هناك شخصيات مؤثرة في الساحة الأدبية والثقافية إذا غابت عنا تترك فراغاً كبير، فقد شيعت مدينة الرياض يوم الخميس الثلاثين من ربيع الثاني عام الف وأربعمئة وستة وثلاثين للهجرة عالم الذرة الأستاذ الكبير الدكتور راشد بن الشيخ عبدالعزيز بن حمد بن عبداللطيف المبارك من مواليد مدينة الهفوف سنة 1354 ه، فقد حنان الأب وهو فى الثامنة من عمره فترعرع فى كنف والدته لتصنعه ابناً باراً بدينه ووطنه وأمته ليصبح واحداً من رموز العلم والأدب فى بلادنا الكبيرة. وعرف عنه سعة الاطلاع والثقافة والسمعة العلمية والأدبية العريضة داخل الوطن وخارجه يعود الفضل بهذا إلى مدينة الأحساء بخاصة وبيئتها العلمية وأسرته الغنية بالمعارف والتى اكسبته الخبرة الرفيعة وأنارت طريقه إلى العلم والمعرفة حتى أصبح علماً من أعلام الفكر في مملكتنا الحبيبة نشأ فى مدينة الأحساء فى بيت علم ودين وأدب وبدأ حياته بدراسة القرآن الكريم والعلوم الشرعية على يد أعمامه وفقهاء أسرته دارساً فى الوقت نفسه اللغة العربية على يد علم من أعلام اللغة في ذلك الوقت وهو الشيخ مبارك بن عبداللطيف المبارك. كما حرص على حضور الحلقات العلمية التي كانت موجودة آنذاك، وما لبث أن رأى فى نفسه أن العلم هو الطريق الصحيح لرقي حياته الشاملة. يعد الدكتور راشد آل مبارك واحداً من أبرز علماء وأدباء زمانه فقد ذاع صيته فى أرجاء الوطن وكان وما زال له تواصله العلمي والأدبي الوثيق مع نخبة من الأدباء والمفكرين على امتداد الوطن العربى الكبير وشارك بزخم في العديد من البحوث الجادة في أوسع المجلات العلمية انتشاراً وسمعة ليجمع بهذا بين فضيلتي العلم والأدب في هذا الإطار. بدأ "رحمه الله" منذ عام 1403 ه بعقد ندوة ثقافية أسبوعية شاملة يحييها مساء كل أحد عرفت بالأحدية وجعلها ملتقى لأهل العلم والأدب والثقافة الأصيلة حتى شبهها البعض بالجامعة المفتوحة وتتنوع موضوعات هذه الندوة من المحاضرات فى علم الذرة والالكترونيات والليزر والأشعة السينية والنظرية النسبية إلى قضايا فى الاجتماع والاقتصاد والفلسفة والتاريخ والشعر والأدب وتستقطب هذة الندوة نخبة ممتازة من مفكرين وعلماء من المملكة العربية السعودية إلى جانب استضافتها لمشاهير الساسة والفكر والأدب والعلم من مختلف الأقطار العربية ومنهم على سبيل المثال:الشيخ محمد الغزالي، حسن الترابي، فاروق الباز، فيصل الحسينى، سليمان العيسى، فيصل قنصل، عبدالعزيز الرفاعي، روجيه جارودي، محيى الدين صابر، عبد الرزاق قدورة، عبد القادر القط وغيرهم وأصبحت هذه الندوة أحد معالم عاصمتنا الحبيبة الرياض والتي تؤكد أن بلادنا ترعى العلم وأهله. بالإضافة إلى هذا كله شارك د. آل مبارك بالكتابة الجادة في العديد من كبريات الصحف العربية والأجنبية كما أجريت معه مقابلات صحفية وإذاعية وتلفزيونية عديدة كشفت الكثير من خصوبة شخصيته العلمية والفكرية والوطنية. من أبرز صفاته الجود والسخاء وحب النفع للناس والسعي لتيسير أمورهم والكرم، يكره التعصب لرأي ويحترم الرأي الآخر ويسعد في خدمة الناس وحل مشاكلهم له صوت مسموع في جميع المحافل وله أياد بيض كثيرة في أعمال الخير والبناء الاجتماعي ويعرف ذلك من حوله صغيراً كان أو كبيراً وكان "رحمه الله" على تواضعه وبساطته واسع المعرفة كثير الاطلاع غزير الإنتاج.