أمسية شعرية مميزة فاضت فيها الحلقة الاستثنائية والأخيرة من برنامج البيت، الذي جمع فرسانه من الحلقات الاثنتي عشرة السابقة، بالصور الشعرية واللغة التعبيرية التي عكست امتلاكهم نواصي وأسرار وبلاغة الكتابة الشعرية ومقدرتهم الرفيعة في التصوير والوصف. وزاد تلك الحلقة ألقاً وجمالاً حضور الشيخ منصور بن محمد بن راشد بن سعيد آل مكتوم والزيارة المفاجئة في بداية الحلقة لسمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد بن سعيد آل مكتوم، ولي عهد دبي، إلى استديو برنامج البيت الذي ينتجه ويشرف عليه مركز حمدان بن محمد لإحياء التراث، حيث ألقى سموه قصيدة حملت في أبياتها الثناء على مستوى الإبداع الذي قدمه فرسان البيت خلال الحلقات السابقة والحث على أن تكون مشاركتهم محمّلة بأثقال الإبداع من معنى رصين وأسلوب جزيل. وأسدلت الحلقة ستارها بتتويج الشيخ منصور بن محمد كلاً من الشاعر متعب الشراري من المملكة العربية السعودية بلقب شاعر نبض الصورة، والشاعر يزيد مشعل الحربي من المملكة العربية السعودية بلقب شاعر راعي الشطر، وحصول كل منهما على جائزة مالية وقدرها مليون درهم إماراتي. وانطلقت الحلقة بشكل مغاير لما جرت عليه العادة في الحلقات السابقة، حيث بدأت بتقرير مصور عن لجان التحكيم، تمنوا من خلالها التوفيق للمتسابقين وأكدوا أن حامل لقب كل من مسابقة نبض الصورة أو الشطر هو شاعر مبدع يدرك أبعاد الشطر والصورة وغاية كل منهما بكل عناصرهما المتفاعلة والمتمازجة. تخللها بعد ذلك تقرير مصور عن راعي البيت الأول، سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد بن سعيد آل مكتوم، والدور البارز والمتميز لسموه في النهوض بمستوى الأدب من خلال مبادراته الثقافية، حيث يمثل برنامج البيت إحدى تلك المبادرات النابعة من بنات أفكار وسموه، ودعمه اللامحدود للحركة الثقافية والفنية. وبدأت مسابقة نبض الصورة بترحيب مقدّم البرنامج الإعلامي الكبير الدكتور بركات الوقيان بالمتسابقين الأحد عشر من مسابقة نبض الصورة في الاستديو بعد أن تم عرض تقارير مصورة عن تجربتهم الشعرية مع برنامج البيت في حلقاته السابقة. وجاءت آلية التحكيم مختلفة عن سابقتها. فقد كانت لجنة التحكيم مؤلفة من لجنتي الشطر ونبض الصورة، واختار كل عضو من اللجنة بيتاً شعرياً يلخص جمالية الصورة التي تم عرضها في الحلقة الماضية للمنافسة على اللقب. وتم اختيار سبعة متأهلين إلى المرحلة الختامية وهم: عبدالعزيز العقيلي، حمود بن وهقة، عبدالله صالح السكران، غازي الخمري، متعب الشراري، بدر علي اليحيى ومرام القحطاني التي أثبتت أن الشعر النسائي حاضر بقوة في ميادين الشعر. وخاض بعدها المتنافسون وعلى الهواء مباشرة مبارزة شعرية مدتها عشرون دقيقة في صورة ملتقطة بعدسة سمو الشيخ حمدان وتضمنت برج العرب وقت الغروب. وعرضت الشاشة أبياتهم الشعرية التي سطّرت أبهى الصور وأجمل المعاني وأقوى الرموز والدلالات. وماثلها في الألق عملية التحكيم، حيث استندت على فكرة أن يختار كل عضو في اللجنة بطريقة فردية وسرية الأبيات التي تناسب موضوع الصورة، ليحصل الشاعر متعب الشراري على أعلى نسبة تصويت من لجنة التحكيم مجتمعة. ورأى الشاعر ماجد البستكي، المنسق العام لبرنامج البيت أن تلك المشاركات حملت جواهر البلاغة واشتملت على بديع المعاني بأفصح العبارات وأبلغ التعابير. وكانت الألفاظ بيّنة ظاهرة متبادرة إلى الفهم ومأنوسة الاستعمال ومسبوكة بحرفية شاعر مع أخواتها من الألفاظ الأخرى. وعلى غرار مسابقة نبض الصورة، ابتدأت مسابقة الشطر باستضافة الدكتور بركات الوقيان للفائزين الاثني عشر في الحلقات السابقة وعرض تقارير مصورة عن تجاربهم الشعرية في حلقات برنامج البيت. واختار كل عضو في لجنة التحكيم شطراً واحداً، ليتم بذلك اختزال عدد المشاركات ويرسي التأهل للمرحلة النهائية على سبعة مشاركين وهم: وائل المطيري وراجح العتيبي وفهد الزعبي وراكان السبيعي وفهد العيباني وصالح السهلي