الزواج من نعم الله، ومنة من أجل منن الله.. وإنما يكون نعمة حقيقية إذا تمسك الزوجان بهدي الكتاب والسنة، ولكن ما إن يبتعدا عن صراط الله حتى تفتح أبواب المشكلات، وتليها الخلافات والنزاعات، فيعظم الشقاق ويدنو الفراق، فيفرح شياطين الإنس والجن، ويشمت الأعداء والحساد. إن من أعظم أعداء الله فرحاً بالطلاق هو عدو الله إبليس عليه لعنة الله، فاسمع واقرأ إلى ما قاله نبيك، جاء عن جابر (رضي الله عنه) أنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّ إِبْلِيسَ يَضَعُ عَرْشَهُ عَلَى الْمَاءِ، ثُمَّ يَبْعَثُ سَرَايَاهُ، فَأَدْنَاهُمْ مِنْهُ مَنْزِلَةً أَعْظَمُهُمْ فِتْنَةً، يَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ: فَعَلْتُ كَذَا وَكَذَا، فَيَقُولُ: مَا صَنَعْتَ شَيْئًا! قَالَ: ثُمَّ يَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ: مَا تَرَكْتُهُ حَتَّى فَرَّقْتُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ، قَالَ: فَيُدْنِيهِ مِنْهُ، وَيَقُولُ: نِعْمَ أَنْتَ)! رواه مسلم (5023)، قال الأعمش «أراه قال فيلتزمه» رواه مسلم. قد يجد الزوج خيراً من زوجته، وقد تجد الزوجة خيراً من زوجها، لكن الأبناء لن يجدوا بديلاً، وإن حالة الابن بعد فراق والديه أسوأ في كثير من الأحوال من حال اليتيم الذي فقد أباه، أو الابن الذي ماتت أمه، فأول ضحية في الطلاق هم الأبناء والذرية الضعفاء. أسر تتشتت، وأبناء ييتمون وآباؤهم وأمهاتهم أحياء. ومطلقة مسكينة مكسورة الجناح تعصف بها الأيام وترهقها الحاجة ويعوزها العائل والقائم، وتنتظر العطية بعد أن كانت تعطي، وتدخل وتخرج لبيت ليس لها بعد أن كان البيت بيتها، وربما لا تجد المكان لتخلو بنفسها، كل ذلك لأجل ماذا؟ نزوة شيطانية وحماقة وقلة معرفة من الزوج والزوجة. إذا نظرت إلى الزوج وجدت رجلاً يتمنى رؤية أبنائه، وينتظر رؤيتهم بعد أن كانوا يغدون ويروحون معه للمسجد، ويكبر أبناؤه بعيداً عن عينه بعد أن كان يأمرهم وينهاهم، فهذا كان يصب له قهوته، وهذا يحضر حاجته والآخر يمسح رأسه، كل ذلك لأجل ماذا؟ بالله عليكم قولوا لي..؟ أما آن للأزواج والزوجات أن يتقوا الله في أنفسهم وأبنائهم. أما آن لهم أن يعرفوا قيمة الحياة وأنها ليست لعبة للعابث؟ أبالحياة والبشر من الذرية يلعبون! رسول الله - صلى الله عليه وسلم لم يضرب امرأة قط، وحين جاءته غنائم خيبر وزعها بين الناس، فجاءته نساؤه يطلبن النفقة وأن يوسع عليهن بما جاءه من الغنائم و«شنعن»عليه في الحديث حتى شق ذلك على رسول الله - صلى الله عليه وسلم-.. فماذا فعل؟ هل طلقهن! لا وربي لا، وإنما أدبهن بأن اعتزلهن فلا يدخل بيوتهن ولا فرشهن ولا يأتي واحدة منهن مدة شهر كامل حتى تأدبن، قالت عائشة: «كنا نعد له. ثم جاء بهن واحدة تلو الأخرى بعد انقضاء الشهر فخيّرهن بين البقاء معه على ما هو عليه من شظف العيش ومشقته، وبين أن يعطيهن ما أردن ثم يطلقهن، فاخترن البقاء معه». وهكذا يؤدب الزوج الزوجة من دون تشتيت الأسرة. رعد الشمري - الجبيل الصناعية [email protected]