اتصل بالمستشار الأسري وقال: أفكر في تطليق زوجتي، فلما سأله المستشار: لماذا؟، أجاب بأن شكلها لم يعجبه، وأثناء حديثهما تبين للمستشار أن الزوج ركز على صفة شكلية صغيرة، وتجاهل مزايا كبيرة في خلقها، وسمات كثيرة في أخلاقها. هذه الحالة ومثيلاتها تتكرر على المستشارين من قبل أزواج وزوجات، والأسوأ أن يتعدى الأمر ذلك إلى أن يتخذ صاحب القضية قراره بالطلاق أو الخلع دون استشارة أحد. في مثل هذه القضية يركز أحد طرفي العلاقة الزوجية على قصور أو تقصير بسيط في زوجه، فيتضخم الأمر في نفسه حتى ينسيه كثيرا من المزايا الحسنة. ولهذه المشكلة عدة أسباب، لعلّ أحدها تكرار سماع هذه الصفة غير المحببة، فتتكرر على أذن الزوج أو الزوجة في حديث قريب أو صديق، فيزهدهم هذا القريب أو الصديق في أزواجهم من حيث يشعر أو لا يشعر. كما لا يخفى أن إفساد العلاقة من أكبر الغايات الإبليسية، التي يبعث لأجلها سراياه، حيث جاء في الحديث الصحيح: « إن إبليس يضع عرشه على الماء، ثم يبعث سراياه يفتنون الناس، فأدناهم منه منزلة أعظمهم فتنة يجيء أحدهم فيقول: فعلت كذا، وكذا فيقول: ما صنعت شيئا. قال: ثم يجيء أحدهم فيقول: ما تركته حتى فرقت بينه وبين امرأته. قال : فيدنيه منه، ويقول: نِعم أنت». فإذا لم يجد الشيطان مشكلة يفرق الزوجين من خلالها، عمد إلى عيب بسيط، ونقص يسير في الزوج أو الزوجة، فأشغل به الطرف الآخر، فيظل يفكر وينشغل به، حتى يكبر في نفسه، ويتضخم، فلا يبصر معه إيجابيات الطرف الآخر، فيصير كقطعة صغيرة وضعت أمام العين فأعمتها عن رؤية السماء. ولا يزال الشيطان يعمينا عن عيوبنا، والصفات الحسنة في أزواجنا، ويذكرنا بمزايانا وعيوب أزواجنا، حتى يظفر ببغيته، أو نستمر في مدافعته. فإذا ذكّر الشيطان أحدنا بصفة يكرهها في الآخر، فليذكر نفسه بصفات يحبها، وهذا هدي نبوي عظيم: «لا يفرك مؤمن مؤمنة، إن كره منها خلقا، رضي منها آخر».