لمدة 3 سنوات، اعتمد البنك الوطني السويسري بنجاح على عملته، ببيعه الفرنك في أي وقت هدد بالارتفاع كثيرا فوق المستوى المريح لشركات التصدير السويسرية. لكن قبل فترة البنك تخلى عن تلك السياسة، محرضا لما يشابه لأعمال شغب في سوق العملة ومحطما لشركات السمسرة للبيع بالتجزئة من نيويورك إلى نيوزيلندا. وفي حين أن ضحايا الاضطرابات يتأملون فيما إذا كان صناع السياسة السويسرية أشخاصا غير مسؤولين أو أنهم فقط يفتقرون إلى الكفاءة، يعتبر حجم الضرر الحاصل بمثابة تذكير جاء في الوقت المناسب بأن العدوى تعتبر دائما أمرا لا يمكن التنبؤ به، وأن الأسواق تخطئ دائما، وأن المتداولين، عندما يشتمون رائحة الربح، يمكنهم التفوق على المصارف المركزية. يبدو جميع محللي العملة بأنهم يفترضون أن البنك المركزي السويسري، بعد تخليه عن سقفه بحدود 1.20 يورو مقابل الفرنك، يتوقع استقرار عملته عند حوالي 1.10 او حتى 1.15 لليورو الواحد، وبدلا من ذلك، يتم تداول الفرنك بشكل متكافئ مع اليورو- ما يشكل ضربة مذهلة لشركات التصدير. إذا كان البنك المركزي يعتقد أنه في نفس الوقت الذي يقوم فيه بتخفيضه الفائدة على الودائع إلى سالب 0.75% قد يردع مشتري الفرنك - أطلق رئيس البنك الوطني السويسري ثوماس جوردان على المعدلات السلبية اسم «أداة قوية جدا»- فإنه كان مخطئا بشكل كبير. قال جوردان أيضا إن الأسواق تميل إلى المبالغة في ردودها الانفعالية حيال المفاجآت، وإن الوضع سيصحح نفسه بنفسه على مر الزمن. ربما. لكن هذا الأمر فيه درس لكل من صانعي السياسات في أمريكا وأوروبا. بحلول الربع الثالث من هذا العام، من المتوقع لمعدل الفائدة لدى المصرف الاحتياطي الفيدرالي البالغة 0.25% أن تتضاعف على الأقل، وفقا لخبراء الاقتصاد الذين شملهم استطلاع بلومبيرج نيوز. يمتلك المصرف الاحتياطي بالفعل فكرة عن ماهية أثر السوق: ما يسمى بنوبة غضب الانسحاب التدريجي في شهر مايو لعام 2013، عندما اقترح رئيس المصرف الاحتياطي الفيدرالي آنذاك بين برنانكي لأول مرة بأن برنامج الولاياتالمتحدة لشراء السندات قد يتراجع أو ينخفض، شهد العوائد على السندات لأجل عشر سنوات تقفز بنصف نقطة مئوية في أربعة أسابيع لينهي الشهر بنسبة 2.13%. هنالك خطر، رغم ذلك، بأن هذا المرة، بعد الإشارة إلى احتمال حدوث تغيير مقدما، سيكون صناع السياسات راضين حول ردة فعل السوق المحتملة. وهذا ما حصل في عام 2008 عندما أفلس بنك ليمان براذرز. لقد أقنع مسؤولو وزارة الخزانة أنفسهم بأن الأزمة المالية ظهرت بوادرها منذ فترة طويلة تكفي لقيام المشاركين بتحصين أنفسهم لحمايتها من الانهيار، وبدلا من ذلك، أوجد قرارهم السابق بالمساهمة بمبلغ 29 مليار دولار، حتى يتمكن بنك جيه بي مورجان من إنقاذ بنك بير ستيرنز، شعورا زائفا من الأمن حول مدى مساهمة الحكومة في دعم النظام المالي. في منطقة اليورو، هنالك خطر مشابه، رغم أنه آخذ بالتقلص، حول احتمالية قيام اليونان بالخروج من العملة المشتركة. تقدم بنكان يونانيان بطلب تمويل طارئ من البنك المركزي الوطني. وهذا قد يكون بمثابة إشارة إلى أن المودعين يقومون بسحب أموالهم بمعدل ينذر بالخطر. (لقد قاموا فعليا بسحب 3 مليارات يورو في ديسمبر، تاركين حوالي 161 مليار يورو في النظام المصرفي المحلي). نظرا لأن اليونان كانت في حالة اقتصادية منذ فترة طويلة، لن يكون المستثمرون مندهشين إذا كانت المعركة بين الحكومة الجديدة ودائني اليونان تؤدي إلى خروجها من عملة اليورو أو أن يتم طردها من اليورو. ربما قد لا تتعرض الدول الأخرى الضعيفة في العملة المشتركة للأذى بسبب ما يسمى بخروج اليونان. مرة أخرى ربما. لكن خطر العدوى الذي يجتاح كما النار في الهشيم في منطقة اليورو يعد خطرا هائلا للمقامرة. لذا عندما يقوم المصرف الاحتياطي الفيدرالي بالتأمل في الآثار المحتملة جراء رفع أسعار الفائدة، أو عندما يقرر السياسيون الألمان فيما إذا كانوا يودون الدخول في لعبة صعبة مع القادة اليونانيين الجدد المناهضين للتقشف، ينبغي عليهم دراسة ما قد حدث للفرنك السويسري بعد القرار الأخير للبنك المركزي السويسري. ربما قد يساعدهم ذلك في تجنب القيام بأي شيء قد يندمون عليه بعد ذلك.