في كلمته الافتتاحية للمؤتمر العالمي «الإسلام ومحاربة الإرهاب» في مكةالمكرمة، يوم أمس الأول، قدم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز تشخيصاً دقيقاً لشرور الإرهاب، والنتائج المدمرة لأعمال الإرهابيين الذين يدعون الإسلام ضلالاً وزوراً وبهتاناً، مما يحتم تحصين الأمة شبابها من الانخداع بدعايات منظمات الإرهاب وأبواقها. وأوضح خادم الحرمين الشريفين، أن أعمال الإرهابيين وجرائمهم المقززة الوحشية أعطت لأعداء الإسلام المبررات لمهاجمة الإسلام، ولمزيد من نشر كراهية الإسلام والمسلمين في العالم. وهذا، بلا شك، يثبت أن منظمات الإرهاب ترتدي الإسلام قناعاً وتخفياً، ولكنها فعلياً تمارس أشنع الجرائم بحق الإسلام والمسلمين وتحرض على حرب، في كل الجبهات، ضد الإسلام وضد المسلمين. والأكثر ريبة أن هذه المنظمات التي تدعي إخلاصها للإسلام وتدعي أنها تمارس الجهاد، لم توجه نيرانها وسمومها ومؤامراتها سوى إلى البلدان الإسلامية والمسلمين. حتى أن علماء الأمة الأبرار يرون أن هذه المنظمات من أكبر وأسوأ الشرور التي حلت بأمة الإسلام طوال تاريخها، فقد فرقت الأمة وأهدرت دماء المسلمين، وتطوعت أن تكون مطية لأعداء الإسلام، وأصبحت مادة ودليلاً لكل من يود تشويه الإسلام ويطعن في رسالة المصطفى -صلى الله عليه وسلم-. وأعطت براهين على الذين يصمون الإسلام بالعنف والقسوة. وصدق خادم الحرمين الشريفين، حينما وصف داعش وربيباتها بالفصائل السفيهة، فهي، وإن ادعت الإسلام، لم تتحل يوماً بأي صفة من صفات المسلمين، ولم تتقيد بأي أمر من أوامر الإسلام الذي يدعو إلى الرحمة والتسامح والمغفرة وحقن دماء الناس، والسهر على أمنهم وراحتهم وكرامتهم وحقوقهم، بل هذه المنظمات ترتكب كل الأعمال المنكرة في الإسلام، وتستحل الدماء المعصومة بأي وسيلة، وتتعطش لارتكاب الجرائم وسفك الدماء، وتنشر الفتن بين المسلمين، وتخترع كل الأفكار الشريرة لاستحلال أموال الناس وأعراضهم، وتمارس أعمالها كأي منظمة جريمة، ثم بعد ذلك تدعي الإسلام، بينما يجمع نحو مليار ونصف المليار مسلم أن هذه المنظمات الضالة المضلة لا تمت للإسلام بصلة، وليست إلا زرعاً شيطانياً جرى غرسه في بلدان أمة الإسلام، بهدف تفجير السلام في المجتمعات الإسلامية، واشغال الأمة بنفسها، واشعال الحروب والفتن في ربوعها، وإهدار مقدراتها وثرواتها، وهدر دماء ابنائها، وتشويه صورة الإسلام ومد أعداء الدين ببراهين مادية تؤيد ادعاءاتهم ومزاعمهم. فجريمة واحدة ترتكبها داعش وربيباتها كفيلة بتدمير عشرات السنين من محاضرات تعريف الناس بالإسلام وتسامحه وإنسانيته وعالميته، وأنه دين تقوى وعمل وعمار وخير وعدل. وأمل المسلمين بخادم الحرمين الشريفين وقيادة المملكة أن تستمر بالذود عن حياض الإسلام الصافي وهدي المصطفى -صلى الله عليه وسلم. والمملكة مثلما شرفها الله بخدمة الحرمين الشريفين، يشرفها الآن بمواجهة أشباح الظلام، الذين يجتهدون في تنفير الناس من الإسلام، ويخترعون الأفكار الشيطانية لتشويه الإسلام واظهاره على غير حقيقته. ولكن العزاء أن الإسلام جرب هذه النوعية من المجموعات الضالة، ولم تؤثر فيه وسحقها التاريخ وتلاشت هباء منثوراً، فيما استمر الإسلام العظيم منيراً وضاءاً يهدي إلى الرشد وتقوى الله وتوحيده، وتعزيز كرامة الإنسان وهديه إلى البر والتقوى وعمارة الأرض بالخير والسلام والمحبة.