أكدت موهوبات من ذوات الاعاقة السمعية في برلمان « اليوم » على أهمية اكتشاف مواهب وقدرات المعاقات سمعياً عبر تبني عدد من البرامج والخطط الموجهة حتى يتمكن من العمل والإنتاج أسوة بزملائهن من العاديين. وأكدن بأن الدولة لديها خطط طموحة تضمن مستقبل ذوي الاحتياجات الخاصة مطالبات بالمزيد خاصة أنهن يملكن من المهارات والقدرات والإصرار مما لم تضعفه كونهن من فئات التربية الخاصة وأنه من حقهن مواصلة الدراسة واكمال الدراسات العليا متى ما توفرت لهن الظروف المناسبة . ورفضن في ختام البرلمان نظرة الشفقة التي يشاهدنها من المجتمع، وأنهن لا يقبلن أن يكن أقل من غيرهن في العمل أو المشاركة المجتمعية . لطيفة الملحم : بداية أرحب بكن في هذه السلسلة من البرلمانات التي تعقدها دار «اليوم» للصحافة والإعلام ، كما أنقل لكن تحيات رئيس التحرير الأستاذ محمد الوعيل، الذي يسعد بوجود فتيات موهوبات من ذوات الإعاقة السمعية اللاتي امتلكن القدرة في اقتحام الصعوبات والوصول إلى مستوى من الإبداع والتميز، وأنقل لكم تحيات مدير مكتب «اليوم» بالأحساء الزميل عادل الذكر الله، وشكره لكن على تلبية الدعوة، ولعلي أنطلق من أول تساؤلاتي: كيف تم اكتشاف عوق السمع ، وما هي مبادراتكن ؟ أم هاجر المطاوعة: اكتشفت العوق السمعي لدى ابنتي بعد مرور عام من ولادتها، حيث لاحظنا عدم سماعها للأصوات من حولها وكثرة النوم، وبعد مراجعة المستشفى لم يتم فحصها بشكل مناسب، مما ادى إلى قلق داخل العائلة، و أكد الطبيب بعدم قابلية هاجر للتعليم وعدم القدرة على ممارسة الحياة اليومية بشكل مناسب بسبب عطل في العصب السمعي ولا يمكن علاجه. أم مريم البوعبدي : لعلي أشير بأنه منذ بداية ولادة مريم وهي تعاني من متاعب صحية ، وأجرت العديد من العمليات الشديدة خلال فترة الطفولة، ولم تكن مريم ابنتي الوحيدة المعاقة سمعياً بل كان لدي 4 فتيات معاقات سمعياً، ومنذ ولادة مريم تم تشخيصها بأنها معاقة سمعياً ولا تستطيع ادراك الاصوات من حولها. أم زينب العلي: تعرضت ابنتي في طفولتها لسقوط من مكان مرتفع وخلال هذه الفترة أصبحت تعاني زينب من تأخر شديد في النطق بالإضافة إلى كثرة النوم وتم إحالتها للمستشفى ولم يتم فحصها بشكل مناسب و كانت المستشفيات في ذلك الوقت تفتقر الى التخصص في الإعاقات السمعية وأخبرنا الطبيب بأن زينب لا تستطيع اكمال مسيرة حياتها بشكل مناسب. أم كوثر المطاوعة : لم نكتشف العوق السمعي منذ البداية، ومع مرور الوقت اصبحت كوثر تعيش في عالم منفرد لا تستمع للمناداة ولا تستجيب لأي صوت وبعد احالتها لمستشفى الملك فهد ومستشفى الجبر تم إبلاغنا عن إعاقتها السمعية وعدم قدرة كوثر على التعلم في التعليم العام. أم مريم الباطنين : أشير إلى عدم توفر مستشفيات ذات دقة عالية في اكتشاف عوق السمع، فأغلب الاطباء يواجهون صعوبة في تحديدها وبالتالي يكون هناك تأخير في تحديد عوق السمع، فبعض من حالات عوق السمع بحاجة إلى جراحة لتحسين مستوى السمع ولكن التأخر في تحديد المستوى يحول دون القيام بتحسينه.
