من واقع تجربة الأندية السعودية مع بطولة آسيا بحلتها الجديدة والقديمة يتضح أمرٌ مهمٌّ يجب أن يقف عنده الجميع، وهو أنّ لكلّ منافسةٍ طريقتها الخاصة في الاستعداد والتحضير، فلكل بطولةٍ أسلوبها الخاص، وطريقتها في التعامل معها، من البداية حتى لحظة إطلاق آخر صافرةٍ فيها؛ لذا فأولى خطوات النجاح دراسة المرحلة بشكلٍ دقيقٍ، وتحديد الأولويات والاحتياجات، وفق الإمكانيات المتاحة على الجانبين الفني والمالي، ثم بعد ذلك يبدأ العمل. والحقيقة في هذا الموضوع بالنسبة للأندية السعودية تفيد: أن بطولة دوري أبطال آسيا تختلف عن الدوري المحلي، والدوري المحلي يختلف عن بقية مسابقات الكؤوس المختلفة ذات النَفَس القصير، لذلك إذا لم يكن التخطيط من بداية الموسم وفق تحديد أولوياتٍ معينةٍ، وتحديد الأهداف الإستراتيجية التي يسعى لها أي فريقٍ مع توقع أي إخفاقٍ، وتجهيز الخطة البديلة، والسير من خلالها حتى لا تكون المحصلة نهاية الموسم سيئة، فإن النتائج حتماً لن تكون جيدةً. فالواقع يكشف أن الأندية السعودية لا تعطي بطولة آسيا اهتماماً من أول الموسم، بدليل أن أنديتنا تعي جيداً أن بطولةً قاريةً كبيرةً بحجم بطولة آسيا تحتاج إعداداً مختلفاً عن أي بطولةٍ أخرى، وتحتاج تحضيراتٍ فنيةً عاليةً، تعتمد على توفر عناصر أجنبيةٍ قويةٍ تساعد الفريق على التفوق آسيوياً، لهذا هم يخفقون في هذه البطولة برغم التفوق الفني والبدني للاعب السعودي، وقوة المنافسات المحلية على كافة الأصعدة الفنية منها والجماهيرية. لكن مع بداية بطولة آسيا ينكشف الحال، ويتضح سوء الإعداد، والفارق الفني بين الأندية الآسيوية والسعودية، وهذا يعود لعوامل كثيرةٍ، يبرز منها وبشكلٍ واضحٍ القدرة الكبيرة لهذه الأندية في التعامل مع بطولةٍ بهذا الحجم، أي أن بعض الأندية في آسيا وتحديداً الخليجية تعتمد على قوة الإنفاق في عملية التعاقدات، فتحضر رباعياً أجنبياً باهظ الثمن يخدم المجموعة في البطولة، ولا يتركون مجالاً للتبديل أو التغيير في الفترة الثانية، فتصبح عملية الانسجام واضحةً، وتخدم الفريق، ولعل خير مثالٍ يؤكد ذلك، تفوق السد القطري، والعين الإماراتي في بطولة آسيا. أما الأندية التي تعجز عن توفير تلك المبالغ، فهي تعتمد على سياسة «السهل الممتنع»، تنهي دور المجموعات بطريقةٍ ذكيةٍ، فهي تركز من بداية الموسم على بطولة آسيا، وتعمل كل التحضيرات الفنية والبدنية من أجل أن تقدم عملاً جيداً في البطولة، وتتوقف عن التفكير في أي بطولةٍ أخرى، لذلك هم يحضرون في المباريات التي تُقام خارج أرضهم بشكلٍ مختلفٍ عن المستضيف، ويعملون وفق تنظيمٍ فنيٍّ داخل الملعب، يجعل أي فريقٍ مستضيفٍ يعجز عن تحقيق ما يريد من المباراة، وفي نفس الوقت هم يستفيدون من كل مباراةٍ تُقام على أرضهم، ويحققون العلامة الكاملة، ويبرز في هذا الجانب الأندية الإيرانية والأوزبكية. أما الأندية السعودية، فتبدأ معاناتها من نقطة الاختيار السيئ!، رغم توفر بعض ما ينقص الكثير من الأندية الآسيوية، فالبداية الخطأ في عملية الاختيار وتحديد الأولوية، والتجهيز المناسب لموسمٍ طويلٍ تتطلب تفكيراً دقيقاً، ورسم سياساتٍ معينةٍ، تعتمد في ذلك على نوع الخبرات التي تراكمت من تعدد المشاركات في مختلف البطولات. فالفرق السعودية المشاركة في بطولة آسيا هذا الموسم، غيّرت في الفترة الشتوية كل الأجانب..!! مما أفقدهم التركيز والانسجام داخل الملعب، مع الأخذ في الاعتبار أن أنديةً مثل النصر والأهلي قد أُرهقت بشكلٍ كبيرٍ، ربما النصر أفضل قليلاً من الأهلي في مسألة الإرهاق؛ لأنه يمتلك صفّ بدلاءٍ جيدا، وهذا الجانب يفتقده الأهلي الذي مازال مسيّروه يصرّون على المنافسة في بطولة الدوري، بالرغم من أن المنطق والعقل يقولان: إن الأهلي حقق بطولة كأس ولي العهد، ومن المفترض أن يركّز على البطولة الآسيوية، فحظوظه فيها متساويةٌ مع غيره، وترك بطولة الدوري التي يحتاج فيها إلى نتائج تخدمه، وهو في الأساس مرهقٌ لن يستطيع أن يخدم نفسه. وبالمختصر، فإن الإدارة الرياضية لكرة القدم في الأندية السعودية، تحتاج أناساً يجيدون التخطيط والتنظيم، حتى لا تقع الأندية فريسة التخبّطات والهدر المالي..!! ودمتم بخير،،،