شهدت بطولة دوري أبطال آسيا في السنوات الأخيرة تراجعا مخيفا للأندية السعودية فرض ابتعادها عن تحقيق الألقاب منذ العام 2005 م بعد أن حقق نادي الاتحاد اللقب الذي تعاقبت عقبه إخفاق أنديتنا على الرغم من مشاركتها في كل النسخ السابقة ، الأمر الذي فرض طرح السؤال الأبرز هل تطورت الأندية الآسيوية بالفعل ؟ أم أن أنديتنا بدأت مرحلة هبوط المستوى والابتعاد عن اللقب القاري . «عكاظ» طرحت هذه القضية أمام أهل الاختصاص وخرجت بهذه المحصلة: في البداية أكد محمد اليامي رئيس نادي الاتحاد بالإنابة، أن هناك عدة أسباب أدت إلى ضعف مشاركات الأندية السعودية في بطولة دوري أبطال آسيا ، ويأتي من أهمها نظام المسابقات الآسيوية فهذا النظام على حد تعبيره لا يخدم أندية غرب آسيا بشكل عام والأندية السعودية بشكل خاص. وقال «البطولة تلعب على موسمين متتاليين لدينا، وهذا جعل الاستفادة الكبرى لأندية شرق القارة، مما جعلها تنفرد في السنوات الأخيرة بحصد الألقاب ، بالإضافة إلى أن الأندية السعودية في السنوات الأخيرة قل اهتمامها بالفئات السنية ما أدى إلى نضب المواهب التي تعتبر ركيزة أساسية للفريق الأول بخلاف السنوات الماضية والتي شهدت بزوغ نجومية العديد من اللاعبين المميزين والذين أحرزوا البطولات والانجازات لأنديتهم في تلك الفترة». وأضاف «يأتي أيضا من ضمن المسببات ضعف مستوى اللاعبين الأجانب الذين يتم اختيارهم من قبل الأندية ، فالملاحظ أن هناك ضعفا واضحا في مستوى هؤلاء اللاعبين والذين تظهر مستوياتهم الحقيقية في مثل هذا النوع من البطولات الكبيرة والتي تحتاج إلى لاعبين يصنعون الفارق للفريق فهذه البطولات القارية تعتبر هي المحك الحقيقي للحكم على اللاعبين الأجانب ومدى فائدتهم الفنية». وتابع «لجنة المسابقات المحلية تتحمل جزءا كبيرا من هذه المشكلة حيث إن تداخل المسابقات المحلية والقارية يؤثر بشكل كبير على اللاعبين ويصيبهم بالإرهاق ويربك عمل الأجهزة الإدارية والفنية في الأندية». وقال «نشاهد أن روزنامة المسابقات مزدحمة ومتداخلة بشكل كبير وأكبر مثال على ذلك الكل شاهد الاتحاد يخوض لقاء في بطولة دوري أبطال آسيا في طشقند وبعد ثلاثة أيام فقط يخوض لقاء الكلاسيكو في الدوري أمام الهلال والكل شاهد الإرهاق الذي كان واضحا على لاعبي الاتحاد مما أثر على نتيجة المباراة وعدم تقديم اللاعبين لمستواهم المعروف عنهم ، فزخم المشاركات وتداخلها يفقد الفريق البطولات، بالإضافة إلى احتمالية إصابة اللاعبين إصابات خطيرة لا قدر الله» . ومضى يقول «الأندية السعودية للأسف ينقصها عملية التخطيط السليم للمشاركات وتحديد الأولويات في الاستحقاقات والمشاركات والتركيز على بطولات معينة وعدم تشتيت الفريق بين عدة بطولات، بالإضافة إلى أن من أهم الحلول لمنافسة الأندية السعودية آسيويا هي الإسراع في عملية الخصخصة وتحويل الأندية إلى كيانات تجارية لحل مشاكل الأندية المالية والعمل على توفير الإمكانات اللازمة لمنافسة الأندية السعودية في المحافل القارية». إشكاليات تنظيمية من جانبه قال عبد الكريم الجاسر عضو مجلس إدارة نادي الهلال والمتحدث الرسمي باسم النادي ، إن دوري أبطال آسيا أصبح يزداد صعوبة من موسم إلى آخر بل أصبحت مستويات الأندية الآسيوية متقاربة جدا في الفترة الأخيرة. وقال «نجد أن نتائج الأندية السعودية ليست في مستوى الطموح حيث عهدنا على أنديتنا تحقيق الألقاب الآسيوية بل