لطيفة الملحم : هل قدمت جمعيات المعاقين دعماً لذوي الاعاقة السمعية من خلال توفير الاجهزة والإمكانيات المتاحة لهن ؟ أم مريم البوعبدي : في السابق لم يكن المجتمع على دراية كافية بصرف السماعات لذوي الاعاقة السمعية، وفي الوقت الراهن فإن جمعيات المعاقين تبحث عن السماعات الاقل جودة و الاقل سعراً وأضيف على ذلك عدم ملائمة السماعة وتناسبها و نوعية الاعاقة ، لذا نضطر لشراء السماعات وغالبا ما تكون أسعارها باهظة تقارب 3 آلاف ريال، علما ً بأنه لدي 4 معاقات وهذا يكلفني الكثير من المبالغ المالية التي تصل ل 16 ألف ريال. لدى الطالبات طموح لإكمال دراستهن الجامعية الأمر الذي يحقق مكسبا لهن ، وإهمالها هدر لثروة بشرية ثمينة فتوجهنا إلى طريقة أخرى تتيح لنا الاستفادة من هذه الثروة بدلا من إهمالها حتى تضمحل
أم زينب العلي: جمعيات المعاقين تقدم العديد من المساعدات ولكن بالنسبة لتوفير السماعات الخارجية، إلا أنها لا توفر السماعات الملائمة لدرجة الاعاقة، ويتبين ذلك عندما تستخدم السماعة فإن زينب تشعر بعدم الارتياح لعدم ملائمتها لأذنها. أم هاجر المطاوعة : لم أعلم بأن جمعيات المعاقين تقدم كافة الخدمات لذوي الاعاقة السمعية وحسب ما يقال أن الجمعيات تعمل دراسة حالة لدى الأسر وعند الشعور بعدم قدرة الاسر على توفير السماعة تبادر في مساعدتها. لطيفة الملحم : ماذا منحت الدولة للمعاق عن طريق الشؤون الاجتماعية ومركز التأهيل الشامل؟ أم مريم البوعبدي : لم تقدم الدولة ما يسد احتياجات ابنتي, حيث يصرف مركز التأهيل الشامل اعانة 800 ريال كل شهر فقط حسب شروط معينة منها عدم زواج الفتاة المعاقة وعدم توظيفها في أي نطاق حتى تتوافق عليها الشروط وتستحق الاعانة. أم كوثر المطوع : لم تمنح الدولة ما يضمن مستقبل فتياتنا، و لم توفر لهن ما يحقق بعض رغباتهن، فمجرد الحصول على الاعانة لم يخدم ابنتي بشيء، فنحن نعيش في قلق فقد تم ابلاغنا بصرف اراض للمعاقين ولكن لم يتم ذلك. أم زينب العلي : كل مريض مسجل في مركز التأهيل الشامل يستحق منحة ارض وكل ما عليه هو الذهاب لمركز التأهيل ويأخذ معه بطاقه الاعانة او بطاقة الاحوال والمركز يرسل طلب منحه للأمانة ومن بعدها تراجعها الامانة ولكن وفق «شروط معينة» حيث ينتظر المعاق السنين الطوال للحصول على هذه الاعانة ولكن بدون جدوى.
أم هاجر المطاوعة : نسمع عن العديد من الخدمات الخاصة بالمعاقين ولكن عند النظر إليها بجدية تامة تختفي نهائياً، فالمعاق بحاجة إلى من يضمن له مستقبله من ناحية تطوير مهاراتهم وتوفير وظيفة تلبي احتياجاتهم، وما تقدمه الدولة معونات تصل ل 800 ريال كل شهر لا يصل لنصف مبلغ السماعات. لطيفة الملحم : هل حقق دمج الفتيات من فئة الاعاقة السمعية داخل المدارس الأهداف المرسومة منه ؟ أم مريم البوعبدي : الدمج هو إتاحة الفرص لذوي الإعاقة السمعية للانحراط في نظام التعليم الخاص كاجراء للتأكيد على مبدأ تكافؤ الفرص في التعليم، وبشكل عام لمواجهة الاحتياجات التربوية الخاصة للمعاقين سمعيا ضمن اطار المدرسة العادية ووفقا لأساليب ومناهج ووسائل دراسية تعليمية ويشرف على تقديمها جهاز تعليمي متخصص اضافة الى كادر التعليم في المدرسة العامة. أم زينب العلي: يقصد بها الاقلال بقدر الامكان من عزل الاطفال ذوى الاحتياجات الخاصة وذلك بدمجهم قدر الامكان بالأطفال العاديين فى الفصول والمدارس العادية، مع تقديم خدمات التربيه الخاصة والخدمات المساندة، ولابد أن تكون هناك مبادرة من التربية العادية في أن يقوم معلمو المدارس العادية بتعليم الاطفال ذوي الاحتياجات