كنا في العدد السابق رقم 15196 بتاريخ 2/4/1436 قد أشرنا إلى وجود ثمانية فخاخ في حياتنا، وذكرنا منها أربعةً نشير إليها باختصار للتذكير: 1) الفخ الافتراضي: يفترض الفرد منا أن العمر كفيل بتطوير الذات، وأن النمو الذي يرافق الجسد فإنه يحدث تلقائياً للعقل والروح والعاطفة، ومن نتائج هذا الاعتقاد الخاطئ هو أنه يمنع الكثيرين من تطوير ذاتهم. 2) الفخ المعرفي: يحدث نفسه دائماً «أرغب في نمو ذاتي ولكن لا أعرف كيف أنمو؟ وكيف أنطلق؟» فيقف حائراً دون خطوة للأمام!! 3) فخ التوقيت: وهو ما يعرف شرعاً بالتسويف والذي حذرنا منه نبينا المصطفى عليه الصلاة والسلام ومن صوره: تحاور نفسك بأنك تحتاج لتطوير نفسك ولكنك تؤجله لما بعد التخرج.. يكبر الأولاد.. نتقاعد..!! 4) فخ الأخطاء: ما من أحد إلا ويرغب أن يكون هو الأفضل وبلا أخطاء وينسى أن الخبير التربوي لا يكون خبيراً حقيقياً إلا بعد أن يقع في مئات الأخطاء، فالخطأ جزء من منظومة النجاح. واليوم ندعوكم لاستكمال باقي الفخاخ الأربعة: 5) الفخ الخامس: فخ الكمال وهو أن يبحث الفرد منا عن أفضل طريقة ليبدأ مشروعه بصفرية الخطأ، فيذهب به الوقت وهو ينتظر هذا الكمال، بينما الصواب أن يبدأ وستلوح أمامه عدة طرق سيجد من بينها الطريقة الأقرب للمثلى، ويأبى الله إلا أن يتفرد بالكمال، نجد رساماً عالمياً رسم مئات اللوحات ولو دققنا في الجميل والمتميز لوجدناها قليلة جدا، بعض الكتاب ليست كل رواياته إبداعية، وبعض الشعراء ليست كل قصائده جميلة والساحة الشعرية والأدبية تشهد بصدق ما نقول! 6) فخ الإلهام: هو ذاك الانتظار العجيب للمشروع المنفرد الذي قد يذهب العمر في انتظاره ثم لا يأتي- للأسف-، ليس شرطاً أن كل ما نختاره يتفق مع ما نحبه، بشيء من الإبداع وكثير من الاجتهاد ستفتح أمامنا آفاق لعلها المفتاح الصحيح لأحلامنا. 7) فخ المقارنة: لنا مع الآخرين ثلاث أحوال: هناك من هم أقوى منا وأقدر، وهناك من هم متساوون معنا، وهناك من هم أقل منا، هذا الفخ مع فخ الأخطاء هما الأخطر، هل تعرفون أين تكمن قمة الذكاء في تعاملنا مع أحوال الناس الثلاث؟!! إنها تكمن في أن نستفيد ممن هو أقدر منا في كل علم، فنأخذ من الناجح وسائله، ومن المبدعين أسرارهم!! قمة الذكاء أن لا ندمر ذواتنا عندما نقارنها بأفراد تفوقوا، وعلينا أن نؤمن أن في الناس من هو أقدر منا علماً وخبرةً، إنها حكمة الله في خلقه قال تعالى (نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات) لذا يجب أن نتعلم منهم كيف تعلموا؟ وكيف نجحوا؟ وكيف وصلوا؟ إن صورتك الذاتية هي التي تطوقك، فإياك إياك والمقارنة التي تدفعك للاستسلام والإحباط. 8) فخ التوقعات: وهو إحدى المحبطات في حياتنا، نتوقع شيئاً ويحدث لنا شيء آخر، نتوقع نتيجة ما ونرى عكسها، نتوقع المكسب فنجد الخسارة، ونتوقع.. ونتوقع.. ثم نحبط.. ونحبط، التوقعات غير المحسوبة قد تكون فخاً يمنعنا من تطوير ذواتنا، في التجارة دائماً يقال: اسعَ للمكسب ولكن توقع الخسارة واستعد لها!! في الختام: هذه هي الفخاخ الثمانية تعلمت دروسها من أكاديمية الإبداع وهنا تطل علينا الأخت/ فاطمة السليطي- إحدى أعضاء الأكاديمية– بهذا التعليق: الفخاخ الثمانية ما هي إلا مهارات حياتية لم نجد من يبصرنا بها ولم نسع نحن أيضاً للاستفادة من خبرات الآخرين، وما نحن إلا سلسلة متداخلة: فأبي يعلمني وأنا أنقل الخبرة لابني وهو بدوره يكمل السلسلة والأسرة تنقلها للمجتمع فهي ثقافة متوارثة، في البلدان المتقدمة لديهم تصور واضح لما هم عليه الآن ولما ينبغي أن يكونوا عليه مستقبلاً، هم يغرسون هذا في نفوس أبنائهم منذ الصغر (انتهى). يبقى لي أن أقول: شكراً لهذه الأكاديمية التي جمعتني بصفوة التربية والتعليم، وشكراً للمشرف الفاضل الدكتور/ مسفر القحطاني الذي لا يدخر جهداً في تقديم كل ما هو مفيد ومتميز في شتى العلوم والمعارف فجزاه الله عنا كل خير. * خبيرة إدارية- تربوية