التربع على زعامة الكرة الآسيوية ولكن هذا التراجع لا يجعلنا نستبعد الأندية السعودية من المنافسة القارية فهي تملك الأدوات والإمكانات، ولكننا بحاجة إلى عدد من الخطوات التي تسهم في جعل مشاركة أنديتنا في هذه البطولة ذات قيمة عالية ويأتي في مقدمتها وجود دوري قوي على مستوى عال يسهم في تقديم أندية قوية حيث نلاحظ أن الدوري السعودي في السنوات الأخيرة تراجع كثيرا من الناحية التنظيمية، ومن الناحية الفنية فمن المستحيل يكون لدينا دوري قوي دون وجود روزنامة قوية». وتابع «تداخل المسابقات موجود في كل دول العالم ولكن نحن لا يوجد لدينا أيام محددة لخوض المباريات ولا يوجد فترة كافية بين كل مباراة وأخرى تمكن المدرب من رفع مستوى الفريق وتمكن اللاعب من استعادة مستواه ومعالجة أخطائه فهذه الأمور تعد إشكالية كبيرة تواجه الأندية ، بالإضافة إلى أن عملية تنقل الفرق من منطقة إلى منطقة لخوض المباريات والكل يعرف أن المملكة تعتبر قارة وهذا عبء إضافي على الأندية». وقال «تظل الإشكالية الكبرى هي إشكالية تنظيمية فلو أوجدنا روزنامة محددة وواضحة تعتمد على مواعيد ثابتة للمباريات بالإضافة إلى وجود دوري قوي من دون توقفات ، بجانب تقليص فترة معسكرات المنتخبات بفترة لا تتجاوز خمسة أيام كما هو معمول به في كل دول العالم والابتعاد عن إيقاف الدوري لمدة أسبوعين في كل ثلاثة أشهر لاستطاعت الأندية السعودية تقديم مستويات لافتة في هذه البطولة وتعود لتحقيق اللقب». وأضاف «للأسف الأندية تبني والتوقفات تهدم عمل هذه الأندية فنحن لدينا مدربون على مستوى عال ولكنهم لا يجدون الوقت الكافي للعمل وكذلك لدينا لاعبون على مستوى مميز ولكنهم لا يجدون الوقت الكافي للتدريب وكذلك لا يجدون الوقت الكافي للراحة بسبب ضغط المباريات». وتابع «للأسف من يضعون روزنامة المسابقات المحلية لا يملكون أي فهم فني حيث نجد أن هناك إغفالا تاما للنواحي الفنية وإغفالا تاما لمسألة استمرار اللاعب وانقطاعه عن اللعب من فترة إلى أخرى فهذا الأمر لا يمكن أن يقدم لاعب كرة قدم جيدا ولا يقدم عملا تدريبيا جيدا فنحن بحاجة إلى الكثير لتعود الأندية السعودية لحصد الألقاب الآسيوية والتربع من جديد على زعامة الأندية الآسيوية». لا تراجع من جهته رفض محمد النويصر المدير التنفيذي لهيئة دوري المحترفين، أن يكون هناك ضعف في مشاركات الأندية السعودية في بطولة دوري أبطال آسيا وبالأخص في هذا الموسم والذي يعتبر على حد وصفه من أفضل المواسم للأندية السعودية من حيث المشاركة في البطولة القارية، بدليل مجموع النقاط التي حصلت عليها الأندية السعودية في الجولات السابقة بشكل عام ، وذلك حسب الإحصائيات الحالية على مستوى آسيا. وقال «تحتل الأندية السعودية المرتبة الثانية بعد الأندية الكورية في تحقيق النتائج الإيجابية حتى الآن ، بالإضافة إلى أن الحضور الجماهيري للأندية السعودية ارتفع بنسبة 12 % عن المواسم الماضية وهذا دليل على أن الأندية السعودية ما زالت في مقدمة الأندية الأسيوية ولها حظوظ كبيرة في الوصول إلى مراحل متقدمة في البطولة الآسيوية وتحقيق اللقب». وأضاف : تداخل المسابقات ليست هي مشكلة تدني نتائج الأندية السعودية آسيويا بل على العكس الأندية السعودية المشاركة آسيويا في الموسمين الماضيين تم تأجيل الكثير من مبارياتها بخلاف الأعوام السابقة ، بينما نجد على مستوى المسابقات الأوروبية والعالمية يوجد