الخاصة فى الفصول العادية والمدارس العادية مع تقديم الاستشارات من المختصين فى التربيةالخاصة فهذا يساهم في نجاح وتطوير قدرات فتيات الاعاقة السمعية بشكل كبير ولكن يجب النظر في تعديل مناهج ذوي الاعاقة السمعية ، فمنهج فتيات في الصف الثالث الثانوي يقارب مناهج العاديين من الصف السادس ابتدائي رغم سلامة عقول الفتيات ورغبتهن في التعليم بشكل أكبر . أم كوثر المطوع : يساهم الدمج في اعطاء الفرص للمعاقين للاندماج في مختلف انشطة وفعاليات المجتمع وتسهيل مهمتهم في ان يكونوا اعضاء فاعلين ويضمن لهم حق العمل باستقلالية وحرية التنقل والتمتع بكل ما هو متاح في المجتمع من خدمات، كما يحقق الفرص لجميع الاطفال المعاقين للتعليم المتكافىء والمتساوي مع غيرهم من الاطفال. أم هاجر المطاوعة : لابد قبل أن يتم الدمج في المدارس العادية أن يسبق ذلك تغيير في المناهج بشكل يلائم قدرات الفتيات من ذوات الإعاقات السمعية إلى جانب تسهيل بعض المصطلحات التي تختلف عن العاديين بسبب قصور اللغة لديهم، والدمج يحقق التقليل من الكلفة العالية لمراكز التربية المتخصصة . وكذلك التقليل من الفوارق الاجتماعية والنفسية بين الأطفال أنفسهم وتخليص الطفل وأسرته من الوصمة التي يمكن أن يخلقها وجوده في المدارس الخاصة وإعطاؤه فرصة أفضل ومناخا أكثر تناسبا لينمو نموا أكاديمياً واجتماعيا ونفسيا سليما إلى جانب تحقيق الذات عند الطفل ذي الاحتياجات الخاصة وزيادة دافعيته نحو التعليم ونحو تكوين علاقات اجتماعية سليمة مع الغير وتعديل اتجاهات الأسرة وأفراد المجتمع.
أم مريم الباطنين : إن دمج الطفل من ذوي الاحتياجات الخاصة مع الأطفال العاديين يساعد هؤلاء في التعرف على هذه الفئة من الأطفال عن قرب وكذلك تقدير احتياجاتهم الخاصة وبالتالي تعديل اتجاهاتهم وتقليل آثار الوهم السلبية من قبل الأطفال الآخرين ، والمدرسة من أفراد العائلات الأخرى ومن غير المعاقين ووضع الأطفال في ظروف ومناخ تعليمي أكثر إدماجاً واقل تكلفة وتوفر تعليماً فردياً حيث إن دمج الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة في المدارس العامة. لطيفة الملحم : من أين استقيتن فكرة برنامج « بيدي أطلق موهبتي» وكيف كانت بدايتها ؟ مها النعيم: إن البرنامج استوحى من فكرة رئيس التربية الخاصة من الموهوبين الدكتور سميحان الرشيدي حيث كانت عبارة عن فكرة في اكتشاف موهبة لذوي الاحتياجات الخاصة، نهدف من خلالها إلى إقامة البرنامج في إعداد وتأهيل ذات المجالات التخصصية من شأنها ترعى وتؤهل الفتيات ذوات الاعاقة السمعية للعمل والإنتاج بما يتلاءم مع مواهبهن. لطيفة الملحم : ما هي الوسائل المعنية لبروز الموهبة في برامج الموهوبين ؟ وجدان الملا : عندما نتحدث عن قضية ابراز الموهوبات ومواهبهن لابد ان نشير لنوعين من الرعاية ، أولا رعاية الجوانب المعرفية لدى الموهوبة وكذلك الجوانب الشخصية والاجتماعية، ولعلنا في برنامجنا ركزنا على الأخير أكثر لأن بتحققه يرتفع مستوى التعلم والاكتساب المعرفي. لطيفة الملحم : لماذا تم اختيار فئة المعاقين سمعياً من ذوي الموهبة في برنامج «بيدي أطلق موهبتي»؟