ويزيد الحربي. واستعرض بعدها المشاركون السبعة، بعد انتهاء الوقت المخصص للمرحلة النهائية، أشطرهم الشعرية التي نثرث أريج اللغة من مترادفات جميلة وجسدت صوراً شعرية نابضة ومفعمة بقوة معانيها وممزوجة بمشاعر وجدانية، تناسبت جميعها مع مكونات وأبعاد الشطر المطروح "أجمل أشياء الشعر في عين شاعر". أما على صعيد التحكيم، فقد تعاملت اللجنة بالمثل في مسابقة نبض الصورة. واختار كل عضو في اللجنة بطريقة فردية وسرية الأبيات التي رآها تتناسب مع ذائقته الشعرية وتواكب موضوع الشطر. وحصل الشاعر يزيد الحربي على أعلى نسبة تصويت من لجنة التحكيم بالإجماع. وبحسب ما بيّنه ماجد البستكي، فقد حملت مشاركات مسابقة الشطر ما فيه الكثير من الذوق السليم والحس الصادق. وجاءت فصاحة الكلام مكمّلة لفصاحة المفردات التي كانت خالية من المعنى المبهم وسهلة النطق على اللسان. وقبل ختام الحلقة، أدى كل من الفنانين عيضه المنهالي وفاير السعيد أغنية شلة مهداة إلى صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، حاكم دبي، رعاه الله. وجد الشاعر ماجد البستكي أن برنامج البيت ينبض ثقافة متميزة، مشيراً إلى أن البرنامج أعاد إلى الأذهان مراكز الإشعاع الأدبي والفكري، ومن أبرزها سوق عكاظ، ودورها الرائد في صقل التجارب الشعرية. ورأى البستكي في البرنامج أنه "عكاظ الشعر النبطي"، حيث يتنافس خيرة الشعراء أمام محكمين من كبار الشعراء بأبياتهم الشعرية التي تحمل من انسيابية المعاني وعذوبة الألفاظ الشيء الكثير. ولفت البستكي إلى أن نجاح الموسم الثاني هو استكمال لمسيرة نجاح البرنامج في موسمه الأول، موضحاً أن الموسم القادم لن يقل عن الموسمين السابقين على صعيد استقطاب مزيد من المواهب وإحياء هذا النوع الأدبي الأصيل. بدوره أعرب سعادة عبدالله حمدان بن دلموك، الرئيس التنفيذي لمركز حمدان بن محمد لإحياء التراث أن الحلقة كانت شيّقة للغاية لما رأى فيها من حدة تنافس للظفر باللقب، مبيناً أن البيت ساهم خلال موسميه الماضيين في خدمة أهداف النهوض بالشعر النبطي والاهتمام به. وأوضح بن دلموك أن البيت صوت الشعر النبطي الذي يجمع الناس من المحيط إلى الخليج حوله ويتحفهم ببديع القصائد ويطرب آذانهم بسماع كل ما هو جميل ومؤثر من أبيات تحمل بين سطورها معاني وعبرا تبقى إرهاصاتها حاضرة في الذاكرة في كل زمان ومكان. وأكد بن دلموك أن رؤية سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم في دعم التراث واستمراريته في شتى المجالات بما فيها المشاريع الأدبية والثقافية، ورعايته وتشجيعه المتواصل والدائم كافة المبادرات الهادفة قد تبلورت في برنامج البيت والنجاح الذي حققه هذا الموسم من خلال تهيئة ساحة للشعر النبطي تستهدف فئة المبدعين من الشباب وكافة شرائح المجتمع. وتوجهت البنّاي بالشكر إلى الوفود الإعلامية المحلية والخليجية والعربية التي حرصت على الحضور أثناء تصوير حلقات البرنامج، لإعادة نشر وإحياء هذه الثقافة الغرّاء في أوساط المجتمع. من جهته أعرب الشاعر يزيد مشعل الحربي، الفائز بلقب شاعر الشطر، أن برنامج البيت هو حالة انعكاس لعنوان المصداقية والنزاهة، وذلك لأن فكرته قائمة على عدم إظهار اسم صاحب الشطر وبلده، للوصول إلى الحالة المثلى من الاختبارات الإبداعية، بعيداً عن أية تأثيرات جانبية. أما الشاعر متعب الشراري، الفائز بلقب نبض الصورة، فقال ان البيت من أرقى المهرجانات الأدبية الإبداعية التي استطاعت استقطاب كوكبة كبيرة ومميزة من الشعراء، حيث بات طموح كل شاعر، وذلك لما ساهم به في رفع قيمة الشعر النبطي وزيادة ألقه ورونقه وضخ مزيد من الدماء الشابة الموهوبة في عروق الشعر النبطي. وتوجه الفائزان بجزيل الشكر وعظيم التقدير لسمو الشيخ حمدان بن محمد بن سعيد آل مكتوم لجهوده الخيّرة في رعاية الشعراء ودعم مسيرتهم الشعرية والارتقاء بمستوى الحراك الأدبي وتوفير كل الظروف المناسبة لخدمة الشعر. تكريم الفائزين احمد بن محمد بن راشد