تداخل في المسابقات فهي ليست السبب الرئيسي في تدني مستويات الأندية السعودية بل أعتقد أن الأسباب تحتاج إلى دراسة مستفيضة إن وجد تراجع أصلا». وتابع «هناك دعم كبير تحظى به الأندية السعودية المشاركة آسيويا من قبل الرئيس العام لرعاية الشباب الأمير نواف بن فيصل من خلال إعلانه لمكافآت مالية كبيرة لكل مرحلة تتجاوزها الأندية السعودية ،بالإضافة إلى مكافآت مجزية للفريق الذي يحقق اللقب القاري فهذه الأندية تمثل الوطن والاتحاد السعودي لكرة القدم يوفر كل الإمكانات ويذلل كل العقبات لكي تكون مشاركة الأندية السعودية في مستوى التطلعات». تشتت فني وإداري وقال المدرب الوطني محمد الخراشي «الأندية الآسيوية تطورت بشكل كبير وهذا ما نشاهده من نتائج ومستويات مميزة تحققها هذه الأندية على المستوى القاري، وللأسف الشديد أن أنديتنا لم تساير هذا التطور الحاصل في الكرة الآسيوية وتعيش في مرحلة عدم توازن ، ويأتي تطور الأندية الآسيوية بفضل الاحترافية الكاملة التي تعيشها هذه الأندية في ظل وجود أجهزة إدارية وفنية وطبية على مستوى عال، بالإضافة إلى أن قلة المسابقات التي تشارك بها هذه الأندية تساهم في تركيز هذه الأندية على مسابقات محددة بخلاف المسابقات المحلية لدينا والتي هي السبب في إرهاق اللاعبين وتشتيت إدارات الأندية في الاستحقاقات المختلفة بسبب كثرة المسابقات بالإضافة إلى تداخلها». وتابع «لن تتطور الأندية السعودية طالما ظلت الكرة لدينا للهواة حيث لا يوجد إلا الفريق الأول في كل ناد محترف وبقية الدرجات الأخرى من يلعب بها هم الهواة». وأضاف «إذا أردنا العودة للمنافسة آسيويا علينا القيام بعدد من الإجراءات ومن أهمها ضخ مالي كبير للأندية وأن يقود الأندية متخصصون رياضيون وأن لا يترك المجال لأي شخص لإدارة الأندية حيث إن الأندية بحاجة إلى خبرة كبيرة لقيادتها من أجل تحقيق نتائج إيجابية تقود الأندية إلى تحقيق البطولات». استقرار معدوم وأخيرا يقول المدرب الوطني على كميخ «الأندية السعودية متطورة في الفكر والعمل والنجومية ولكنها قتلت كثيرا بسبب تداخل المسابقات المحلية ، بالإضافة إلى الاستعجال في الحكم على المدربين والاختيارات الضعيفة للاعبين الأجانب والذين يثقلون كاهل الأندية ماليا، بالإضافة إلى أن الأندية السعودية تريد تحقيق البطولات بسرعة كبيرة وهذا السبب الرئيسي في تعاقدها السريع والعشوائي مع المدربين واللاعبين الأجانب ومن ثم السرعة كذلك في إنهاء عقودهم ، وهذا أمر غير مقبول في كرة القدم». وتابع «هناك تطور كبير وواضح في معالم كرة القدم السعودية سواء على المستوى الإداري حيث نلاحظ وجود فكر جديد يقود الأندية بكل احترافية ، أو حتى على المستوى المالي والذي يشهد ضخا ماليا كبيرا ، أو حتى على الوفرة في اللاعبين الموهوبين ، ولكن ما أثر كثيرا على مستوى الأندية السعودية في المنافسات الآسيوية هو وجود بعض الضغوط الشرفية على إدارات الأندية وهي سبب رئيس في تقييد إدارات هذه الأندية للعمل بكل حرية بالإضافة إلى أنه لا توجد آلية صرف مالي صحيحة ومقننة دون تحميل النادي ديونا إضافية، بالإضافة إلى عدم تطبيقنا لأنظمة الاحتراف بشكل سليم من قبل المنظومة الرياضية بشكل عام ، فأصبحنا للأسف في المنافسات الآسيوية لا نحقق النتائج المرضية ولكننا بكل أمانة نملك كل أدوات النجاح ولكن تظل هذه الأدوات بحاجة إلى تطبيق على أرض الواقع لتحقيق النتائج المرجوة».