دلال الهديب: منطلق توجهنا لاكتشاف مواهب المعاقين سمعيا هو كون هذه الفئة الأقل حظا في الرعاية والاهتمام فلا يوجد الكثير من المبادرات لرعاية هذه الفئه فتتوقف رعايتها عند الانتهاء من المرحلة الثانوية فلا تحظ كمثيلاتها من الاعاقات الاخرى كالبصرية و الحركية بفرصة التعليم الجامعي وكما نعلم انه لا يمكنهن سماع المحاضرات و متابعتها بالاضافة إلى عدم توفر مترجمي لغة اشارة بالجامعات على الرغم من انه يوجد من بينهن من تستحق إكمال الدراسة الجامعية، و الدراسات العليا أيضا فمعظمهن حققن نسباً عالية في شهادة الثانوية العامة. وإكمال دراستهن الجامعية يحقق مكسبا كبيرا للدولة و إهمالها هدر لثروة بشرية ثمينة لذلك توجهنا إلى طريقة أخرى تتيح لنا الاستفادة من هذه الثروة بدلا من اهمالها حتى تضمحل و تخبو لذلك فكرنا ان نقحمهن بسوق العمل لتفجير الطاقات الكامنة التي بداخلهن ليستفيد المجتمع و يرتقي بما تنتجه أيديهن من هنا انطلقنا انا وزميلاتي لمحاولة الكشف عنهن وتقديم رعاية تلائم احتياجاتهن المهنية وتأهيلهن بما يتناسب مع متطلبات سوق العمل ووفق قدراتهن، وتم اختيار شعار «بيدي أطلق موهبتي» كون اليد هي منطقة الانطلاق لدى المعاقين سمعياً ومن خلالها يستطعن الابداع والتميز وإزالة جميع العقبات أمامهن. رؤى العبد الهادي : أناشد صاحب الأيادي الكريمة الملك عبدالله أن يمد عطاءه بالأمر بتفعيل دور المؤسسات ذات العلاقة بالموهبة في اكتشاف مواهب ذوي الاحتياجات الخاصة عموما فلا يقتصر مسمى الموهبة على من سلم جسده فقط ، كما أناشد المسؤولين بسرعة الاستجابة للأمر الملكي بإتاحة الفرصة للمعاقين سمعيا سواء ذكورا او إناثا بإكمال دراستهم الجامعية وتخصيص مترجمي لغة اشارة و مقررات تناسب مستوى تحصيلهم اللغوي فقد ندفن مواهبنا بأيدينا، وأناشد أصحاب الشركات والمؤسسات والمدارس والمشاغل بالاستجابة لامنياتهن بالحصول على وظائف تتلاءم مع قدراتهن علما بأن توظيف شخص واحد في الموارد يعادل اربعة أشخاص و أؤكد على ضرورة المبادرة بفتح مراكز تعنى بتأهيل ذوي الإعاقة السمعية تأهيلا مهنيا يلائم مواهبهم في المجالات الفنية او الحرفية. لطيفة الملحم : ما هي الصعوبات التي واجهت القائمين على برنامج « بيدى أطلق موهبتي «؟ دلال الهديب : إن من أكثر الصعوبات التي واجهتنا في بداية البرنامج هي اختيار الفئة العمرية المناسبة للفتيات، كما لا توجد هناك جهة رسمية تتبنى البرنامج وتساهم في اطلاقه بكافة الامكانيات وخصوصاً في تنمية الموهبة لدى فئة المعاقين سمعياً إلى جانب الحصول على مترجمة للغة البيئية و اللغة العلمية التابعة للقاموس الإشاري بالإضافة إلى عدم توفير مقاييس مخصصة تقيس قدرات هذه الفئة . رؤى العبد الهادي: عدم توفير اختبارات ومقاييس تمكن من الحكم مباشرة على امتلاك الموهبة لدى الفتاة, فاختبارات الذكاء تنحصر لدى فئات معينة من ذوي الاعاقة. لطيفة الملحم : هل نظرة المجتمع نحو المعاق ساهمت في التقليل من دوافع المعاق و إحباط قدراته ؟ مريم البوعبدي : نال مجال الإعاقة اهتماما بالغا من جميع النواحي بسبب اقتناع المجتمعات بأن ذوي الاحتياجات الخاصة كغيرهم من أفراد المجتمع لهم الحق في الحياة وفي النمو، ارتبط هذا الاهتمام بتغيير النظرة المجتمعية تجاههم وعن اعتبارهم عالة اقتصادية على مجتمعاتهم إلى اعتبارهم جزءاً من الثروة البشرية ولكن نحن بحاجة إلى تنمية قدراتنا وتحقيق القدر الأكبر من مطالبنا واحتياجاتنا، فإعاقتنا تفرض علينا حاجات اجتماعية ونفسية وتربوية وطبية واقتصادية خاصة لا يمكن إشباعها إلا بواسطة تأهيل شامل والوقوف على الآثار السلبية التي تعيق دمجنا في المجتمع، ويظهر هذا التأثير عندما تتدخل مجموعة من العوامل الاجتماعية والنفسية والاقتصادية والتربوية في بعض جوانب حياة الفرد ومنها نظرة المجتمع السلبية وهي عدم قدرة المعاق على الابداع والتطور ، كذلك النظرة البائسة لدى بعض الاشخاص عندما ينظر إلينا فنحن لدينا قدرات ومواهب لا يمتلكها الاشخاص العاديون .