمل في خروج العراق من أزماته. المسألة الأخرى هي القضية السورية، فيجب على الخليج أن يتوحد خلف خطة لحل الأزمة السورية، لأن أزمة سوريا تنتج خلايا وأفكارا طائفية شيعية وسنية وهي تهدف إلى اضطراب الأوضاع أيضاً في العراق والخليج واليمن. وأن تعمل دول الخليج على سحب الميليشيات الإيرانية مثل حزب الله وغيرها من الأراضي السورية وتحرير سوريا من الاحتلال الإيراني، وهذه سوف تكون مقدمة للحل في سوريا. ويبدو أنه لا توجد أية فرصة لأي حلول في وجود الميليشيات الإيرانية لان هذه الميليشيات تحارب في الأراضي السورية لمنع أي حل أو أي سلام في سوريا.